بسم الله الرحمن الرحيم
(فقه آيات الأحكام 3)
في يوم الأربعاء، الموافق ١٤٤٤/٧/١٠ من الهجرة.
——————————————————
قال تعالى: ﴿وَالَّذينَ يَرمونَ أَزواجَهُم وَلَم يَكُن لَهُم شُهَداءُ إِلّا أَنفُسُهُم فَشَهادَةُ أَحَدِهِم أَربَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقينَ وَالخامِسَةُ أَنَّ لَعنَتَ اللَّهِ عَلَيهِ إِن كانَ مِنَ الكاذِبينَ وَيَدرَأُ عَنهَا العَذابَ أَن تَشهَدَ أَربَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الكاذِبينَ وَالخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيها إِن كانَ مِنَ الصّادِقينَ وَلَولا فَضلُ اللَّهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوّابٌ حَكيمٌ ﴾. [النور: ٦-١٠].
——————————————————
سبب النزول:
مارواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال:« أنَّ هِلالَ بنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بشَرِيكِ ابْنِ سَحْماءَ، فقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: البَيِّنَةَ أوْ حَدٌّ في ظَهْرِكَ، فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إذا رَأَى أحَدُنا علَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ! فَجَعَلَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: البَيِّنَةَ، وإلَّا حَدٌّ في ظَهْرِكَ، فقالَ هِلالٌ: والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ إنِّي لَصادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ ما يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وأَنْزَلَ عليه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}، فَقَرَأَ حتَّى بَلَغَ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 6 - 9]. فانْصَرَفَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأرْسَلَ إلَيْها، فَجاءَ هِلالٌ فَشَهِدَ، والنَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أنَّ أحَدَكُما كاذِبٌ، فَهلْ مِنْكُما تائِبٌ؟ ثُمَّ قامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كانَتْ عِنْدَ الخامِسَةِ وقَّفُوها، وقالوا: إنَّها مُوجِبَةٌ، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ ونَكَصَتْ، حتَّى ظَنَنَّا أنَّها تَرْجِعُ، ثُمَّ قالَتْ: لا أفْضَحُ قَوْمِي سائِرَ اليَومِ، فَمَضَتْ، فقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أبْصِرُوها؛ فإنْ جاءَتْ به أكْحَلَ العَيْنَيْنِ، سابِغَ الألْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ؛ فَهو لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْماءَ، فَجاءَتْ به كَذلكَ، فقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَوْلا ما مَضَى مِن كِتابِ اللَّهِ لَكانَ لي ولَها شَأْنٌ».
——————————————————
- قوله تعالى:﴿ وَالَّذينَ …﴾: وهي اسم موصول. والقاعدة فيها:
1/ قاعدة: الاسم الموصول يفيد العموم.
- موضعها من الآية. :(وَالَّذينَ).
- قوله تعالى:﴿ وَالَّذينَ يَرمونَ أَزواجَهُم ﴾: أي: يتهمون أزواجهم بالفاحشة، وهذا رمي من الزوج لزوجته بالزنا فهو مستثنى من حكم ما إذا كان أجنبي يرمي امرأة بالزنا فعليه أن يأتي بأربعة شهداء، قال تعالى: ﴿وَالَّذينَ يَرمونَ المُحصَناتِ ثُمَّ لَم يَأتوا بِأَربَعَةِ شُهَداءَ فَاجلِدوهُم ثَمانينَ جَلدَةً وَلا تَقبَلوا لَهُم شَهادَةً أَبَدًا وَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ ﴾ [النور: ٤]. فيترتب على قوله إذا لم يأت بأربعة شهداء:
1. يجلد ثمانين جلدة.
2. ولا تقبل له شهادة أبدًا.
3. ويحكم بفسقه.
والرمي في الآية: هو الاتهام بالزنا، ويقاس عليه اللواط؛ لأمرين اثنين:
1. لأنها فاحشة.
2. ولأن اللواط أعظم من الزنا، فعقوبته قيل أنها كعقوبة الزنا، وقيل أنه يرمى من أعلى شاهق فيموت، وقيل أنه يقتل بأي نوع من أنواع القتل؛ لحديث:«مَنْ وجدتُموهُ يعملُ عملَ قومِ لوطٍ ، فاقتلوا الفاعلَ والمفعولَ بهِ»، وفي صحة الحديث نظر، ولهذا فالصحيح وهو مذهب الحنابلة أن عقوبته كعقوبة الزاني.
وعلى فرض أن اللواط ليس كالزنا إلا أنه يحمل عليه؛ وذلك لقاعدة وهي:
2/ قاعدة: المطلق يحمل على المقيد.
- موضعها من الآية. :(سبق).
- العلاقة بينهما: اتحاد الحكم، وهو موجب لحمل المطلق على المقيد.
والرمي بالزنا من الزوج لزوجته إذا كان الزواج صحيحاً فله ذلك، أما لو كان عقد الزواج غير صحيح وباطل، فإنها لاتكون زوجة له، لقاعدة:
3/ قاعدة: العبرة بالمنظور لا بالمنتظر.
- موضعها من الآية. :(سبق).
- العلاقة بينهما: فمتى ماثبتت الزوجية ووجد الرمي بالفاحشة ثبت حكم اللعان، وما لا فلا.
فتثبت العلاقة الزوجية بأمرين:
- إما بالعقد الصحيح.
- وإما بعقد فيه شبهة، كأن يظنها زوجة له وإن كانت المسألة فيها خلاف بين أهل العلم كنكاح الشغار، فمنهم من يراه فاسد، ومنهم من يراه باطلاً، فالباطل: ما اختلف العلماء على عدم صحته، والفاسد: ما اختلف العلماء في صحته.
والقاعدة : كل من فعل شيئاً بتأويل سائغ فلا إنكار عليه.
بناء على ظنه لكونه مجتهداً ممن له الاجتهاد، أو مقلداً لمن يجوز له تقليده عند عدم علمه .
3/ قاعدة: العبرة بالمنظور لا بالمنتظر.
- موضعها من الآية. :(والذين يرمون أزواجهم).
- العلاقة بينهما: فإن لم تكن زوجة له، او كانت زوجة له ولكنه طلقها وانتهت عدتها فهي ليست زوجة له ، فإنه في هذا الحالة يجب عليه أن يأت بأربعة شهود وإلا أقيم عليه حد القذف.
——
واللعان هل يكون من الزوجة؟
الجواب: أنه لا يكون إلا من الزوج؛ لأسباب:
1. أن الآية وردت في الأزواج،
2. أن للعان صورة معينة، فيرمي الزوج ثم تنفي الزوجة.
3. أن الاصل إقامة البينة من الراوي أو الحد، ولا نخرج عن الاصل إلا بدليل.
4. ولأن الذي يلحقه النسب والولد هو الزوج.
وأما كونه من أمه فهو ملحق بها مطلقاًبكونها أماً له.
- قوله تعالى:﴿ وَلَم يَكُن لَهُم شُهَداءُ إِلّا أَنفُسُهُم ﴾: يعني لم يكن عندهم شهداء تكفي لإقامة الحد، فلابد أن يكون هؤلاء الشهداء أربعة ذكوراً وأن يصفوا الحدث حتى يتبين لهم أن هذا الأمر وقع فعلاً.
وذلك حتى لا يظن أنه فعل فعلاً لا يقتضي الحد، فيتوهم أنه موجب للحد وهو ليس كذلك .
- قوله تعالى:﴿ فَشَهادَةُ أَحَدِهِم أَربَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصّادِقينَ ﴾:
فيقول الزوج: أشهد بالله أني صادق، أنها زانية، أربع مرات، وإن كانت حاضرة أشار اليها، وإن لم تكن حاضرة سمّاها باسمها.
- قوله تعالى:﴿ وَالخامِسَةُ أَنَّ لَعنَتَ اللَّهِ عَلَيهِ إِن كانَ مِنَ الكاذِبينَ ﴾:
والشهادة الخامسة يقول الزوج فيها: وأن لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين.
- قوله تعالى:﴿ وَيَدرَأُ عَنهَا العَذابَ أَن تَشهَدَ أَربَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الكاذِبينَ وَالخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيها إِن كانَ مِنَ الصّادِقينَ ﴾: أي: ويدفع عنها الحد أن تشهد أربعة شهادات أنه من الكاذبين، والخامسة ان غضب الله عليها إن كان من الصادقين، فإن لم تشهد بذلك أقيم عليها حد الزنا.
——————————————————
قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذوا بِطانَةً مِن دونِكُم لا يَألونَكُم خَبالًا وَدّوا ما عَنِتُّم قَد بَدَتِ البَغضاءُ مِن أَفواهِهِم وَما تُخفي صُدورُهُم أَكبَرُ قَد بَيَّنّا لَكُمُ الآياتِ إِن كُنتُم تَعقِلونَ ها أَنتُم أُولاءِ تُحِبّونَهُم وَلا يُحِبّونَكُم وَتُؤمِنونَ بِالكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقوكُم قالوا آمَنّا وَإِذا خَلَوا عَضّوا عَلَيكُمُ الأَنامِلَ مِنَ الغَيظِ قُل موتوا بِغَيظِكُم إِنَّ اللَّهَ عَليمٌ بِذاتِ الصُّدورِ ﴾. [آل عمران: ١١٨-١١٩]
——————————————————
سبب النزول:
قيل : إنها نزلت في المؤمنين الذين اتخذوا اليهود والنصارى أولياء وأصفياء، وقيل إنها نزلت في المؤمنين الذين اتخذوا المنافقين أولياء وأصفياء،.
وهذه الآية فيها الوالاء والمعاداة لا تكون إلا في الله ولله،
والناس في الولاء والبراء ينقسمون إلى أقسام:
1. منهم من يحبون مطلقاً: وهم من أحبهم الله، فنحب نحن من أحبه الله، ونبغض من أبغضه الله، فنحب الرسول ﷺ، ونحب جبل أحد لقوله ﷺ« فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قالَ: هذا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا ونُحِبُّهُ». ونبغض أبا جهل وابا لهب وفرعون وهامان وقارون، ومن ابغضهم الله من الكافرين.
2. ومنهم من نحبه لإيمانه بالله، ومن نبغضه لعصيانه.
بمعنى : نحبه بقدر ما فيه من الإيمان ، ونبغضه بقدر ما فيه من العصيان الظاهر .
3 - ومنهم من نبغضه مطلقاً، لأن الله تعالى يبغضه.
فنبغض الكافرين، وأعداء الملة والدين، ونبغض فرعون وهامان وقارون .
——————————————————
- قوله تعالى:﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذوا بِطانَةً مِن دونِكُم ﴾.
البطانة: أصلها: ما يلي الجسد للثوب، بخلاف الظاهر، والمراد: مايلي الانسان من الاصفياء والأولياء، (من دونكم): أي من غيركم، فالا يجوز أن يتخذ الانسان الكافرين وأعداء الدين بطانة له،
- قوله تعالى:﴿ لا يَألونَكُم خَبالًا ﴾ : أي لا يقصرون في إيقاع الشر والفتنة والفساد بكم، والخبال: هو الشر والفساد.
- قوله تعالى:﴿ وَدّوا ما عَنِتُّم ﴾: أي يحبون كل شيء يشق عليكم ويوقعكم في الضرر.
- قوله تعالى:﴿ قَد بَدَتِ البَغضاءُ مِن أَفواهِهِم وَما تُخفي صُدورُهُم أَكبَرُ قَد بَيَّنّا لَكُمُ الآياتِ إِن كُنتُم تَعقِلونَ ﴾: بدت: أي ظهرت، إن كنتم تعقلون ما بيناه لكم.
- قوله تعالى:﴿ ها أَنتُم أُولاءِ تُحِبّونَهُم وَلا يُحِبّونَكُم ﴾: أي: أنكم تظهرون لهم المحبة والخير، وهم بعكس ذلك.
- قوله تعالى:﴿ وَتُؤمِنونَ بِالكِتابِ كُلِّهِ ﴾: أي تؤمنون بالكتاب الذي أنزل إليكم وأنزل إليهم.
——————————————————
قال تعالى: ﴿لا يَتَّخِذِ المُؤمِنونَ الكافِرينَ أَولِياءَ مِن دونِ المُؤمِنينَ وَمَن يَفعَل ذلِكَ فَلَيسَ مِنَ اللَّهِ في شَيءٍ إِلّا أَن تَتَّقوا مِنهُم تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفسَهُ وَإِلَى اللَّهِ المَصيرُ ﴾. [آل عمران: ٢٨]
——————————————————
- قوله تعالى:﴿ لا يَتَّخِذِ المُؤمِنونَ ﴾: (لا) ناهية، (يتخذ): فعل مضارع مجزوم بـ(لا) الناهية لكن حرك بالكسر للاتقاء الساكنين.
- قوله تعالى:﴿ لا يَتَّخِذِ المُؤمِنونَ الكافِرينَ أَولِياءَ مِن دونِ المُؤمِنينَ ﴾: فلا نتخذ الكافرين والمنافقين أولياء وأصفياء .
- قوله تعالى:﴿ وَمَن يَفعَل ذلِكَ فَلَيسَ مِنَ اللَّهِ في شَيءٍ ﴾: أي أن الله بريء منه.
- قوله تعالى:﴿ إِلّا أَن تَتَّقوا مِنهُم تُقاةً ﴾: (إلا): استثناء منفصل، اي: إلا ان كان هنالك خشية ضرر منهم فإنك في الظاهر تحبهم لأجل أن تتقي شرهم، وفي الباطن تكرههم.
——————————————————
قال تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذُوا اليَهودَ وَالنَّصارى أَولِياءَ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللَّهَ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ ﴾. [المائدة: ٥١]
——————————————————
- قوله تعالى:﴿ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذُوا اليَهودَ وَالنَّصارى أَولِياءَ ﴾:
ولاية للكافرين لا يخلوا من ثلاثة أقسام:
1. الولاء في الظاهر والباطن: وهذا كفر بإجماع العلماء.
2. الموالاة في الباطن لا في الظاهر: وهذا كفر بإجماع العلماء.
3. أن يحبهم في الظاهر لا الباطن: وهذا فيه خلاف على قولين عند أهل السنة والجماعة:
- القول الأول: أنه كفر، لقوله تعالى:﴿ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم﴾.
- القول الثاني: أنه كبيرة من كبائر الذنوب لكن لا يخرج من الاسلام، ودليلهم ما رواه البخاري من حديث علي بن ابي طالب رضي الله عنه قال:« بَعَثَنِي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والزُّبَيْرَ بنَ العَوَّامِ وأَبَا مَرْثَدٍ الغَنَوِيَّ، وكُلُّنَا فَارِسٌ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا حتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فإنَّ بهَا امْرَأَةً مِنَ المُشْرِكِينَ، معهَا صَحِيفَةٌ مِن حَاطِبِ بنِ أبِي بَلْتَعَةَ إلى المُشْرِكِينَ، قَالَ: فأدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ علَى جَمَلٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ لَنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: قُلْنَا: أيْنَ الكِتَابُ الذي معكِ؟ قَالَتْ: ما مَعِي كِتَابٌ، فأنَخْنَا بهَا، فَابْتَغَيْنَا في رَحْلِهَا فَما وجَدْنَا شيئًا، قَالَ صَاحِبَايَ: ما نَرَى كِتَابًا، قَالَ: قُلتُ: لقَدْ عَلِمْتُ ما كَذَبَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والذي يُحْلَفُ به، لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ أوْ لَأُجَرِّدَنَّكِ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَتِ الجِدَّ مِنِّي أهْوَتْ بيَدِهَا إلى حُجْزَتِهَا، وهي مُحْتَجِزَةٌ بكِسَاءٍ، فأخْرَجَتِ الكِتَابَ، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا به إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ: ما حَمَلَكَ يا حَاطِبُ علَى ما صَنَعْتَ قَالَ: ما بي إلَّا أنْ أكُونَ مُؤْمِنًا باللَّهِ ورَسولِهِ، وما غَيَّرْتُ ولَا بَدَّلْتُ، أرَدْتُ أنْ تَكُونَ لي عِنْدَ القَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بهَا عن أهْلِي ومَالِي، وليسَ مِن أصْحَابِكَ هُنَاكَ إلَّا وله مَن يَدْفَعُ اللَّهُ به عن أهْلِهِ ومَالِهِ، قَالَ: صَدَقَ، فلا تَقُولوا له إلَّا خَيْرًا قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: إنَّه قدْ خَانَ اللَّهَ ورَسوله والمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِي فأضْرِبَ عُنُقَهُ، قَالَ: فَقَالَ: يا عُمَرُ، وما يُدْرِيكَ، لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ علَى أهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ، فقَدْ وجَبَتْ لَكُمُ الجَنَّةُ قَالَ: فَدَمعتْ عَيْنَا عُمَرَ وقَالَ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ.».
فالقول الثاني هو الصحيح، بأنه لا يخرج من دائرة الاسلام، ولكنه ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، وهذا في حال غير الضرورة، أما من اضطر إلى ذلك فلا بأس أن يسايرهم الانسان في الظاهر دون الباطن.
محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
كتبها عنه تلميذه : سعود بن صالح الزهراني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق