حكم تأخير وتقديم الجمع في رمي الجمار:
هل يجوز لأهل الأعذار أن يجمعوا رمي يوم الحادي عشر والثاني عشر في واحد منهما:
-------
روى أحمد وأبو داود وغيرهما حديث عاصم بن عدي رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص لرعاة الإبل في البيتوتة خارجين عن منى، يرمون يوم النحر، ثم يرمون للغد ومن بعد الغد ليومين، ثم يرمون يوم النفر).
وعلى هذا: فمن رمى من رعاة الإبل يوم النحر: جمرة العقبة، ثم أخر رمي يوم الحادي عشر، إلى يوم الثاني عشر، فجمع رميهما -الحادي عشر والثاني عشر- في اليوم الثاني عشر، ثم رمى يوم الثالث عشر لمن تأخر منهم، فقد أخذ بالرخصة.
والقاعدة: الشريعة لا تفرق بين متماثلين، ولا تجمع بين مختلفين.
والقاعدة: المنصوص عليه وما في معناه حكمهما واحد.
والقاعدة: يقاس على الرخص.
والقاعدة: الحاجة تنزل منزلة الضرورة، إذا كان منصوصاً عليها، أو في كانت في معنى المنصوص عليه، أو أولى من المنصوص عليه.
- وعليه: فإن في الإسعاف للمرضى أو شق عليه الرمي في كل يوم ككبار السن، ونحو ذلك، يجوز لهم أن يجمعوا في الرمي كرعاة الإبل، وهو أولى من التوكيل.
-
* وهل يجوز تقديم رمي جمار اليوم الثاني عشر في اليوم الحادي عشر لأهل الأعذار:
منع منه جمهور الفقهاء، أخذاً بالرخصة حسب نص حديث عاصم بن عدي، والأصل هو رمي كل يوم في يومه، فيقتصر على ما ورد في الرخصة، والترخيص يدل على أن الأصل عدم الأخذ بالرخصة إلا ما دلّ عليه الدليل.
وذهب جمع من الفقهاء ومنهم ابن خزيمة، وهو وجه عند الشافعية: إلى جواز التقديم في اليوم الحادي عشر، أو التأخير في جمع رمي جمرات اليومين في الثاني عشر.
وذلك:
١- في رواية لحديث عاصم: (أن يرموا في أحدهما).
٢- ولأن أيام منى كلها، وقت للرمي لمن فاته الرمي للعذر، قضاءه فيها، لا بعد خروجها.
وكذا هي وقت للرمي لمن رخص لهم الشارع في جمع الجمارات، كرعاة الإبل.
٣- ولأن حديث عاصم في أكثر نصوصه المروية يحتمل أكثر من احتمال في جمع التقديم أو التأخير.
والقاعدة: النص إذا كان يحتمل أكثر من معنى بحسب وضع واحد، حمل على جميع معانيه.
٤- وقياساً على الجمع بين الصلاتين اللتين ورد النص بجمع إحداهما مع الأخرى، يجوز فيها التقديم والتأخير، ويؤيده لفظ في حديث عاصم بن عدي: (يتعاقبون) أي: في رمي الجمار، بحيث يرمي بعضهم في الحادي عشر ليومين، وآخرين في اليوم الثاني عشر ليومين.
وبعد هذا العرض: يترجح القول الثاني، والأول أحوط.
والعلم عندالله تعالى.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق