مسألة المصارفة المشروطة بالشراء:
كقولك لصاحب المحل : اصرف لي هذه المئة عشرات، فقال : لا أصرف لك حتى تشتري مني .
فهذه المعاملة محرمة ولا تجوز لما يأتي:
١- حديث فضالة بن عبيد قال اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا فيها ذهب وخرز ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تباع حتى تفصل )).وهذه مسألة درهم ومدة عجوة بدرهمين ، فلا تجوز على الصحيح حتى تفصل. ويشمل الحديث : بيع كل مال يجري فيه الربا بمال يجري فيه الربا ومع أحدهما أو كلاهما من غير جنسهما، لأن الجهل بالتساوي ، كالعلم بالتفاضل.
وسواء كان المفصول المنفرد من المال الذي يجري فيه الربا أكثر أو أقل فلا فرق، وصورة السبب وإن كانت تدخل في النص قطعاً إلا أنها لا تخصصه ، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ( لا تباع حتى تفصل ).
٢- ولحديث أبي هريرة : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة ) رواه أحمد والنسائي.
النهي عن بيعتين في بيعة فيحمل هذا الحديث على كل بيعيتن في بيعة إذا كانت محتويه على محذور شرعي وما لا فلا. والمحذور الشرعي هنا هو التفاضل بين مالين من الأموال التي يجري فيها الربا.
ويدخل في النهي عن بيعتين في بيع : إذا باع بحال بثمن ، وإن كانت مؤجلة بثمن أكثر، ولم يحدد في العقد، لا يجوز لأنه قد يأخذه على أنه يدفع حالاً فيعجز عن ذلك فيأخذ بزيادة الأجل وتزاد القيمة، وهو ربا الجاهلية : زد وتأجل .
ويشمل أيضاً : بيع العينة، فهو من بيعتين في بيع ، وأما لفظ أبي داود( من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا). فهي شاذة ، وذلك لأن يحى بن زكريا وإن كان ثقة ، فقد خالفه عدد من الحفاظ أمثال عبدة بن سليمان ، ويحيى بن سعيد، ويزيد بن هارون ، وعبدالوهاب بن عطاء، وغيرهم ، كلهم رووا الحديث ( نهى عن بيعتين في بيعة ) واللفظ الآخر( فله أوكسهما أو الربا) شاذ، كما سبق.
وعلى هذا: فكل بيعتين في بيعة تحتو على محذور شرعي فهي غير جائزة، وما لا فلا .
٣- ولحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد".
وهنا لم تتحقق المثلية في المصارفة من جنس واحد، وذلك أنه صارفه وأخذ ربح ما اشترى منه، فكانت مصارفة مشروطة بزيادة وهي ربح ما اشترى منه، والله تعالى أعلم وأحكم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق