المراد بالظل في قوله صلى الله عليه وسلم ( سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله ).
أهل السنة والجماعة اختلفوا في المراد باظل في هذا الحديث - ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ) - على قولين :
١ - المراد به ظل الله تعالى ، وقد جاء ذلك في رواية الصحيحين، ونسب الظل إلى الله تعالى .( أظلهم في ظلي ) أي ظل الله ،وفِي الرواية الأخرى في الصحيحين ( اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)
وقياس الظل الدنيوي على الأخروي فاسد، لأن أحوال الدنيا لا تقاس على أحوال الآخرة .
ولا يلزم على أصل الإيمان بالصفات عند أهل السنة والجماعة من وجود الظل وجود غيره، ؛ قال تعالى عن الجنة:" أكلها دائم وظلها" وليس ثمة شمس.
٢ - المراد بالظل ، هو ظل العرش ، وجاء نسبة ذلك بالسند الصحيح في غير الصحيحين .
خرَّج الإمام أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من نفس عن غريمه ، أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة ) ، وهذا يدل على أن المراد بظل الله : ظل عرشه " -"
والجواب : أن حمل المطلق على المقيد ، إنما يكون إذا اتحد الحكم .
وأما إذا اختلف الحكم لم يحمل المطلق على المقيد.
وفرق بين ظل الله الذي هو من صفته، وظل العرش الذي هو من خلقه.
والأصل في باب الصفات أنه من إضافة الصفة إلى الموصوف، حتى تأتي القرينة أو الدليل الذي يدل على أنه من إضافة الخلق إلى المخلوق، سواء ذلك بإجماع أو غيره.
فإن قيل : هل هناك تعارض بين الحديثين ( يوم لا ظل إلا ظله) ( كان في ظل عرشه)
فالجواب: عند من ضعف الروايات في ( ظل عرشه) فلا تعارض بين صحيح وضعيف، وعلى فرض الصحة ، فرواية الصحيحين مقدمة في الترجيح على فرض التعارض.
أو يقال : (يوم لا ظل إلا ظله ) أي يوم لا ظل إلا ظل يوجده الله تعالى ، سواء كان ظله جل وعلا على إثبات صفة الظل عند أهل السنة والجماعة بلا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، أو كان ظل العرش .
أو يقال : إن هذا يختلف باختلاف عرصات يوم القيامة ، فهناك مواقف يكون الإنسان تحت ظل العرش ، أو تحت ظل صدقته، وهناك موقف لا يكون إلا ظل الله تعالى .
فإن قيل : وروى الإمام أحمد : عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي فِي ظِلِّ عَرْشِي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " .
فالجواب : في الحديث ضعف، وعلى فرض صحته فرواية الصحيحين مقدمة عليه، وعلى فرض التعارض، فالنصوص الواردة في ظل عرش الرحمن غير النصوص الواردة في ظل الله تعالى ، فهناك ظل لله تعالى ، الإيمان به واجب ، والسؤال عن كيفيته بدعة ، وهناك ظل للعرش، ولا يعني إثبات أحدهما نفي لآخر. والمتحابان في الله تعالى ، اجتمعا عليه وافترقا عليه، أعظم أجراً من مجرد المحبة في الله تعالى .
مع أن هذا النص عند الإمام أحمد ، يفيد بأن المراد بالظل ، هو ظل يوجده الله تعالى في ذلك الموقف تحت العرش، فإذا صح الحديث ، تبين المراد ، - وفِي صحتها نظر - وإلا وجب التوقف بما أفادت رواية الصحيحين .
وأما المعتزلة والجهمية فهم ينفون الصفات، ويقولون : هو ظل لشيء يخلقه الله تعالى .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق