حكم استجلاب العطاس:
-------
في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يحب العطاس، ويكره الثثاوب).
ولا شك أن الأنسان إذا عطس بلا طلب له يكون في عطسه فوائد شرعية: كتحميد الله تعالى، وتشميته، والدعاء لمن شمته بالهداية وصلاح البال. فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَإِذَا قَالَ لَهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ).
وكذا فيه فوائد بدنية.
وفي صحيح البخاري مرفوعاً: (فإذا عطس أحدكم وحمد الله كان حقاً على كل مسلم سمعه أن يقول له يرحمك الله).
ولهذا ذهب جمع من الفقهاء أن تشميت العاطس واجب على كل من سمعه، وقيل واجب على الكفاية، والأقرب أنه مسنون، لأنه مترتب على مسنون فهو مسنون، والفرع أضعف من الأصل.
-----
* وهذا أصح ما ورد مرفوعاً في صيغة الحمد عند العطاس، وفي تشميت العاطس.
وأما زيادة: الحمدلله رب العلمين من العاطس، ويغفر الله لنا ولكم في رده، لم يثبت مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فقد روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلْيَقُلْ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَيَقُولُ هُوَ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ). فزيادة: (على كل حال) مخالفة لرواية أبي هريرة عند البخاري.
وروى أبو داود والترمذي عَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلْيَقُلْ لَهُ مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَلْيَقُلْ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ). ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود.
وصححه في "صحيح الأدب المفرد" موقوفاً على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. فلم يثبت رفع هذه الزيادة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس يقول إذا شُمِّت: عافانا الله وإياكم من النار، يرحمكم الله. صححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد".
وهذا موقوف من قول ابن عباس رضي الله عنهما.
وروى مالك في الموطأ: عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ إِذَا عَطَسَ فَقِيلَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، قَالَ: يَرْحَمُنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ، وَيَغْفِرُ لَنَا وَلَكُمْ.
وهذا أيضاً موقوف من قول ابن عمر رضي الله عنهما.
-----
* وفي الحديث الأول: (إن الله يحب العطاس).
إذا كان استجلابه أو كثرته مرض أو يسبب الضرر، فلا يكون ذلك مسنوناً لحديث: (لا ضرر ولا ضرار)، وقال فيمن تضرر بالصيام: (أولئك العصاة أولئك العصاة).
وقال تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج).
وإذا لم يكن الأمر كذلك فإن فعل ما يحبه الله، مطلوب شرعاً، قال تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)، (إن الله يحب المحسنين).
(يا جبريل إن الله يحب فلان فأحبه).
قاعدة: كل قول أو فعل أو شخص يحبه الله، فمحبته عبادةٌ يُتَقَرَّبُ بها إلى الله تعالى.
للأدلة السابقة، مالم يترتب عليه ضرراً.
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق