الأفضل في الأضحية :
————-
روى البخاري ومسلم عن أبي ذر قال: قلت: يا رسول الله، أي الأعمال أفضل؟ قال: ((الإيمان بالله، والجهاد في سبيله))، قال: قلت: أي الرقاب أفضل؟ قال: ((أنفَسُها عند أهلها، وأعلاها ثمنًا))، قال: قلت: فإن لم أفعل؟ قال: ((تُعين صانعًا، أو تصنع لأخرق))، قال: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن ضعُفت عن بعض العمل؟ قال: ((تكُفُّ شرك عن الناس؛ فإنها صدقةٌ منك على نفسك))
——
وهذا يدل على أن غلى الثمن له أثر في الفضل، مع كونه أنفس شيء عند أهله.
فإذا تعارض الغلاء مع نفاسته عند أهله، نرجح بأي مرجح آخر مثل الحاجة إليه، أو كثرة عدد من يقسم عليهم أو كونه في بلد المضحي، أو قرابة وصلة أو نحو دلك .
والقاعدة : الحكم إذا علق على وصف قوي بمقدار ذلك الوصف فيه .
ومن الأدلة على ترجيح كثرة العدد، قوله صلى الله عليه وسلم ( في كل كبد رطبة اجر ).
ومن أدلة الترجيح بالحاجة ودفع الضرورة ، قوله تعالى :( فلا اقتحم العقبة ، وما أدراك ما العقبة ، فك رقبة ، أو إطعام في يوم ذي مسغبة ، يتيماً إذا مقربة أو مسيكناً ذا متربة ). وقال تعالى :( فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين ).
ومن أدلة الترجيح بالصلة ، ما رواه الترمذي والنسائي وغيرهما ، مرفوعاً( الصدقةُ على المسكينِ صدقةٌ وعلى ذي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ صدقةٌ وصِلَةٌ ).
ومن أدلة الترجيح بكونه في بلد المضحي وإظهار شعيرة من شعائر الدين ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى في المدينة وذبح بيده)
فلم يعرف أن النبي صلى الله عليه وسلم يرسل بأضحيته من أجل أن يضحي في بلد آخر .
وقال تعالى ( ومن يعطم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ).
وفي حديث معاذ لمادبعثه لليمن قال ( ..تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ).قيل : فقراء اليمن، وقيل : فقراء المسلمين .
مع ملاحظة : أن الترجيح بما يكون خاصاً بالباب أولى من الترجيح بما لا يختص بالباب.
والقاعدة : القياس في الباب أولى من القياس في الخارج عن الباب - وقد تقدمت في القواعد -.
وبناء على ذلك : أن التضحية في بلد المضحي مع كونها أغلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها، هذا هو الأفضل والأتم في الأضحية .
فإذا اجتمع معها القرابة والحاجة زاد الفضل .
ثم ما اجتمع فيه أكثر الترجيحات السابقة ، وهو محل اجتهاد يختلف من شخص إلى شخص ومن حال إلى حال ، ومن زمن إلى زمن ، وكل ما كان فيه اجتماع للأوصاف الشرعية كان أفضل، والأتم ما اجتمع فيه كل ما تقدم، والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق