حكم قسمة الإنسان تركته قبل وفاته:
إذا قسم الأنسان تركته قبل مرض الموت -وما في حكمه وهو المرض المخوف الذي يموت الإنسان بسببه عادة-
فإن هذه القسمة قبل هذا المرض لموته، لها حكم العطية فإذا عدل في عطيته فيمن يجب أن يعدل بينهم، كلالأولاد والزوجات، وقبض كل إنسان من أولئك الورثة نصيبه، كانت تلك العطية نافذة.
وذلك لتحقق العدالة، وقبض كل فرد ما أعطيه، والهبة لا تملك إلا بالقبض، وهو الراجح كما قد سبق توضيحه.
وأما أذا لم يحقق العدالة، فقد خالف الشرع، فيعود من لم يحقق فيه العدل ولو بعد وفاة مورثهم على من فضله عليه ويأخذ بقدار نقصه منه، لأن الحكم الشرعي مقدم على الحكم الشخصي، فلا نفوذ لما زاد على ما أمر فيه الشارع بالعدل.
وفي الصحيح: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ، قضاء أحق وشرط الله أوثق).
والقاعدة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
فمثلاً له زوجتان أعطى -عطية لا نفقة- إحداهما ألفين، والأخرى ألف، ترجع من أخذت ألف على من أخذت ألفين فيما زادت به، وتتقاسمان الألف الأخرى.
* وكذا إذا لم يقبض كل واحد منهم نصيبه فمات، فإن الهبة لا تملك إلا بعد القبض.
فإذا قبض أحدهما نصيبه والآخر لم يقبض حتى مات، رجع من تجب العدالة فيما بينه وبينه على من قبض في ما زاد عليه ليكون مثله في تحقيق العدالة، ومن لم تجب له العدالة ما قبضه من مورثهم في حال الحياة ولم يكن في المرض المخوف، فهو لمن أعطيه ولا رجوع لأحد عليه.
* وإذا كان هذا التصرف في الموت المخوف، فله حكم الوصية، فلا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة إذا كانوا بالغين عاقلين، ولا يجوز أن يتصرف لغيرهم بأكثر من الثلث.
والله تعالى أعلم وأحكم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق