إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الجمعة، 28 أبريل 2023

( فقه آيات أحكام ٢ ) حكم الأكل من مال اليتيم // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.

 



بسم الله الرحمن الرحيم

 

( فقه آيات أحكام ٢ )

 

حكم الأكل من مال اليتيم :

——————

﴿وَابتَلُوا اليَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِن آنَستُم مِنهُم رُشدًا فَادفَعوا إِلَيهِم أَموالَهُم وَلا تَأكُلوها إِسرافًا وَبِدارًا أَن يَكبَروا وَمَن كانَ غَنِيًّا فَليَستَعفِف وَمَن كانَ فَقيرًا فَليَأكُل بِالمَعروفِ فَإِذا دَفَعتُم إِلَيهِم أَموالَهُم فَأَشهِدوا عَلَيهِم وَكَفى بِاللَّهِ حَسيبًا﴾ [النساء: ٦]

 

- شرح مجمل للآية ثم نذكر بعد ذلك فيما يتعلّق فيها من مسائل:

 

( ابتلو ) أختبروهم بعد البلوغ

 

( حتى إذا بلغوا النكاح ) أي ظهرت فيهم علامات البلوغ وهي للرجل ثلاث علامات وللمرأة أربع

العلامة الأولى ظهور شعر العانة، الثاني الانتهاء من خمسة عشر عاماً، الثالثة الإحتلام، الرابعة للمرأة وهو الحيض، وهذا الشرط الأول للأبتلاء وهو البلوغ

 

( فإن آنستم منهم رشداً ) آنستم أي أبصرتم منهم الرشد، والرشد هو حسن التصرف في الشئ

وقد يراد به الرشد في الدين أو المال، أو بهما معاً .

ولكن بما أنه جاء في سياق المال والقرينة دلّت على ذلك فإنه يراد به الرشد في المال وهو الصحيح، وهذا الشرط الثاني للأبتلاء .

 

( فادفعوا إليهم أموالهم ) ادفعوا هذا أمر والقاعدة تقول ( الأمر يفيد الإطلاق ) ولكن قال ( أموالهم ) جمع أضيف، والجمع إذا أضيف يعم، بمعنى جميع أموال اليتيم .

 

( ولا تأكلوها اسرافاً وبداراً أن يكبروا ) " لا " ناهيه، والاسراف هو مجاوزة الحد المشروع.


( بداراً ) من المبادرة والسبق إلى أخذ مال اليتيم قبل بلوغه.

 

( ومن كان غنياً ) " من " أداة شرط، .

و" كان " لها ثلاث معاني:

الأول: اما أن تفيد الدوام والاستمرار.( وكان الله غفوراً رحيماً).

الثاني: إما أن تفيد حصول الفعل غالباً .( كان يقرأ بسبح والغاشية في الجمعة )

الثالث: تفيد حصول الفعل ولو مرة واحدة : كان زيد في البيت .


( غنياً ) : الغنى يختلف معناه بحسب الأبواب الفقهية.

والمراد به ههنا : من يملك بما يكفيه لحاجياته وضرورياته .


ومن أنواع الغنى : من يكون في عرف الناس غنياً.


( فليستعفف ) العفة هي الكف عن ما حرّم الله .

والقاعدة: ( الأمر بعد النهي يعود لما كان قبل النهي ).


وهل الام فلستعفف للوجوب أو للاستحباب ؟


قيل : للوجوب صيانة لمال اليتيم وحفظاً له.


وقيل : للاستحباب ، وهو الأقرب ، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث طلحة بن عبيدالله لما قال الرجل بعد الزكاة هل علي غيرها ، قال :( لا، إلا أن تطوع ) فلا يجب عمل الغني في مال اليتيم بلا عوض، ولكن له سهم المثل أو أجرة المثل - حسب العرف - إلا أن يطوع .

وهو الذي تؤيده القاعدة الأصولية السابقة : الأمر ( فليستعفف) بعد النهي ( ولا تأكلوها ) يعود لما كان قبله .

 

( ومن كان فقيراً ) الفقير هو الذي لا يملك حاجياته ولا ضرورياته .

( فليأكل بالمعروف ) : حسب العرف ، فيما يأكله الفقير القائم على مال اليتيم فيأكل أكل مثله، لا أكل الأغنياء، وأكل الفقير ليس كأكل الغني.


وظاهر الآية : ولو زاد ذلك عن سهم المثل أو أجرة المثل ، وهو الأقرب ، للقاعدة : حذف المتعلق مشعر بالعموم .

ولا يجب رد ما أكله بالمعروف إذا اغتنى الفقير ، لأن الآية ( فليأكل) ولم يقل : فليستقرض .

والفرق بينهما ظاهر .

والقاعدة : ما لا يحتاج إلى إضمار ، أولى مما يحتاج إلى إضمار .

 

( فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم )

( فأشهدوا ) القاعدة تقول ( كل من أخذ الشئ بأذن من الشارع أو بأذن من المالك فيده يد أمانه )

يمعنى أن تُشهد إذا دفعت مال اليتيم كي لا يكون منازعة .

والقاعدة الأخرى ( كل من كانت يده يد أمانه فلا ضمان عليه مالم يتعدّى او يفرّط )

والقاعدة الأخرى ( كل من لم يفعل مالا يجوز، ولم يترك ما يجب فلا ضمان عليه ) وعلى هذا فإذا اتجر في مال اليتيم ولم يفعل مالا يجوز ويترك ما وجب فلا ضمان عليه .

( فأشهدو عليهم ) الإشهاد على المال يكون برجلين أو برجل و إمرأتان.

و الشهادة لابد أن تكون من عدل، والعدل هو المسلم البالغ العاقل، السالم من أسباب الفسق وخوارم المروءة.

وهل الأمر في الإشهاد في الآية للوجوب : قيل ذلك ، لأن الأصل في لام الأمر أنها للوجوب .


وقيل : للاستحباب وهو الأقرب : فإذا لم تجب الشهادة في البيع ، وهي معاوضة بحته، فعدم وجوبها في دفع مال اليتيم له من باب أولى لكون ذلك من عقود التبرعات في الأعم الأغلب .


وأما حفظاً من النزاع والاختلاف، فهذا يتأتى فيما لم يدفع، ويده يد أمانة .، وقياساً على البيع في عدم وجوب الإشهاد فيه.


( وكفى بالله حسيباً ) أي يكفي بالله محاسباً، ورقيباً ، وشهيداً.

ففيه تهديد لمن أنقص أو أخفى أو فعل ما لا يجوز في أكل مال اليتيم .

——-

المسألة الأولى: الأبتلاء هنا خبر لتحصل معرفة ما غاب من علم العاقبة أو الباطن عن الطالب لذلك.

 

المسألة الثانية: قوله تعالى ( اليتامى ) قد تقدّم بيانه .

 

المسألة الرابعة: كيفية الأبتلاء، وهذا يرجع للولي وحسب العرف .

 

المسألة الخامسة: ( حتى إذا بلغو النكاح ) يعني القدرة على الوطء، وذلك في الذكور - حسب العلامات السابقة -.

 

المسألة السادسة: قوله تعالى ( فأدفعوا ) دفع المال الى اليتيم يكون بوجهين :

الأول: إيناس الرشد .

الثاني: بلوغ الحلم .

 

المسألة السابعة: حقيقة الرشد فيه ثلاثة أقوال:

الأول: صلاح الدين والدنيا .

الثاني: إصلاح الدنيا والمعرفة بوجوه أخذ المال وحسن التصرف فيه، وهذا هو الراجح.

الثالث: بلوغ خمس وعشرين عام .

 

المسألة الثامنة: إذا سلّم المال إليه بوجه الرشد، ثم عاد الى السفه بظهور تبذير وقلة تدبير عاد عليه الحجر.

القاعدة : الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.

 

المسألة التاسعة: ( ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا )

الاسراف: مجاوزة الحد .

بداراً : يعني مبادرة أن يكبروا و استباقاً لمعرفتهم مصالحهم .

 

المسألة العاشرة: لما لم يكن لهم عمل في أموالهم وقُبضت عنها أيديهم لم يكن لهم فيها قول، ولا نفذ لهم فيها عقدٌ ولا عهد، فلا يجوز فيها بيعهم ولا نذرهم .

 

 

المسألة الثانية عشر: قوله تعالى ( ومن كان غنياً فلستعفف ) اختلف العلماء في هذه المسألة على أربعة أقوال:

الأول: أنه لا يأكل من مال اليتيم شيئاً بحالٍ، وهذه الرخصه في قوله سبحانه ( فليأكل بالمعروف )

منسوخة بقوله تعالى ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً ) .

والقول بالنسخ فيه نظر : لأن النسخ لا يتم إلا بشرطين :-

1 - أن نعلم الدليل المتقدم ، والدليل المتأخر .

ب - أن لا يمكن الجمع بينهما.


الثاني: أن المراد به اليتيم، و إذا كان فقيراً أنفق عليه

 وليه بقدر فقره من مال اليتيم، و إن كان غنياً أنفق عليه بقدر غناه، ولم يكن للولي فيه شي.


الثالث: أن المراد به الولي إن كان غنياً عفّ، و إن كان فقيرًا أكل بالمعروف.


الرابع: أن المعروف شُربه اللبن وركوبه الظهر غير مضرّ بنسل ولا ناهكٍ في حلب.

 

المسألة الثالثة عشر: من هو المخاطب بهذا كلّه ؟

قال علماؤنا كان الأيتام في ذلك الزمان على قسمين:

الأول: يتيم معهود به.

الثاني: مكفول بقرابة أو جوار .

 

 

المسألة الرابعة عشر: ( و ابتلوا اليتامى ) دليل على أن للوصي والكافل أن يحفظ الصبي في بدنه وماله اذ لا يصح الإبتلاء إلا بذلك .

 

المسألة الخامسة عشر: ( فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم )

أمر الله تعالى بالإشهاد تنبيهاً على التحصين و إرشاداً إلى نكتِهِ بديعة، وهي أن كل من نال يقبض على وجه الأمانة بإشهاد لا يبرأ منه إلا بإشهاد على دفعه لقوله تعالى ( فأشهدوا عليهم )

وهو عنده أمانه .


محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .


كتبها عنه تلميذه : مقرن بن ماجد بن عبيد العتيبي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت