إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الجمعة، 28 أبريل 2023

[تحريرُ قواعد ابن رجب . . القاعدة ٢٨] // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.

 



[تحريرُ قواعد ابن رجب . . القاعدة ٢٨]


قال الحافظُ ابنُ رجبٍ -رحمه الله- :

إذا حصل التَّلفُ من فعلين، أحدهما مأذون فيه، والآخر غير مأذون فيه؛ وجبَ الضمانُ كاملًا على الصحيح.

وإن كان من فعلين غير مأذون فيهما؛ فالضمان بينهما نصفين، حتى لو كان أحدُهما مِنْ فِعل مَن لا يجب الضمان عليه؛ لم يجب على الآخرِ أكثرُ من النصف. اهـ.


وهذه القاعدةُ تتحرر في قاعدتين :

القاعدة الأولى : كلُّ من فعل ما لا يجوز أو ترك ما وجبَ فعليه الضمان؛ وبتعبير آخر لهذه القاعدة : كل من لم يفعل ما لا يجوز أو لم يترك ما وجب فلا ضمان عليه.


القاعدة الثانية : الجهلُ والخطأ والنسيان في حقوق الآدميين لا يسقطها.


وفي الحديث الذي رواه أبوداود وغيره -وفيه ضعف- : أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَن تَطَبَّبَ ولم يُعلَم مِنهُ طِبٌّ فهُو ضامِنٌ" .

ومفهوم هذا الحديث : من تطبب وعُلِم منه طبٌّ فليس بضامن؛ وهذا المفهوم ليس على إطلاقه، فإن الطبيب ولو كان حاذقًا إذا أخطأ فإنه يضمن لأن الخطأ في حقوق الآدميين غير مغتفر إلا بإسقاطهم ، وإن لم يخطئ فلا ضمان عليه لكونه لم يفعل ما لا يجوز له.


ومن القواعد التي تتفرع على ما سبق : كلُّ من فعلَ ما أُمِر به بحسب استطاعته فلا إعادة عليه.


وفرّع الحافظ ابن رجب -رحمه الله- عدة فروع منها قوله :


إذا زاد الإمام سوطًا في الحدِّ فماتَ المحدود؛ فحكى أبوبكر في المسألة قولين :

أحدهما : يجب كمال الدية.

والثاني : نصفها .

والأول هو المشهور، وعليه القاضي وأصحابه؛ لأن المأذون فيه لا أثر له في الضمان، وإنما الجناية ما زاد عليه؛ فأُسنِد الضمانُ إليها. اهـ.


وتقرير هذا الفرع على ما سبق يكون بتقدير احتمالاتٍ في الإتلاف في الحد، وهي احتمالات ثلاث :

أولها : أن يكون الإتلاف بالسياط الزائدة؛ فهنا الضمان واجب لكونه فعل ما لا يجوز فعله.

ثانيها : أن يكون الإتلاف بالسياط المشروعة والزائدة مجتمعةً؛ فهنا يجب عليه كمال الدية.

ثالثها : أن يكون الإتلاف بالأسواط المشروعة فقط، وأما الأسواط الزائدة فكانت تحصيلَ حاصلٍ ولا أثر لها حقيقةً في الإتلاف، فهنا لا تعتبر الأسواط الزائدة، ولا ضمان عليه لكونه فعل مأذونًا له فيه وما لم يؤذن فيه لا ضمان عليه، لعدم تأثيره في إزهاق روحه .


ومن الفروع أيضًا ما ذكره الحافظ -رحمه الله- بقوله :

لو استأجرَ دابّةً لمسافة معلومة فزاد عليها، أو لحملِ مقدارٍ معلوم فزادَ عليه، فتلفت الدابة؛ فإنه يضمنها بكمال القيمة، نصَّ عليه في الصورة الأولى. اهـ.


وفي مسائل إسحاق الكوسج : قلت: قال: سألت سفيان عن رجل تكارى حمارًا يومًا، بدرهم على أن لا يخرجه من الكوفة فأخرجه؟

قال: يضمن.

قال أحمد: جيد.

قال إسحاق: كما قال، لأنه خالف الوجه الذي أخذه له. اهـ.


فهنا عليه كمال الضمان لأن يده صارت يدًا غاصبةً وليست يدَ أمان، ولأنه فعل ما لا يجوز له فعله فوجب عليه الضمان.


ومن الفروع أيضًا ما ذكره بقوله :

وكذلك حكم ما إذا ركب الدابةَ مع المستأجر غيرُه فتفلت تحتهما. اهـ.

فهنا نقرر أنه إذا كان لركوب الغير أثر في الإتلاف فيجب الضمان ههنا.

وهنا مسألة، وهي : هل يجوز للمستأجر أن يُركِب أو يُردف غيرَه معه؟

فالجواب يكون وَفق هذه القاعدة :

كل ما لأخيك فيه منفعة ولا ضرر عليك فيه فلا يجوز لك منعه منه.

لحديث أبي هريرة مرفوعاً:( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ).


ومن الفروع أيضًا ما ذكره بقوله :

لو تزوج امرأةً ثم دفعها هو وأجنبيٌّ فأذهبا عُذرتَها، ثم طلقها قبل الدخول؛ فنصَّ أحمدُ في رواية مهنّا : على أنه يجب على الأجنبي نصفُ العُقْرِ، وهو أرش البكارة، وعلى الزوج نصف المهر فقط. اهـ.


والتقرير هنا على ضوء ما سبق من القواعد : أنهم أتلفوا عذرتها بما لا يجوز فعله، فعليهم الضمان، فعلى الأجنبي نصف أرش بكارتها وكذلك الزوج، وعلى الزوج نصف المهر أيضًا لكونه طلقها قبل الدخول؛ ولا يصح التداخل بأن عليه نصف المهر دون الأرش، لما تقرر في القاعدة : التداخل لا يصح إلا إذا تحقق مقصود الشارع.

وهنا لم يتحقق مقصود الشارع في قول من قال بأن على الزوج نصف المهر لكون التداخل وقع بين نصف الأرش ونصف المهر فاكتفي بنصف المهر.

وهذا اختيار أبي الوفاء ابن عقيل؛ فقد نقل عنه ابن رجب في هذه المسألة قولَه فقال :

واختار ابن عقيل : أن الزوج هنا يجب عليه نصف أرش البكارة مع نصف المهر؛ لأن الزوج إنما يستحق إتلاف البكارة تبعًا لاستيفاء حقه من الوطء، فإذا أتلفه على غير هذا الوجه ضمنه؛ كالمستعير إذا أتلف خمل المنشفة -مثلًا- بغير الاستعمال فإنه يضمن.


محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة .


كتبها عنه تلميذه / محمد شامان العضياني العتيبي/ في درس كتاب : قواعد ابن رجب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت