حكم تملك الأب لمال ابنه :
ذهب جمع من أهل العلم أن الوالد ليس له أن يتملك من مال ولده شيئاً، ولكن ليس له أن يقاضي والده إلا عند الضرورة، كالمطالبة بالنفقة. لأن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأبيه يقتضيه ديناًعليه، فقال : ( أنت ومالك لأبيك )
والجواب : أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، وأن التخصيص إذا كان له سبب غير اختصاص الحكم به لم يبق مفهومه حجة،
وذهب آخرون إلى جواز تملكه من مال ابنه بشروط :
١١ - أن يكون المال فاضلاً عن حاجة الولذ، لحديثأبي هريرة فقال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله عندي دينار ، قال : أنفقه على نفسك، قال : عندي آخر ؟ قال : أنفقه على ولدك، قال : عندي ، قال : عندي آخر ؟ قال : أنفقه على أهلك ، قال أنفقه على خادمك، قال : عندي آخر قال : أنت أعلم به أخرجه الشافعي واللفظ له وأبو داود، وأخرجه النسائي والحاكم بتقديم الزوجه على الولد، وفي صحيح مسلم من رواية جابر بتقديم الزوجة على الولد من غير تردد فتقدم رواية مسلم .
٢ - أن يكون الوالد محتاجاً إلى المال الذي أخذه أو سيأخذه ، لرواية زائدة في هذا الحديث( إذا احتجتم إليها) صححه الألباني .
ولأنه عند عدم الحاجة، ينافي ذلك البدء بالنفس .
٣٣ - أن لا يعطيه لولد آخر، أو يأخذ من أحدهم ويترك الآخر، لأن ذلك ينافي العدل المأمور به في قوله صلى الله عليه وسلم ( اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم ).
٤ - أن لا يكون في مرض أحدهما المرض المخوف - الذي يموت به عادة - لوجود سبب الموت فتغلق الحكم به، فعند مرضه المخوف تعلق حق الورثة بماله، ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص من التصدق من أكثر من ثلث ماله .- وقد تقدم في حكم تصرفات المريض - .
٥ - أن يكون المال عيناً موجودة ، فإذا كن المال في ذمة الآخرين ديناً ، فهي ليست ملكاً للولد حتى تقبض من قبل الابن ، ، وتملك الوالد فرعاً عن ملك الولد، والفرع أضعف من الأصل .
٦ - أن يكون تملكه بقبض المال مع نية التملك أو قوله، لأنه في حكم الموهب، الذي لا يملك ملكاً تاماً إلا بقبضه، وقبل القبض فللواهب الرجوع فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم ( ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه) ومقتضى التشبيه أنه لا يكون مثل سوء حتى ينفصل عنه، فكذا الهبة- وقد تقدم حكم لزوم الهبة قبل القبض- .
٧ - أن لا يكون الأب كافراً ، والابن مسلماً .
لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يرث المسلم الكافر ، ولا الكافر المسلم ) فإذا كان لا يتسلط على ماله في الميراث لاختلاف الدين، فمن باب أولى أن لا يتسلط على ماله في غيره، أما مجرد الهبة بلا تسلط تجوز مع اختلاف الدين .
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق