القاعدة السادسة والعشرون …
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :
*من أتلف شيئًا لدفع أذاه له؛ لم يضمنه، وإن أتلفه لدفع أذاه به؛ ضمنه.*
وتحرير هذه القاعدة يقوم على ضبط قاعدتين :
الأولى : فرقٌ بين الإكراه على الشيء، وبين دفع الإكراه بالشيء.
الثانية : فرق بين دفع أذى الشيء، ودفع الأذى بالشيء.
فالإكراه على الشيء، ودفع أذى الشيء لا ضمان فيهما .
وأما دفع الإكراه بالشيء، ودفع الأذى بالشيء ففيها الضمان.
وقاعدة الإكراه :
أن يكون الضرر الواقع عليك أعظم من الضرر الصادر منك.
علما بأن القاعدة في ذلك : لا يجوز الدفع بالأغلظ ، مع إمكان الدفع بالأسهل.
قال ابن رجب :
ويتخرج على ذلك مسائل :
منها : لو صال عليه حيوانٌ آدميٌّ أو بهيم، فدفعه عن نفسه بالقتل؛ لم يضمنه.
ووجه : أنه دفع أذى الشيء ، ولم يدفع الأذى بالشيء.
ودليل القاعدة - الأم - حديثان :
الأول : حديث : أن رجلاً عض أخاه فنزع يده فسقطت ثناياه ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :( يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية لك ).
ففيه دليل : على أن من دفع أذى الشيء لا ضمان عليه.
والثاني:: حديث كعب بن عجرة : أنه جيء به والقمل يتحات من رأسه ، فقال :( ما كنت أظن أن الأذى بلغ بك هذا المبلغ : احلق رأسك وأطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع ).
ففيه دليل : على دفع الأذى بحلق الشعر فكان عليه الفدية .
وبناء على ذلك : لو أجبر المحرم على لبس المخيط ونزع ثوب الإحرام : لم يكن عليه فدية .لكونه دفع أذاه فلا ضمان عليه.
بخلاف : إذا لم يجبر على نزع ثياب الإحرام ولبس المخيط، وإنما قيل له : لا تعبر حتى تلبس المخيط وتنزع ثياب الإحرام ، ففعل فعليه فدية فعل المحظور، لكونه دفع الإكراه بلبس المخيط .
والله أعلم .
محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
كتبها عنه تلميذه : محمد بن شامان العتيبي.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق