هل شراء السندات ذات الفائدة الصفرية جائز؟
هناك اجابتان للسؤال :
صورتها : - دفع القيمة الاسمية للسند ١٠٠دولار مثلاً ، وفي تاريخ الاستحقاق ترد الحكومة القيمة الاسمية ١٠٠ دولار .
والسندات صفرية الفائدة تصدر في أوقات الأزمات العميقة فقط ، حيث ترتفع درجة المخاطرة في معظم أشكال الاستثمارات ، ويكون الشغل الشاغل لحملة السيولة هو البحث عن ملاذ آمن لها حتى ولو كان بمقابل يدفعه المستثمر.
أو تكون الفائدة توازي معدل التضخم ،حتى يحافظ حامل السند على القيمة الشرائية للنفود.
الاختلاف يكون بسبب المنهجية المتبعة في الإجابة
١- من أخذ بظاهر المعاملة ولم يفهم المقصد منها يقول بجوازها لانه نقد مقابل نقد آجل من باب القرض الحسن
٢- من فهم الغرض من المعاملة وأنها ليست عقد إرفاق وإنما هو عقد معاوضة فيقول بعدم جوازها وذلك لسببين
الاول : انه نقد حال مقابل نقد آجل فيدخل في باب ربا النساء .
فهو عقد معاوضة - عقد بيع- تدفع مبلغاً نقدياً - تأخذ عليه سنداً - مقابل مبلغ آجل فإذا كان من جنس وآحد يشترط : عدم التفاضل ، والتقابض في مجلس العقد ، وإذا كان من جنسين يشترط التقابض في مجلس العقد فقط ( فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ) . والعلة في النقود : مطلق الثمنية . لأن الذهب والفضة ليس فيهما معنى يمتازان فيه عن غيرهما في عصر النبوة سوى كونهما معياراً تقدر به السلع وقيم المتلفات ، فمتى ما وجد هذا المعنى في غيرهما واتخذه الناس معياراً تقدر به قيمة الأشياء فله حكمهما،وذلك كالدولار، والين والريال ونحوها من العملات ، لأن الشريعة لا تفرق بين متماثلين ولا تجمع بين مختلفين .
والفرق بين عقد المعاوضة ،وبين القرض الحسن في بعض الصور : النية. فقد يتبادل اثنان نقداً من جنس واحد ، فإذا قصد الرفق والإحسان كان قرضاً حسناً، وإذا قصد الربح والاتجار كان رباً حراماً.
الثاني : هناك فائدة بالإقراض بدون فائدة وهذه تسمى الفائدة الضمنية او غير الظاهرة وهو توقع ارتفاع سعر صرف العملة (الدولا) محل التبادل وهو السبب المنطقي في قبول اقراض بفائدة صفرية ،.
وهذا السبب في نظري لا يقتضي التحريم ، إذ لا مانع أن يشتري ذهباً بفضة يداً بيد من أجل توقع أرتفاع سعر أحدهما .
والعبرة هو جريان العقود على وفق الأحكام الشريعة، وما يؤول إلى العاقدين بعد ذلك من الربح أو الخسارة ، فهو من علم الغيب ، وكل عقود المعاوضة كذلك .
وعلى هذا فإن السبب الأول : كاف في تحريم بيع السندات ذات الفائدة الصفرية . والله تعالى اعلم .
علماً بأن السندات ثلاثة أقسام :
١ - سند بفائدة زائدة ، سواء كان حامل السند أخذه بمائة وفي وقت الاستحقاق يأخذ مائة وعشرة ، أو يباع السند بأقل من قيمته الاسمية بمقدار الفائدة . لأنه يرد بالقيمة الاسمية .
أو قد تكون الفائدة توازي معدل التضخم ،حتى يحافظ حامل السند على القيمة الشرائية للنقود- وهذه الفائدة في نظري غير مؤثرة في العقد بالتحريم - كما سبق- .
٢ - سندات سالبة الفائدة :- يأخذ السند بمائة وفي وقت الاستحقاق يأخذ تسعين .
حماية للسيولة التي مع المستثمر من انخفاض القيمة بسبب التضخم أو غيرها من الأسباب.
فإذا رجعنا للأصل في المعاوضات النقدية وهى حرمة النسأ - التأخير - في التقابض ،
اللهم إلا ما كان من باب الارفاق والإحسان والتبرعات كالقرض الحسن .
كانت هذه المعاملة من المعاوضات المحرمة ،
وإذا نظرنا إلى أن عقد القرض يضمن المال في ذمة المقترض ، فلو قصده المقرض جاز ، قلنا أن هذا السندات السالبة جائزة ،
والجواب عن ذلك : أن هذا المقصود لا بأس به إذا كان تابع لأصل عقد مشروع ، وهو عقد القرض الذي يقصد به الرفق والإحسان ، أما إذا كان أصل العقد معاوضة فهو باطل ، ،والمقصود من الباطل ولو كان جائزاً لا يجيز الأصل الباطل، فإن ما ترتب على الباطل فهو باطل .
فلما كان العقد في النقود ويشترط فيها عدم النسأ، ولم يستثنى إلا عقد الارفاق والإحسان ،
وهو هنا غير مراد ، لأن الفرق هنا فقط في النية ، وهو أراد عقد ربح واتجار كان محرماً.والعلم عند الله تعالى .
٣ - سندات بدون فائدة : - والحكم فيها كالقسم الثاني .
والسندات عموماً مبنية على الربا ، وإذا أصدرت بدون ذلك في حالات معينة كالأزمات العميقة فإن المقصود بها المعاوضة لا الرفق والإحسان. والصورة الواحدة قد تكون حلالاً وأجراً بالنية، وقد تكون نفس الصورة حراماً وربا ومن كبائر الذنوب .
وإذا كان هذه السندات من أجل استخدامها في مجالات غير مشروعة ازدادت تحريماً وإثماً. والله تعالى أعلم
كتبه //محمد بن سعد العصيمي . أبو نجم//عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى//كلية الشريعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق