حكم إرث المتحول إلى ذكر أو أنثى في الإرث :
——————————————————-
فمثلاً : رجل لا يرثه إلا بنت وإخوة
وحول ابنته إلى ولد بعمليات ، هل يسقط إرث الإخوة؟
——————
أ - إذا كان التحول غير حقيقي، وإنما في الظاهر دون الباطن ، فهذا له حكم أصل الخلقة من كونه أنثى مثلاً في المثال السابق.
لأن العبرة بالحقيقة لا بالتزوير ، وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المتشبع بما لم يعط كلبس ثوبي زور )
وقال تعالى : { لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ }- أي: لا أحد يبدل خلق اللّه فيجعل المخلوق على غير الوضع الذي وضعه اللّه تعالى . قال عكرمة ومجاهد : معناه تحريم إخصاء البهائم .
فالبهيمة تلد ولدها كامل الخلقة سليماً من الآفات ، فلو ترك على أصل تلك الخلقة لبقي كاملا بريئا من العيوب ، لكن يتصرف فيه فيجدع أذنه ويوسم وجهه ، فتطرأ عليه الآفات والنقائص فيخرج عن الأصل ; وكذلك الإنسان .
والقاعدة : تفسير الشيء بمادته أولى من تفسيره بغير مادته.
وههنا تفسير ( لا تبديل لخلق الله) بهذا التفسير العائد لمادة الكلمة أولى من تفسيره بالدين العائد مادته لغير تلك الكلمة .
وبناء على ذلك : فإن التغيير في المتحول طاريء يشوبه ما يشوبه من النقص والعيب الذي لا يستوي فيه مع ما حول إليه من كل وجه ، فيكون أصل الخلقة باق على حقيقته لعدم إمكان الأدنى إلى الأعلى .
والقاعدة : لا يقاس الأدنى على الأعلى إلا إذا تحقق معنى الأدنى في الأعلى - كما تقدم في كتاب القواعد الفقهية والأصولية .
ب - على فرض تحول الأنثى إلى ذكر تحولاً حقيقياً ، أو العكس - وأثبت ذلك الطب الحديث ثبوتاً يقيناً.
فإنه في المثال السابق في تحويل البنت إلى ذكر لحجب الإخوة ، فإنها لا تحجبهم للأسباب التالية :
1 - لأن القاعدة : أن العين المنهي عنها لا تصير محللة بالفعل المنهي عنه .
بدليل : حديث:( نهى أن تتخذ الخمر خلاً).
فعَنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رجلًا أهْدَى لرَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم راويةَ خمْرٍ، فقال له رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هل عَلِمْتَ أنَّ اللهَ قد حرَّمَها؟ قال: لا، فسارَّ إنسانًا، فقال له رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بِمَ ساررْتَه؟ فقال: أمرتُه بِبَيعِها، فقال: إنَّ الذي حرَّم شُربَها حرَّم بَيعَها، قال: ففتَح المزادةَ حتَّى ذهَبَ ما فيها .
2 - ولأن المعدوم شرعاً، كالمعدوم حساً، والمعدوم حساً كالمعدوم شرعاً.
3 - ومعاملة له بنقيض قصده من حرمان من جعل الله له الإرث، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يرث القاتل شيئاً) وهذا عند وجود التهمة في قتله من أجل استعجال الإرث منه، فعومل بنقيض قصده، ومن استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه .
ولما قصد حرمان إخوته بالفعل المحرم ، عومل بنقيض قصده ، كما عومل القاتل بنقيض قصده في طلب الميراث بالفعل المنعي عنه وهو قتله ، ولما كان هذا خفياً، علق الأمر بالقرائن الدالة على وجود التهمة في ذلك .
4 - فإن قيل : إنه خنثى مشكل فيكون إرثه : نصف ذكر، ونصف أنثى ، والباقي يرجع للإخوة .
فالجواب عنه : أن هذا غير مشكل لكون أصل الخلقة في المثال المذكور أنثى فيبقى على الأصل ، وهو مرجح في عدم كونه ذكراً، حتى نخرج عن هذا الأصل بيقين.
والقاعدة : اليقين لا يزول إلا بيقين مثله.
والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق