إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأربعاء، 6 نوفمبر 2019

حكم العفو عن المدين الصوري، هل يكون العفو له، أو لمن أخذ الدين له، أم يلغو العفو مطلقاً// لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


حكم العفو عن المدين الصوري، هل يكون العفو له، أو لمن أخذ الدين له، أم يلغو العفو مطلقاً:

الفرق بين أخذ المال على الجاه (الشفاعة)، وأخذه على القرض، وأخذه على مجرد الاسم (الشيء الصوري) وأخذه في الذمة.

فمثلاً: زيد ذهب لشخص وأخذ منه مالاً على أنه لفلان بلا علم الدافع للمال.

ففي هذه المعاملة ثلاثة أطراف:
 زيد: الذي دفع المال.
وعمرو: الوسيط.
وفهد: الذي أخذ المال من زيد بواسطة عمرو.
-----
١- فإذا أخذ الوسيط (عمرو) المال من زيد على أنه قرض له ثم أقرضه فهد.
فالأمر واضح: أن عمرو لا يجوز أن يأخذ أجراً ولا زيادة على فهد، فإن فعل وقع في الربا.
وإن  وقع عفو من زيد لعمرو، رجع عمرو على فهد بالمال الذي دفعه له -إذا كان المراد والمقصود من العافي شخص المعفو عنه-.
-------
٢- وإن أخذ الوسيط (عمرو) المال بجاهه من زيد، لا على أنه مالك للمال، وإنما له من مكانة عند زيد، فأخذ المال على أنه لفهد.
فلا يجوز أن يأخذ عوضاً على هذا الجاه، لأنه من أخذ الأجر على الشفاعة: وهي لا تجوز عند جمهور العلماء -وقد فصلنا القول فيها في حكم أخذ العوض على الشفاعة فيما تقدم-.
وليست من شركة الوجوه، لأن شركة الوجوه يأخذون المال في ذممهم على أن المال لهم: لهم غنمه وعليهم غرمه، ولا يكون تجارتهم فيه من المعاملات الربوية.
وعليه العفو من الدافع هل يقع للوسيط أو للآخذ حقيقة، أما الإبراء للوسيط فقد وقع عند العفو وليس له حق المطالبة له.
 وأما المال الذي أسقط هل يكون للوسيط لأنه هو المقصود بالعفو، أو لفهد الآخذ، لأن النظر هل هو إلى المعاملة -الفعل- بغض النظر عن الفاعل، أو النظر إلى الفاعل بغض النظر عن الفاعل، مع العلم أن مقصود هو الشخص الذي عفي عنه.
وهذا يعود لقاعدة: الفرق بين تعليق الشيء على مجرد الفعل، أو الفعل الاختياري -وقد سبق بيان ذلك في قاعدة مستقلة-.
فمن قال لزوجته: إذا طلعت الشمس فأنت طالق: طلقت بمجرد طلوع الشمس.
وإذا قال: إن خرج الطفل من البيت فأنت طالق، يقصد منعها له من الخروج، فخرج  لنسيانها أو بغير اختيار منها لم يقع طلاقها.

فكذلك ههنا إذا قصد زيد العفو عن المبلغ لكونه يريد أن يتصدق به يستوي عمرو وفهد، كان العفو للآخذ حقيقة وهو ههنا فهد، وإن قصد الوسيط فهو له، ويعود بالمبلغ على فهد، لأنه قصد عمرو فيكون له، وفي الحديث: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امريء ما نوى) فليس للعامل من عمله إلا ما نواه.
ولحديث (لك ما نويت يا يزيد، ولك ما أخذت يامعن) مع أن يزيد يريد الصدقة، ولم يرد شخص معن الذي هو ابنه، ولكن كان ليزيد ما نوى، لأنه أراد الصدقة، وقد وقعت له من معن كما تقع من غيره، وذلك لما وضع يزيد المال عند رجل في المسجد ليتصدق بها.
وهذا كله فيما أراد العفو، وأراد شخص بعينه، وأما إذا أراد العفو لشخص بعينه، وإذا تبين غيره فإنه لا يكون عافياً مطلقاً، وذلك لوجود دليل أو قرينة على ذلك رجع صاحب العفو عن عفوه.
-----
٣-  وإن أخذه الوسيط (عمرو) المال من زيد على أنه مجرد صورة، ودفعه لعمرو كما يحصل من بنك التسليف: ياخذ مجرد اسم اخيه، فيكون العفو من زيد للآخذ حقيقة وهو فهد، فله غنمه وعليه غرمه.
ولا يجوز أخذ المال -العوض- على مجرد الاسم فقط، وقد سبق في أوجه أخذ المال شرعاً.
وأما العفو فإذا كان  المراد هو شخص المعفو عنه لا مجرد الفعل فيكون للمعفو عنه، وإن كان المراد هو عين المعفو عنه فإن تبين غيره فلا عفو فهو كما أراد.
وعلى هذا يكون التفصيل في الحالتيين السابقتين على النحو التالي:
١- أن يكون يكون هناك دليل أو قرينة على أن العفو منصب على الفعل: فيكون العفو للمستدين حقيقة لا صورة ولا جاهاً.
٢- أن يكون العفو منصب للفاعل فهو للفاعل وهو ههنا الوسيط.
٣- أن يكون العفو المراد به الفعل مع الفاعل: ألغي العفو.
٤- أن لا يعلم المراد، فالمرجع في تحديد المراد إلى العرف.
وهذا كله لأن الفعل محتمل فالذي يحدد المراد هو النية لحديث (إنما الأعمال بالنيات).
-------
٤- أخذ المال في الذمة ثم المتاجرة فيه بالطرق الشرعية كشركة الوجوه، فلكل منهما له من المال النصيب المشاع الذي تحمله في ذمته.
فلو أخذوا بوجوههم مالاً على أنهم شركاء، لأحدهما الثلث، وللآخر الثلثين، كان في ضمانهما بحسب نصيبهم المشاع.
------
وعلى هذا العفو عن الميت في الدين من بيت مال المسلمين لمن  أخذ باسمه الدين، عفا عنه ولي الأمر لكونه مدين قد مات، فيعود الورثة بمقدار العفو على من أخذ باسم مورثهم، لأن العفو مقصود به شخص معين فيكون له.
ما لم يكن المراد هو الفعل مع الفاعل فيكون لاغياً.

وإذا عفا بنك التسليف عمَّن اقترض منه فلا يعود على من كان باسمه القرض على المقترض لأن المقصود فاعل التسليف لا عين المستسلف.
والفرق بينهما كبير، ففرق بين تعليق الأمر على مجرد الفعل كما هو الشأن ههنا، وبين التعليق على الفاعل كما هو الشأن في العفو عن الميت في الدين.
والله تعالى أعلم.

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت