إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الاثنين، 13 مارس 2017

قاعدة رد العوض عند فراق الزوجين//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


قاعدة رد العوض  عند فراق الزوجين  :

كل زوجة كان طلب الفراق بسببها ، فللزوج عليها ما دفع من مهرها .

وكل فراق بسبب الزوج وكان السبب موجباً للفراق - كالردة -  فلا رجوع له فيما دفعه من مهرها.
- وإن كان الفراق بسببه - الزوج - وكان السبب غير موجب للفراق - كشرب الخمر والزنا - فله الرجوع بما دفعه من مهرها، إذا طلبت فراقه بذلك السبب.


لما في صحيح البخاري أن فاطمة قالت : يا رسول الله إني لا أعيب على ثابت في خلق ولا دين ، ولكني أكره الكفر بعد الإسلام - قيل: الكفر الأصغر، وقيل الأكبر، وقيل : كفرآن العشير - قال : أتردين عليه حديقته - وكان قد أصدقها حديقة ، قالت : نعم ، قال : ( اقبل الحديقة، وفارقها) وفي لفظ عند البخاري - وفيه أزهر بن جميل بمرتبة صدرق - ( اقبل الحديقة وطلقا تطليقة ) والثقات الأثبات رووه بلفظ ( وفارقها) فيكون لفظ أزهر بن جميل ( وطلقها تطليقة ) شاذ ، لأن المقبول إذا خالف من هو أولى منه يسمى حديثه بالشاذ، كما ذكره الحافظ ابن حجر في النكت.
وعند ابن ماجة عن ابن عباس ( فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ حديقته ولا يزداد)
والصواب أن هذا الرواية مرسلة، ولها شواهد كلها مرسلة ، والمرسل من أقسام الحديث الضعيف، ولهذا ذهب الجمهور إلى أنه يجوز للرجل أن يأخذ في الخلع أكثر مما أعطاها- مع أنه خلاف الأولى - لقوله تعالى ( فلا جناح عليهما فيما افتدت به ) لأن ما موصولة ، وهي من صيغ العموم، وحديث ابن عباس (  اقبل الحديقة وفارقها) لا يخصص الآية، لأن أحد أفراد العام لا يخصصه إذا كان موافقاً له في الحكم. وإنما يدل على أن الأفضل عدم أخذ الزيادة . وهو الأرجح، والله تعالى اعلم .

وأما إذا كان سبب الفراق من الزوج وكان سبب الفراق موجباً للفرقة ،كالردة  فلا يرجع على المرأة بالمهر، حيث يستقر لها المهر بالدخول عليها وجماعها، لا الخلوة بها على القول الراجح خلافاً للحنابلة ،  لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمتلاعينين لما فرق بينهما ، قال  يارسول الله مالي، قال : إن كنت صادقاً فبما استحللت من فرجها، وإن كنت كاذباً، فذاك أبعد لك منها).
فإن قيل على فرض صدق الزوج  إن الزنا كان من المرأة فكان الفراق بسببها، فكيف يكون المهر لها.
فالجواب : أن الزنا بعد العقد لا يفسدالعقد ولا يوجب الانفصال  ، بخلاف الزنا قبله إذا لم تتب منه لقوله تعالى    :   ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، وحرم ذلك على المؤمنين ).لأن الاستدامة أقوى من الابتداء.
فإذا طلقها الزوج بسبب الزنا كانت الفرقة بسببه. ولا يجوز أن يبقيها في ذمته ما لم تظهر له توبتها ، على قول قتادة وإسحاق وأبي عبيد ، وهو منقول عن علي وابن مسعود وعائشة والبراء، لأن الله أباح نكاح المحصنات المؤمنات،  ولأنه لا يؤمن منها الزنا مرة أخرى فتلحق بزوجها من الولد ما ليس له، ولأن هذا قد يعتبر من الدياثة .       ( ولا يدخل الجنة ديوث )
والدياثة: إقرار الفاحشة في الأهل ، عياذاً بالله من ذلك .
وذهب الأكثر من أهل العلم- وهو قول أبي حنفية والشافعي وأجازه مالك مع الكراهة إلى جواز إمساك الزانية ، والاستمرار على نكاحها ولو ظهر منها الزنا، وأن ذلك لا يقتضي فسخ نكاحها.
-  بخلاف ابتداء النكاح بالزانية لا يجوز ، ولا يصح  النكاح ،لأن الاستدامة أقوى من الابتداء - .
ولا يلزم من قول هؤلاء أن يكون العفيف الذي تحته زانية ديوثاً، لانه إنما يبقيها ليحفظها ويحرسها ويمنعها من ارتكاب ما لا ينبغي .
فقد تكون المصلحة في إمساكها خوفاً من مفسدة عظيمة تترتب على فراقها، ودفع أعظم الضررين بأخفهما متعين، ولعله يرجى لها الصلاح بعد .

وعلى هذا فإن  طلب الفسخ من المرأة لزوجها إذا كان بسبب شرب الخمر ، يحق لها الفسخ بشرط دفع  المهر الذي دفعه الزوج ، لأن الفسخ بسبب نقص دين لا يوجب الانفصال بينهما، فإذا كان الزنى من الزوجة لا يوجب أن تدفع له المهر إذا فارقها فشرب الخمر من باب أولى، بجامع أن كلاً منهما لا يوجب الإنفصال  بينهما ، وأما اللعان فإن التهمة دفعت بعد لعانه بلعانها ففرق الشارع بينهما ، وبقي المهر على الأصل أنه للزوجة بما استحل من فرجها. ولا يستحق الزوج المهر إلا إذا كان الفراق بسببها - الزوجة -  مطلقاً أو كان بسببه  والسبب لا  يوجب الانفصال بينهما، عند طلب الزوجة الفراق لذلك السبب.
 فإذا كان طلب الفراق من الزرجة بسبب منها  تعين دفع المهر للزوج إلا إذا عفى .ًوكذا إذا طلبت الفراق بسبب منه لا يوجب الانفصال . 

ومما يدل على القاعدة  أيضاً قوله تعالى :  ( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن  فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن  إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر وسألوا ما أنفقتم وليسألوا  ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم )
فالزوجة وزوجها في حال الكفر العقد بينما صحيح، فإذا أسلمت الزوجة كان الفراق بسببها فوجب عليها أن تدفع للزوج ما دفعه لها من المهر، وإذا أسلم الزوج فلا شيء له مما دفع لها من المهر ، لأن الفرقة بسببه .
وقوله تعالى ( وسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ) هذه كله في الزوجات لا الأزواج ، فإذا أسلمت الزوجة دفعت له المهر، لأن الفراق بسببها ، وإذا ارتدت المسلمة دفعت المهر له  لأن الفراق بسببها، فمعنى الآية : اطلبوا من المشركين ما أنفقتم من مهور نسائكم اللآتي ارتددن عن الإسلام ولحقن بهم، وليطلبوا هم ما أنفقوا من مهور نسائهم المسلمات اللاتي أسلمن ولحقن بكم .

وقال تعالى : ( وأن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً، وكيف تاخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً).
والمعنى : وإن أردتم استبدال زوجة مكان أخرى، وكنتم قد أعطيتم من تريدون طلاقها مالاً كثيراً مهراً لها ، فلا يحل لكم أن تأخذوا منه شيئاً، أتأخذونه كذباً وافتراء واضحاً.
وكيف يحل لكم أن تأخذوا ما أعطيتمن من مهر، وقد استمتع كل منكما بالآخر بالجماع، وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً من إمساكهن بمعروف أو تسريحن بإحسان .

وقوله تعالى ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيرا). بمعنى : إذا علمتم  - يا أولياء الزوجين - شقاقاً بينهما يؤدي إلى الفراق، فأرسلوا إليهما حكماًعدلاً من أهل الزوج وحكماً عدلاً من أهل الزوجة ، لينظرا ويحكما بما فيه المصلحة لهما، شريطة أن لا يخالف حكمهما الشرع، فليس لهما أن يحكما على المرأة برد المهر في حال الفراق  إذا كان بسبب من الزوج     فيما يوجب الفراق ، ولا أن يحرما الزوج من المهر المدفوع للزوجة إذا كان سبب الفراق من الزوجة، 
وبسبب رغبة الحكمين في الإصلاح، واستعمالهما الأسلوب الطيب يوفق الله بين الزوجين .


كتبه / محمد بن سعد  العصيمي / كلية الشريعة / جامعة ام القرى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت