البدل في جزاء الصيد
سبق بيان أن الواجب في جزاء الصيد المثلي ، وأما جزاء الصيد الذي ليس له مثل ففيه القيمة إلا أن العلماء رحمهم الله تعالى اختلفوا فيما يُقّوم به على الأقوال التالية :
القول الأول : أن الصيد الذي لا مثيل له من النعم ، فيه القيمة ثم يُخّير بين أن يشتري بقيمته طعاماً ويُفرقّه ، وبين أن يصوم عدل ذلك عن كل مد يوماً، وبه قال المالكية ، والشافعية ، والحنابلة في المعتمد من المذهب .
إلا أن المالكية التقويم عندهم بالطعام مباشرة ، والبقية من أصحاب هذا القول التقويم بالدراهم ثم الشراء بها طعاماً ، والخلاف في ذلك يسير .
وذلك ، لأنه عند عدم المثل ، فالقيمة قائمة مقامه كالغصب وغيره ،
وللإجماع على اعتبار القيمة فيما لا مثل له .
القول الثاني : فيه القيمة ، ثم يُخّير بين أن يشتري به هدياً إن بلغ قيمته ، وبين أن يشتري به طعاماً للمساكين ، أو يصوم عن كل نصف صاع يوماً ، وبه قال الحنفية .
وهذا القول : مبني على أن الأصل عندهم أن الصيد تجب فيه القيمة وقد سبق بيان ذلك .
الراجح : الذي يترجح في نظري والعلم عند الله تعالى ، هو القول الأول ، لظاهر الآية ، قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ، ومن قتله منكم متعمداً ، فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ))
إلا أن عدل ذلك صاماً عند الجمهور : أن يصوم عن كل مُدّ يوماً .
وعند الحنفية : عن كل نصف صاع يوماً ، وهذا هو الأقرب لحديث كعب بن عجرة في الصحيحين ، لمّا جيء به والقمل يتحات من رأسه ، فقال (( ما كنت أظنّ أن الأذى بلغ بك هذا المبلغ ، احلق رأسك وأطعم ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع )) ، فجعل مقدار الإطعام للمسكين في محظورات الإحرام نصف صاع . والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق