حكم تبادل العملات القديمة بالجديدة :
—————
يوجد من يبيع العملات القديمة بمبلغ أكثر من العملة الجديدة ، ويتساءل عن حكمها.
ويتضح ذلك في النقاط التالية :
١ - إذا كانت العملة القديمة ، انتهى التعامل بها كوسيط في التبادل المالي، بحيث لا تعتبر من النقدين ولا تقوم مقامهما، فهذه يجوز شراؤها بالعملة الجديدة ما لم يصل ذلك إلى حد الإسراف عرفاً، لقوله تعالى :( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ).
والقاعدة : ما لم يحدد في الشرع ، فالمرجع في تحديده إلى العرف.
أو يصل إلى حد إضاعة المال ،وفي الحديث( وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال ) .
و( إضاعة المال) بذل المال فيما لا غرض له فيه ديني ولا دنيوي.
وقيل : هو الإسراف في الإنفاق .
وكلاهما صحيح .
قال السبكي : إنفاق المال في الملاذ المباحة موضع اختلاف وظاهر قوله تعالى ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً ) أن الزائد الذي لا يليق بحال المنفق إسراف، ومن بذل مالاً كثيراً في عرض يسير فإنه يعده العقلاء مضيعاً.أ .ه.
وكذا كل ما يعد في العرف إسرافاً فهو إسراف .
وعلى هذا فإن من بذل ماله في غير محرم ولا فائدة له فيه دنيا ولا أخرى فقد فعل مكروها إذا كان يسيراً ولم يصل إلى حد الإسراف ، لقوله صلى الله عليه وسلم( كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال )، فإذا وصل إلى حد الإسراف عرفاً، أو أنفقه فيما حرم الله فقد وصل في إضاعة المال إلى الحد المحرم.
٢ - إذا كانت العملة القديمة لم يزل التعامل بها ولم تلغ بحيث يكون لها ثمنية باقية ، فلا يجوز والحالة تلك التبادل بين العملة القديمة والجديدة متفاضلاً من جنس عملة ذلك البلد، ويكون التبادل والحالة تلك من الربا ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( الذهب بالذهب مثلا بمثل، والفضة بالفضة مثلاً بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا غائباً منها بناجز).
والذهب والفضة ليس فيهما معنى يمتازان به عن غيرهما في عصر النبوة سوى كونهما معياراً لتقييم السلع، وبهما تعرف قيمة الأشياء، وتقدر بهما المتلفات، فإذا وجد هذا المعنى في غيرهما فله حكمهما ، كسائر العملات .
وكذا يجري فيهما ربا النسيئة إذا تأخر القبض لأحدهما عن مجلس العقد .
وأما أن تباع العملة القديمة بعملة أخرى متفاضلاً فلا حرج إذا كان التقابض في مجلس العقد .
٣ - إذا ترتب على هذا التبادل - ولو كان ذلك بالشروط المتقدمة - محظوراً آخر ، فلا يجوز ، كأن يكون المقصود هو الاحتفاظ بصور ذوات الأرواح ، والله تعالى اعلم .
كتبه / د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق