حكم شحن الجوال في المساجد ونحوها :
قيل : بعدم جوازذلك ، لأنه ليس فيه إذن صريح في شحنها، والأصل في مال الغير الحرمة ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ....). ولا يجوز للغير من مال غيره إلا بإذنه.
ولعموم قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام ).
ونحو ذلك من الأدلة التي تدل على تحريم مال المعصوم إلا بإذن من الشارع أو المالك لفظاً أوعرفاً.
القول الثاني : - وهو الأقرب في نظري - يجوز شحن الجوال في المساجد ونحوها .
للأدلة التالية : -
١ - لقوله تعالى : ( ويمنعون الماعون ) فإن الأمور الحقيرة التي ينتفع بها المسلم ولا يتضرر بها الغير، لا يجوز للمسلم منع أخيه من الانتفاع بها.
٢ - ولقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره) فكل ما فيه نفع لك، ولا ضرر على غيرك فيه ، لا يجوز للغير منعك منه.
٣ - ولأن العلم برضى المستحق يقوم مقام اظهاره للرضى . لحديث عروة البارقي، لما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ديناراً ليشتري له أضحية فاشترى بالدينار شاتين، وباع شاة بدينار ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ودينار، فقال له صلى الله عليه وسلم ( بارك الله لك في بيعك ) مع أنه لم يوكل على شراء الشاة الثانية ولا بيعها، وأقر على ذلك، لأنه يعلم برضى النبي صلى الله عليه وسلم .
وكذا ههنا فإن ولي أمر المسلمين يعلم بذلك ولم ينه عنه، مما يدل على موافقته ورضاه .
٤ - ولأن الأخذ من بيت مال المسلمين للحاجة يجوز، ولو بغير إذن إمامهم ما لم يترتب على ذلك مفسدة أعظم، ومما يدل على ذلك قصة الشيطان مع أبي هريرة لما كان حافظاً لمال الزكاة ، واشتكى له الحاجة والفاقة وأنه فقير وذو عيال، فترك له ما أخذه ، مع عدم استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقره صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وهناك أدلة أخرى تدل على هذا ، كما في الحديث ( إن المسألة كدح يكدح الرجل بها وجهه إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان ، أو أمر لا يجد منه بداً ).
فرخص في مسألة السلطان من بيت المال بغير قيد أو شرط، والإمام يجب عليه أن يتصرف بالأصلح، فكل من يتصرف لغيره ، يجب أن يتصرف بالأحسن لا الحسن، لقوله تعالى ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ).
وأما ما يترتب عليها من إزعاج ، أو انشغال عن الطاعة، فهذه عوارض خارجة عن أصل مسألتنا.
والأصل في الأمور العارضة العدم .
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد العصيمي.
كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق