البدل في كفارة الصيد على الترتيب أو التخيير
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في ذلك على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن كفارة الصيد على الترتيب لا التخيير ، فالمتعين هو المثل فإن لم يجد فالإطعام ، فإن لم يجد فالصيام ، وهو مروي عن الشافعي ، كما هو رواية عن أحمد .
وذلك للأدلة التالية : -
1 - قياساً على متعة الحج ، فإذا كانت متعة الحج في قوله تعالى (( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ، ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب ) ، على الترتيب فالكفارة في قتل الصيد من باب أولى لأنهافي فعل محظور. .
والجواب : أن هذا القياس فاسد الاعتبار لأنه مصادم للنص الوارد يكون كفارة الصيد على التخيير في قوله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدلٍ منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره ))
2 - وقياساً على كفارة الظهار والقتل ، فهما على الترتيب فكذا كفارة قتل الصيد بجامع أن كلاً منهما كفارة .
والجواب عنه : أنه قياس مصادم للنص ، ويسمى عند الأصوليين بالقياس فاسد الاعتبار .
القول الثاني :
أن التخيير بين المثل والصيام فقط فلا إطعام في كفارة قتل الصيد وهو رواية عن الإمام أحمد .
قالوا : لأن الإطعام إنما ذكر في قوله تعالى : (( أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً )) ليعدل به الصيام ، فليس مقصوداً لذاته وإنما ليعرف به مقدار الصيام ، إذ إن من قدر على الإطعام قدر على الذبح .
والجواب عنه : أن الله عز وجل قد سمى الطعام كفارة ، والقول بعدمه خلاف النص ، وقد ذكره الله من خصالها فكان كغيره من خصال الكفارة ،
ولأن الأصل في العطف المغايرة .
القول الثالث : بأن كفارة القتل على التخيير ، بين المثل فيما له مثيل من بهيمة الأنعام أو بقدر قيمته طعاماً ، أو عدل ذلك صياماً .
وبه قال الجمهور من الحنفية ، والمالكية ،) والشافعية ، والحنابلة .
واستدلوا : -
1. بقوله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام )) .
وذلك لأن (( أو )) في لغة العرب تقتضي التخيير فمن ادعى خلاف الحقيقة فعليه الدليل.
2. قياساً على فدية الأذى ، في قوله تعالى : (( فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ))
بجامع أن كلاً منهما فدية محظور .
وبعد هذا العرض يتبين رجحان هذا القول ، والله تعالى أعلم وهذا فيما إذا قتل المحرم صيداً ، وكذا إذا قتل الحلال صيداً فإن عليه الجزاء بالإجماع ، قال النووي (( أجمعت الأمة على تحريم صيد الحرم على الحلال ، فإذا قتله فعليه الجزاء ، هذا مذهبنا وبه قال العلماء كافة وقال أبو داوود : لا جزاء عليه ، وهو بهذا قد خالف الإجماع ، كما حكى الإجماع أيضاً ابن نجيم فيا لبحر الرائق .
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق