بسم الله الرحمن الرحيم
2 / 6 / 1444
( فقه آيات الأحكام ٢ )
﴿الَّذينَ يَأكُلونَ الرِّبا لا يَقومونَ إِلّا كَما يَقومُ الَّذي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيطانُ مِنَ المَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُم قالوا إِنَّمَا البَيعُ مِثلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَن جاءَهُ مَوعِظَةٌ مِن رَبِّهِ فَانتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَن عادَ فَأُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ﴾ [البقرة: ٢٧٥]
- شرح مجمل للآية ثم نذكر بعد ذلك فيما يتعلّق فيها من مسائل :
قوله تعالى ( الذين يأكلون الربا )
الربا في اللغة: الزيادة .
وفي الاصطلاح: الزيادة في شيئين حرّم الشارع التفاضل بينهما أو التأخير في قبض ما يشترط قبضه
- الربا قسمان :
الأول: ربا الفضل، وهو الزيادة في المال نفسه من جنس واحد، كصاع من تمر بصاعين من تمر .
بمعنى الزيادة بين شيئين حرم الشارع التفاضل بينهما .
الثاني: ربا النسيئة، وهو تأخير القبض بعد مجلس العقد فيما يشترط فيه التقابض من الأموال التي يجري فيها الربا.
، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه عبادة بن الصامت ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والتمر بالتمر والبر بالبر والشعير بالشعير والملح بالملح مثلاً بمثل سواءً بسواء فمن زاد أو استزاد فقد أربى )
- سبب نزول هذه الآية :
أن الناس في الجاهلية كانوا إذا أحدهم إشترى سلعة مؤجلة الثمن فحضر الأجل، يأتي صاحب السلعة ويقول ( إما أن تسدد أو تربي، أي تزيد )، فإذا زاد في الأجل زاد الثمن، وهذا ربا النسيئة .
وكما ذكرنا تعريف الربا هو الزيادة في شيئين حرّم الشارع التفاضل بينهما أو التأخير في قبض ما يشترط قبضه،
والأموال التي يجري فيها الربا : ستة أصناف منصوص عليها في حديث عبادة بن الصامت، ويقاس عليها كل ما كان مشتركاً معها في العلة؛ لأن القاعدة تقول ( الشريعة لا تفرّق بين متماثلين ولا تجمع بين مختلفين )، فالذهب والفضة علتهما غير عن علة الأصناف الأربع التمر والبر والشعير والملح.
وعلة الذهب هي مطلق الثمنية؛ لأن ليس فيهما معنى يمتازان يه عن غيرهما في عصر النبوة سوى كونهما ثمناً للأشياء وبها تعرف وتقدّر الأشياء، فإذا وجد هذا المعنى في غيرهما فله حكمهما، كالريال السعودي والجنيه النصري مثلاً.
والعلة في الأصناف الأخرى هي أن كل مطعوم مكيل أو موزون من جنس واحد يجري فيه الربا .
( لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) وهذا دليل على أن الشيطان يتلبّس بالأنس، كذاك آكل الربا.
وقيل أن هذا التخبّط معنوي أي في تصرفاته و أفعاله، ومنهم من يقول أنه إذا بُعث من قبره يتخبّط ويعرف من بين بقية الإنس .
( ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا ) هؤلاء المشركون اعترضوا وقالوا ما الفرق يين أنك تربح في السلع وتربح في النقد، فكلاهما بيع .
فردّ الله عليهم بقوله ( و أحل الله البيع وحرّم الربا )
( أحل ) أي أباح ، ( حرّم ) أي نهى نهياً جازماً .
( فَمَن جاءَهُ مَوعِظَةٌ مِن رَبِّهِ فَانتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمرُهُ إِلَى اللَّهِ ) من جاءه تذكير و وعظ فأنتهى و أعرض عن أكل الربا وتاب الى الله فله ما مضى من أخذه للربا لا إثم عليه فيه .
( وَمَن عادَ فَأُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ ) ومن عاد إلى الربا فمصيره الى النار خالداً فيها .
في هذه الآية دليل على أن من تاب بعد قبض ربح الربا لا يجب عليه أن يتخلص منه، ومن تاب قبل قبضه لربحه، لا يجوز له إلا أخذ رأس ماله فقط( فله ما سلف،( فلكم رؤوس أموالكم )، والله أعلم .
تنبيه : هناك اختصار كبير في كتابة ما تعلق بشرح الآية .
محمد بن سعد العصيمي
كتبها عنه تلميذه : مقرن بن ماجد الذيابي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق