إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الخميس، 20 يوليو 2017

حكم زكاة المال الكاسد//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


حكم زكاة المال الكاسد :

وهو المال الذي أخذه صاحبه بنية التجارة ثم لم يرغب أحد في شرائه  مطلقاً، أو بنقص كبير عن قيمته السوقية ، بحيث لا يرغب في قبول ذلك الثمن فيها إلا مضطر.
فكل ما يعد من المال في العرف كاسداً، فهو كاسد، لأن ما لم يحدد في الشرع، فالمرجع في تحديده إلى العرف.
@ مقتضى مذهب الجمهور ،  وجوب الزكاة فيه ، لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في عروض التجارة ، والتي لم تفرق بين كاسد وغيره، ومن تلك الأدلة ( يا أيها الذين آمنوا انفقوا  من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض. ).
وذهب بعض المالكية ، ونسب للإمام مالك إلى عدم وجوب الزكاة في المال الكاسد .
ويمكن أن يستدل لهم : 
بأن المال الكاسد ليس من المال الذي يكون الإنسان غنياً به، لقوله صلى الله عليه وسلم ( تؤخذ من اغنيائهم  وترد على فقرائهم ) ولا يكون الإنسان غنياً بالمال إلا إذا كان مملوكاً له وتحت تصرفه، والكاسد ليس  من المال الذي تحت تصرفه لأنه لا رغبة لأحد في شرائه، أو في حكم المال الذي ليس تحت التصرف إذا لم يأت بالقيمة السوقية ، وذلك إذا كان الفارق كبيراً، كمن لم يجد الماء لطهوره إلا بمبلغ كبير فاحش عرفاً، فهو في حكم من لم يجد الماء.
وأيضاً : ولأن العلة هي نية الاتجار،  وعند كساد تلك السلعة ، تكون  تلك النية في محل لا يقبل الاتجار، فتكون هذه النية كالعدم.
وإذا تعارض اللفظ والمعنى قدم المعنى إذا ظهر ، وإن لم يظهر فاتباع اللفظ أولى.
ولما كانت السلعة غير كاسدة كان صاحبها هو الذي يواسي الفقراء بزكاتها، ولما آلت إلى الكساد لم يكن صاحبها أهلاً لمواسآة غيره إن لم يكن هو أهلاً لأن يواسى .
@ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح .
والجائحة : هي كل ما لا يمكن دفعه أو  تضمينه إذا أُتلف أو أنقص العوض قبل التمكن من القبض.
وكساد السلعة يشبه الجائحة ، لأن ما أصابه ليس باختياره ، ولا صنيع يده.فلا زكاة فيه حتى يرتفع الكساد .

@ وكذا  قياس حالة الكساد في الأراضي وغيرها من السلع على تحويل النية من التجارة إلى الاقتناء والادخار ، وقد نص الفقهاء على أن التاجر إذا أفرز بعض أمواله ليأخده إلى بيته لاستعمال فيه ، فإن زكاته تتوقف منذ ذلك ، وحالة التربص - خلال مدة التربص - تشبه هذه ما دام المتربص لا نية له بالاتجار  بالمال المتربص فيه ، بل تركه بمعزل عن التداول إلى أجل غير محدد. 

فإن قيل : العروض من الأراضي وغيرها مدة الكساد مال قد ثبت له حكم الإدارة بالنية والعمل ، فلا يخرج عنها إلا بالنية ، أو بالنية والعمل ، وليس بوار العرض وكساده من نية الادخار ولا من عمله ؛ لأنه كل يوم يعرضه للربح والتكسب ولا ينتظر به سوق لا كساد فيه . 

فالجواب  : أن نية الاتجار بالسلعة وإن لم تتغير إلا أن الكساد كان سبباً لزوالها وعدم  حصولها في تلك المدة ، فكان سبباً خارجاً عن الإرادة البشرية  لحصول مقصوده فأشبه الجائحة.

@  ولأن المال في هذه الفترة خرج من نطاق التجارة التي تنميه ، والزكاة إنما هي في المال النامي فعلاً أو تقديراً  كالنقود ، والمال في هذه الحالة أصبح غير نام ، أو متوقف النماء ، كالديون غير المرجوة الوفاء .

فإن قيل : إن قياس السلعة التجارية من الأراضي وغيرها في حالة الكساد على الديون غير المرجوة  قياس بعيد ، إذ إن الفرق ظاهر بين المقيس والمقيس عليه ، فصاحب الأرض وغيرها من العروض وقت الكساد يستطيع البيع ، ويمكنه تحصيل المقابل لهذه السلعة ، أما في حال الدين غير المرجو فإنه لا يمكنه الوصول إلى ما بيد المدين ، فهو في الحقيقة غير تام الملك  .

فالجواب : بعدم التسليم بأن صاحب المال الكاسد يستطيع البيع، فقد لا يجد من يرغب في شرائها نهائياً لأي سبب من الأسباب، وقد يجد من يشترئها بثمن زهيد بالنسبة لذلك العرض. فتكون في حكم العرض الذي لم يجد من يرغب في شرائه، بخلاف الاحتكار ورخص السلع فالفرق بينما ظاهر .

وبعد هذا العرض يتبين رجحان القول الثاني، وهو عدم وجوب الزكاة في المال الكاسد مدة كساده، ، مع ضرورة التفريق بين المال  الكساد، وقد تقدم ضابطه ، وبين الرخص والاحتكار،فرخص السلعة لا ينفي وجوب الزكاة فيما أعد للربح والاتجارمنها ، فإذا رخصت السلعة وما زالت معدة للاتجار وجبت الزكاة عليها إذا حال الحول عليها بسعرها في السوق عند حولان الحول.
والمحتكر: هو الذي يحبس السلعة المعدة للاتجار ليرتفع سعرها، وهذا تجب عليه الزكاة ، وليست سلعته كاسدة .
ويقاس على المال الكاسد، المساهمات العقارية المتعثرة التي لا يعلم متى تنتهي  مشكلتها، فهي ليست تحت تصرف أصحابها في تلك المدة .

والورع هو تزكية  المال الكاسد ، إبراء للذمة وأخذاً بالاحتياط ، والله تعالى أعلم .


كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة/جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت