حكم قطع الصيام بمجرد نية الإفطار :
إذا نوى الإنسان قطع صيامه بنية جازمة ، بحيث لا يمنعه عن الفطر إلا العجز، صار في حكم من لم ينوِ ، فإذا كان في الصيام الواجب انقطع بالنية الجازمة ، وإذا كان الصيام تطوعاً ثم عاد ونواه قبل فطره جاز .- كمن نوى صوم التطوع من وسط النهار قبل أن يفطر - .
وأما إذا كانت هناك إرادة لقطع الصيام مع تمكنه من فعل ما يُفطره ولم يفعل ، فإن صيامه لا ينقطع، لأنها إرادة غير جازمة ، فتكون داخلة في الهم الذي وقع العفو عنه، الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم ( إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعلم أو تتكلم ).
وذلك لأن الإرادة الجازمة تنزل منزلة الفعل في المأمورات والمحظورات ، قال صلى الله عليه وسلم ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا : يا رسول الله هذا في القاتل ، فما بال المقتول ، قال ( إنه كان حريصاً على قتل صاحبه ).
ولما روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قال ( إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيراً ، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم ) قالوا : وهم في المدينة ؟ قال :( وهم بالمدينة حبسهم العذر ).
وأما الإرادة غير الجازمة : وهي ترجيح قصد الفعل في المأمورات تنزل منزلة الفعل ، للحديث القدسي ( إذا هم عبدي بحسنة كتبتها له حسنة واحدة ، فإذا عملها كتبتها له عشر حسنات ، وإذا هم عبدي بسئية فلم يعملها كتبتها له حسنة واحدة - هذا إذا تركها لله ، وأما مجرد الترك لا تكتب عليه شيئاً - فإذا عملها كتبتها عليه سيئة واحدة ).
وترجيح قصد الفعل في المحظورات لا ينزّل منزلة الفعل - وهو الإرادة غير الجازمة في المحظورات. - ما لم تتجاوز الصدر.
لما رواه الترمذي وأحمد وصححه الألباني في الترغيب مرفوعاً : ( إنما الدنيا لأربعة : رجل آتاه الله علماً ومالاً فهو يعمل فيه بطاعة الله ، فقال : رجل لولا أن لي مثل فلان لعملت بعمله، فقال صلى الله عليه وسلم : فهما في الأجر سواء ... ).
وهذا تكلم وتجاوز ما في الصدر من عمل أو كلام، وأما إذا كان هم خطرات - وهي آلنية غير الجازمة - ولم يجاوز الصد ، فلا يؤاخذ به .
لقوله صلى الله علية وسلم ( إن الله تجاوز لأمتي عمّا حدثت به أنفسها ، ما لم تعمل أو تتكلم ). وبهذا تجتمع الأدلة، والله تعالى أعلم .
- وقد تقدم تقرير هذه القاعدة وتوضيحها -.
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق