إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأربعاء، 25 ديسمبر 2019

حكم عدم رد السلام من القاضي// لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


حكم عدم رد السلام من القاضي:

-------
عدم رد القاضي للسلام  قد يكون من أجل العدل بين الخصوم، حتى لا يطمع من سلم عليه دون الآخر.
وقد ذكر ذلك بعض الفقهاء من باب العدالة بين الخصوم في لفظه وملحظه ومجلسه ومراعاةً لمشاعر الخصم الآخر.

مع أن الصحيح أنْ يَرُدَّ السلام الشرعي ولا يعتبر ذلك ميلاً لأحدهما دون الآخر.

* فإن قيل: إن المصلحة تقتضي عدم الرد على الخصوم حتى يكون القاضي مهيباً لا يتجرأ عليه الخصوم.

فالجواب: أن القاعدة: كل اجتهاد يعود على النص بالإبطال فهو باطل.

والقاعدة: كل مصلحة معارضةٍ للكتاب والسنة فهي مصلحة ملغاة غير معتبرة.

والنصوص في رد السلام  كثيرة جداً:
قال تعالى:  (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيباً) أي محاسباًً مجازياًً.

وفي الصحيحين من حديث أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ).
ورواه مسلمٌ أيضا: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ) قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ).

 "وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: (حَقُّ الْمُسْلِمِ) أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ وَيَكُونُ فِعْلُهُ إمَّا وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا نَدْبًا مُؤَكَّدًا شَبِيهًا بِالْوَاجِبِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي تَرْكُهُ، وَيَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ، فَإِنَّ الْحَقَّ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الْوَاجِبِ، كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ، وَكَذَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الثَّابِتِ وَمَعْنَى اللَّازِمِ وَمَعْنَى الصِّدْقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: الْمُرَادُ بِالْحَقِّ هُنَا الْحُرْمَةُ وَالصُّحْبَةُ."

وهذا يشمل القاضي وغيره، وإذا كان له أن يجيب عن سؤال أحد الخصمين، فجواز إجابة السلام من باب أولى.
ولأن رد السلام لا يعني الوقوع في الميل والعدل، بل العدل هو في الشرع، فالشرع عَدْلٌ كله، ومنه رَدُّ السلام على من سلم عليك.

* فإن قيل: إن المنشغل بتدريس العلم أو المحاضرات أو مستمع لهم، أو مستمتع بأهله أو منشغل  بالقضاء، أو من يؤذن أو يقيم.  وكذا من كان منشغلاً بقضاء حاجته لا يسن عليهم السلام، فإذا سلم في حالة لا يستحب فيها السلام، كالاحالات السابقة، لم يستحق جواباً لسؤاله، كما ذكره بعض الفقهاء.

والجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم رد السلام بالإشارة على من سلم عليه وهو يصلي، ولم ينكر على من سلم عليه سلامه عليه وهو يصلي، وهي أعظم من الحالات السابقة سواءً كانت مشروعة أو مباحة.

والقياس على الصلاة، لأنه منشغل في عبادة، أولى من القياس على كراهة إلقاء السلام ورده وهو في قضاء حاجته، لكراهة ذكر الله تعالى في الخلاء أو على غير طهارة، كما هو منصوص عليه.

‏‎ وعن أبي الجهم الأنصاري رضي الله عنه قال: (أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ، حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ، فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ) رواه البخاري ومسلم.
‏‎عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَجُلًا مَرَّ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ. رواه مسلم.
‏‎وعَنْ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: (إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ) رواه أبو داود (17) وصححه ابن حجر في "نتائج الأفكار" (1/205)، والألباني في "صحيح أبي داود".

‏‎وقال ابن الهمام الحنفي رحمه الله:
‏‎"أجمعوا أن المتغوط لا يلزمه الرد في الحال ولا بعده؛ لأن السلام عليه حرام، بخلاف من في الحمام إذا كان بمئزر".
‏‎وقال النووي رحمه الله:
‏‎"قال أصحابنا: يكره السلام عليه [يعني: الذي يقضي حاجته]، فإن سلم لم يستحق جواباً، لحديث ابن عمر والمهاجر" انتهى.

والقاعدة: القياس في الباب أولى من القياس في خارج الباب.
والله تعالى أعلم.

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت