حكم الجماع في العمرة:
الفرق بين جماع الزوجة قبل السعي، وبعده، في العمرة:
———
إذا جامع الرجل زوجته بعد الطواف والسعي في العمرة، وقبل الحلق أو التقصير، صحت عمرته، وعليه الدم عند جماهير أهل العلم، ووجب أن يحلق أو يقصر، في أي مكان.
فإن عزم على ترك الحلق أو التقصير عالماً متعمداً، فعليه دم لترك واجب من واجبات الحج عند الجمهور، ثم جامع بعد عزمه على تركه لم يحب عليه إلا دم واحد لترك واجب الحلق أو التقصير.
والقاعدة: العزم على الفعل في المأمورات والمحظورات ينزل منزلة الفعل -وقد سبق ما يتعلق بهذه القاعدة في القواعد-.
وإن جامع عالماً متعمداً قبل أن يعزم على ترك الحلق أو التقصير، فعليه دم عند الجمهور لفعل المحظور، ودم آخر لعزمه على ترك الواجب من الحلق أو التقصير.
وأما من جامع عالماً متعمداً في عمرته قبل الطواف وبعد الدخول في النسك، فقد فسدت عمرته، ويمضي في فاسده، ويجب عليه القضاء وعليه دم شاة، وهذا عند جماهير أهل العلم، قياساً على من أفسد حجه قبل التحلل الأول، لحكاية الإجماع على ذلك في الحج.
اللهم إلا أن الحنفية يقيدون ذلك بأربعة أشواط من الطواف، لأنهم ينزلون الأغلب منزلة الكل.
والصواب: قول الجمهور، وأن الطواف لا يصح إلا بعد اكتمال عدده، فبعضه مبني على بعض كالصلاة، فمن انتقض وضوؤه في الطواف قبل تمامه يجب عليه إعادته من أوله.
وأما من جامع عالماً متعمداً بعد الطواف وقبل السعي في عمرته: هل هو في حكم من جامع قبل الطواف، أو في حكم من جامع قبل الحق أو التقصير: قولان.
فمن يرى ركنية السعي قاسه على الطواف بجامع الركنية في كل.
ومن يرى وجوب السعي لا كونه ركناً قاسه على الحلق أو التقصير بجامع كون كلٍ منهما واجباً.
والأظهر أن من جامع بعدالطواف وقبل السعي، صحت عمرته وعليه الدم، ويحلق أو يقصر، وذلك لسببين:
١- أن السعي واجب وليس بركن -ويأتي بيان ذلك بإذن الله تعالى-.
٢- ليس كل من جامع قبل أن يفعل الركن يفسد إحرامه.
فإن من جامع زوجته في الحج بعد عرفة وقبل طواف الحج لم يفسد حجه مع بقاء ركن من أركان الحج وهو طواف الحج، فانتقضت هذه العلة: وهي كون الجماع قبل تمام الأركان يفسد الأحرام، والله تعالى أعلم.
تنبيه: هل يعذر الإنسان بالجهل والنسيان في الجماع، قولان، أظهرهما العذر، وتخصيصه بين المحظورات بعدم العذر، يحتاج إلى دليل.
والله تعالى أعلم.
كتبه/ محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى/ مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق