إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الأربعاء، 10 فبراير 2021

المحاضرة الثانية في فقه المعاملات المالية// لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.



 يشترط في العقد ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن تتوفر فيه أهلية الأداء.


الشرط الثاني: أن يكون العاقدان يملكان التصرف بالمعقود عليه أو يكون ولياً أو وكيلاً فيه.


الشرط الثالث: التراضي.

 ———-

الركن الثالث: وهو المعقود عليه وهو ما يقع فيه التعاقد وتظهر فيه آثاره.

قد يكون عينة مالية يبيعها مثلاً، أو منفعة يسكنه دار يأجره ويقصد المعقود عليه الثمن والسلعه.

-المعقود عليه من قبل البائع ومن قبل المشتري-.

البائع يريد الثمن والمشتري يريد السلعة، ويشترط بالمعقود عليه عقود المعاوضات.

هذه الشروط هي:

أولاً: أن يكون معلوماً لا مجهولاً -أن يكون الثمن معلوماً، وأن تكون السلعة معلومة-.


والدليل على ذلك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغرر).

والغرر هو: كل ماكان مجهول العاقبة.

 أو يقال: بأن الغرر هو كل معاملة تدور بيين الغنم والغرم في أصل المال لا في ربحه.

لأنه إذا تعلق بالربح هذا يسمى تجارة، قد تأخذ السلعة وتكسب فيها أو تخسر، ولكن السلعة هنا موجودة بخلاف مجهول العاقبة أو الذي يكون فيه الربح بين وجود السلعه وبين عدم وجودها هذا يسمى غرراً،  فكل معاملة تدور بين الغنم والغرم في أصل المال لا في ربحه يسمى غرراً.

 

الشرط الثاني في المعقود عليه: أن يكون موجوداً لا معدوماً. 


المعقود عليه، إما أن يكون عيناً، أو موصوفاً.

أما الموصوف فإنه يسمى سلماً.

وأما بيع الأعيان: لا بد من أن يكون البائع مالكاً له وقت العقد. وأما بيع ما لا يملك لا يجوز.

 فمثلا بعت شئياً لا أملكه ثم أسعى في تحصيله ثم أسلمه للمشتري، يكون هنا: بعت ما لا أملك، وربحت في ما لم أضمن. 

بخلاف البيع الفضولي: يعني بفضولي أبيع لغيري؛ يعني: أنا وقفت عند سيارة شخص وعلمت أنه يريد بيعها، وبعتها وأنا لم أستأذن منه فهذا يتوقف على إذنه،  ولكن هنا أنا لم أبع لنفسي، ولكن بعت له. هذا بيع الفضولي، ولكن لو بعت لنفسي في هذه الحال يكون من بيع ما ليس عندك.

أنا في بيع العين: أنا أبيع لنفسي؛ يعني بعت السيارة وأسعى لتحصيلها حتى أمتلكها ثم أملكها من بعتها إياها، وهذا لا يجوز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لحكيم: (لا تبع ما ليس عندك). بخلاف بيع الصفات فهي بيع سَلَم، ماهو بيع الصفات؟ مثلا أقول سلم لي مائة ألف على أن أوفر لك سيارة موديلها كذا وكذا وصفاتها كذا وكذا بجميع الصفات المنضبطة إلى  أجل محدد، فإذا سلمت الثمن في مجلس العقد وكانت الشروط منضبطة والأجل محدداً، هذا لا بأس به؛ وسمى بيع سلم لحديث ابن عباس قال: "قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: (من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم). ولكن بيع السلم يشترط فيه شروط:

الأول: أن يكون الثمن مدفوعاً كاملاً مقدماً في مجلس العقد:

فلو أعطاه جزءاً من الثمن والباقي بعد الاستلام لم يجز،  لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من اسلف في شيء  فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم). ومعنى (فليسلف): يعني  يقدم المبلغ كاملاً في مجلس العقد، ولهذا العلماء أجمعوا إن لم يقدم المبلغ كاملاً في مجلس العقد فهذا البيع لا يجوز.

فكان من شرط صحة السلم: تقديم الثمن كاماً في مجلس العقد، إلا أن المالكية استثنوا اليوم أو اليومين أو الثلاثة؛ تخفيفاً.

 

الثاني: أن تكون السلعه مما يمكن أن تضبط صفاتها:

فإن لم تكن مما يمكن أن تضبط صفاتها كالقمائم في العصر الأول -والقمائم هي آنية رؤوسها مضمومة وكانت تختلف باختلاف كل إناء عن الآخر-، ولكن الآن يمكن ضبطها، وكذا بيع اللآلئ والجواهر ونحو ذلك مما لا يمكن ضبظها بالصفة، إذ اختلاف جزء يسير يؤدي إلى  اختلاف كبير في ثمنه فهذا يؤدي إلى الغرر،  ففي السلم لابد أن يدفع المبلغ في مجلس العقد، وان تكون الصفات منضبطة، وأن يكون الأجل محدداً لحديث ابن عباس السابق. 

 

الشرط  الثالث: أن يكون المعقود عليه مقدوراً على تسليمه:


فلا يصح بيع الطير في الهواء؛ يعني: لا يجوز بيع شيء لا استطيع تسليمه، هذا من الغرر ونهي عنه، أما إذا كان هذا الرجل يسيتطيع تسليمه -غلبة للظن أو يقيناً- فهذا لا بأس به فمثلا: الإنسآن يملك حماماً وطيره إلى السماء وأتى رجل ليشتري الحمام لكن الآن لا يستطيع تسليمه وقت العقد، لا يجوز لكن إذا كان هذا الرجل عنده طيارة بدون طيار أو الطائرة النفاثة ليبقبض الحمام ويسلمه للمشتري، عند ذلك يكون قادراً على تسليمه، أما إذا كان يبيع شيئا ليس قادراً على تسليمه، هذا محرم ولا يجوز، لأنه غرر.

 

الشرط الرابع في المعقود عليه:  أن يكون قابل للعقد عليه شرعاً:

فلا يصح أن يكون على محرم كالخمر والميسر والأنصاب وكل أمر محرم؛ هذا لا يجوز أن يكون المعقود عليه عينٌ محرمة.

والقاعدة: العين المحرمة لا تكون محللة بالفعل المنهي عنه. 

 

(وهنا لا بد أن نفرق بين المحرم لكسبه ولعينه)

المحرم لعينه: مثل الخمر والميسر والخنزير لا يجوز بيعها.

المحرم لكسبه: مثل أن يأخذ الهدايا من المصارف الربوية من أجل المال الذي أقرضه إياهم ويسمونه -بالوديعة- هذا محرم لوصفه لا لعينه فإذا أراد أن يبيعك هذه الهدايا مثلا ً التي قد أعطاها إياه المصرف، فلا بأس.

هدية سيارة من أجل أن يجعل لهم أمواله وديعة هذه وديعة بالعرف ولكن في الحقيقة الشرعية تسمى قرضاً وعند ذلك فالقرض بذل مال لمن  ينتفع به ويرد بدله.

 فهذا أخذ السيارة من البنك وأراد أن يبيعها فيجوز أن تشتري منه السيارة لأنه أخذها محرم لكسبه،  ويدل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أكل عند اليهود مع أن اليهود كانوا يأكلون الربا والسحت ومازالوا.


 وكذلك أيضاً دعته امرأة يهودية إلى شاة مشوية فسمت الكتف لأن النبي صلى الله عليه وسلم يحب الكتف، فالنبي صلى الله عليه وسلم  أجاب دعوتها وأكل من الشاة ووجد طعم السم عند موته أيضا صلوات ربي وسلامه عليه.

 

قاعدة : الأصل في المعاملات الحل.

والحرام محصور، والحلال هو ما سواه قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ).

يدل على أن الأصل هو الحل فالذي يقول بالتحريم يأتي بالدليل، قال: الأصل في المعاملات الحل، فالحرام محصور والحلال هو ما سواه ولذلك تأتي الأدلة بحصر المحرمات كما في قوله تعالى: (إنما حرم عليكم الميتته والدم ولحم الخنزير...).

إنما في لغة العرب قيل: إنها تفيد الحصر، وهو: إثباته في المذكور ونفيه عما سواه.

 وقيل: إنها تفيد تأكيد الشي ولا تفيد الحصر وهذا هو الاقرب وهذا هو الذي عليه جمهور أهل اللغة.

وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم). ومما يدل على أن الأصل هو الحل أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيئ لم يحرم  فحرم من أجل مسألته) رواه مسلم. 

فكان هذا في عهد التشريع أما بعد عهد التشريع فإنه لا يكون الشيء محرماً لأجل السؤال لأن الوحي قد انقطع من السماء بموت النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

 —————-

تقسيمات العقود:

أولًا:  بأعتبار الصحة وعدمها يعني تنقسم العقود من حيث الصحة والعدم إلى هذه الأقسام: 

الاول: عقدُ صحيح:

والعقد الصحيح: ماترتب عليه أثره الشرعي، ووجدت أركانه وتوفرت شروطه، وانتفت موانعه.

 

القاعدة: أن الشيئ لا يتم إلا بوجود شروطه وانتفاء موانعه.

فمثلا: من الشروط في زواج المرأة: وجود الولي، فإذا لم يكن بعقد النكاح ولي كان هذا العقد باطلاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي). 

ولحديث: (لا تزوج المرأة المرأة ولا المرأة نفسها؛ فإن الزانية هي التي تزوج نفسها).

فلابد من شروط العقد بالزواج ومنها وجود الولي.

فإذا وجدت الشروط  في عقد النكاح ولكن وجد مانع، مثل أن تتزوج المرأة بولي وشهود ولكن تزوجت قبل انتهاء عدتها إذا كانت مطلقه فهنا العقد لم يتم لوجود مانع.

فالعقد لا يتم إما لفقده شرط من الشروط أو وجود أي مانع من الموانع فلا بد من تواجد جميع الشروط وانتفاء جميع الموانع فإذا وجد مانع او انتفى شرط فإن العقد لا يصح.

 

القسم الثاني: عقد غير صحيح: وهو مالم يترتب عليه أثره الشرعي لاختلال ركنه أو فقد شرطه، ومن ذلك يكون منهياً عنه هنا إذا كان العقد غير صحيح فلا يترتب عليه أثره لإختلال ركنه أو فقد شرطه أو وجود مانع.

 والقسم الاول: أن يكون الشرط صحيحاً وهو الأصل في الشروط الصحة خلاف إلى ماذهب إليه كثير من الفقهاء، وقالوا إن الأصل في الشروط أنها باطلة إلا مادل دليل على صحتها، ويستدل لهم على  ذلك بحديث: (كل شرط  ليس في كتاب الله، فهو باطل، وإن كان مائة شرطٍ، قضاء الله أحقُّ، وشرط الله أوثقُ، وإنما الولاء لمن أعتَق). 

 

والدليل على  أن الاصل في العقود الصحة قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ..).

 

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم).

وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن أحق الشروط أن يوفي بها ما استحللتم به الفروج). 

أما حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل شرط ليس في كتاب الله): أي ليس في كتاب الله بعمومه ولا بخصوصه.

 

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ولا شرطان في بيع)، (ونهى عن بيع وشرط) وشرطان في بيع والمراد به الشرط الفاسد أو الذي يضم إلى شرط آخر يفسد بالعقد فعند ذلك نقول هذا الشرط لا يجوز والأصل في الشروط الصحة.

 

القسم الثاني: شرط فاسد غير مفسد العقد:

وهو الذي لا يعود على أصل العقد بالإبطال من عدم وجود شرط أو وجود مانع أو يدل دليل على بطلانه.

 

مثال ذلك: أن يتزوج الرجل امرأة ويقول أتزوجك بشرط أن يكون لا ولي لك في عقد النكاح وتتولي أمرك في النكاح -بحيث تزوج نفسها-، وهذا الشرط فاسد مفسد للعقد، لأنه مخل بركن من أركانه، أو تقول المرأة للرجل الذي خطبها وهي بالعدة تقول له أوافق أن أتزوجك ولكن في العدة وهنا يكون العقد باطل؛ لأنه وجد مانع من موانع صحة النكاح وهنا وجد مانع أو فقد شرط، فعند ذلك نقول إن العقد لا يصح ويكون شرطاً فاسداً مفسداً للعقد.


والقسم الثالث: أن يكون فاسداً غير مفسد للعقد، يعني أن يكون الفساد مختصاً بهذا الشرط فلا يترتب عليه عدم وجود شرط ولا وجود مانع ولم يوجد دليل يدل على بطلان العقد بسببه، فالأصل فيه: يبطل الشرط ويصح العقد إلا إذا  جاء دليل على أن العقد لا يصح إلا بهذا الشرط.

إذاً: نقول إن  الشروط إما أن تكن صحيحة أو فاسدة مفسده للعقد، أو تكون فاسدة غير مفسدة للعقد.

 

وذهب بعض العلماء إلى أن غير الصحيح ينقسم إلى قسمين:

باطل وهو ما كان الخلل فيه راجع لأمر أساسي في صلب العقد. 

كفقد ركن أو  شرط فلا ينعقد أبدا أو كان منهيا عنه لذاته كعقد الربا.

 

الأمر الثاني فاسد: وهو ماكان صحيحاً في أصله لكن وجد فيه خلل راجع لوصف من أوصافه. كأن يكون فيه اتفاق على الشرط المحرم وهذا تترتب عليه بعض آثاره ويبطل ماكان منه محرماً.

لحديث: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل). 

ففيه: جواز اشتراط الشرط الفاسد لتحقق بطلانه.


* والشرط الفاسد الغير مفسد للعقد ينقسم إلى قسمين: إما أن يعلم المشترط بأن الشرط فاسد فعند ذلك يجوز اشتراطه لتحقيق بطلانه.

 وإما أن لا  يعلم  فيكون له الخيار بين الإمضاء وبين الفسخ، على سبيل المثال لو أن رجلاً خطب امرأة  وشرطت عليه أن يطلق زوجته الأولى:

نقول إن كانت هذه المرأة لا تعلم بأن الشرط باطل، لها الخيار إذا لم يطلق بين الإمضاء والفسخ.

 

وإن كانت تعلم  بكون هذا الشرط محرماً،  ولا يجوز، ويكون الشرط فاسداً،  ويجوز اشتراطه لتحقيق بطلانه بمعنى يقول: أوافق على هذا الشرط ثم يتزوج بها ولا يطلق زوجته الأولى، بخلاف إذا لم تعلم التحريم، وقالت أنا لم أوافق عليك إلا لأنك ستطلق زوجتك الأولى ولو علمت أن هذا الشرط باطل ما شرطته وما وافقت عليك عند ذلك نقول بأن هذه المرأة تخير بين امضاء العقد وبين فسخه عند تمام العقد.  

———

* الشروط والعقد بإعتبار اللزوم من عدمه ثلاثة أقسام:

 

القسم الأول: العقود اللازمة للطرفين:

مثل البيع والشراء، فلو  قلت بعتك هذا الجوال وقال الآخر قبلت ثم تم الافتراق بينهم بالمكان ولم يكن بينهم شرط بمدة عقد ولم يكن هناك مانع من غش أو خداع أو نحو ذلك، عند ذلك نقول هذا العقد لازم للطرفين.


فما ترتب على هذا العقد من انتقال الثمن من المشتري للبائع، ومن انتقال السلعة من البائع للمشتري ونحو ذلك مما يكون به الزوم.

 

القسم الثاني: أن يكون لازماً لأحدهم دون الآخر:

وذلك كالوكالة فالموكل له حق الإمضاء أو الفسخ في أي وقت مالم يترتب على الوكيل ضرر فإذا ترتب على الوكيل ضرر فإن الوكيل له الخيار بين ضمان الضرر أو ترك الفسخ.


الأمر الثاني بالنسبة للوكيل والموكل، لكل من  الطرفين له حق الفسخ بأي وقت يشاء ما لم يترتب على فسخ الوكالة ما يضر الآخر،  فيخير الفاسخ بين إمضاء الوكالة أو ضمان الضرر.


* وعقود تكون لآزمة من أحدهم دون الآخر، مثل الرهن عندما اشتري كتابا أو جوالاً أو سيارة أو نحو ذلك، ثم قلت اعطني رهناً قال عمارتي رهن حتى اسددك قيمة هذا الجوال او السيارة فالراهن العقد معه يلزم أن يوفي بالرهن وأما المرتهن فله أن يأخذ الرهن وله أن يتركه فليس له بلازم لأن هنا يكون الرهن لازم من الراهن وغير لازم من المرتهن ومعنى أن العقد لازم: لا يمكن لأحد الطرفين فسخ العقد بدون رضى الطرف الاخر إلا بالخيار يعني أن يكون بينهم الخيار بشرط.


* رابعاً: عقود باعتبار التنجيز:

 

 والمقصود بالمنجز: هو الذي يترتب عليه أثره حالاً،  بأن تكون صيغته دالة على إمضائه حين صدورها. 

 

غير المنجز: هو أن يكون مضافاً إلى زمن مستقبل كأن يؤجر داره ابتداء من العام القادم. أو يكون معلقا على حصول أمر، كأنه يقول إن بعتني دارك أبيعك سيارتي فهذا عقد معلق على عقد.

من أهل العلم من منعه، وقال: فيه اشغال الذمة لكل واحد من الطرفين بدون تقابض فلا يصح، لكونه من بيع الكاليء  بالكاليء، وهو المؤخر الذي لم يقبض، بالمؤخر الذي لم يقبض.

والصحيح لا يشترط أن يكون منجزاً من أحدهم أو من كليهما إلا  فيما يشترط فيه التنجيز،  ولا يشترط التنجيز إلا في حالتين:


الأولى: أن يكون رأس مال لسلم.

مثلا: أقول أبيعك سيارة صفتها كذا وكذا بعد سنة بمائة الف ريال فلابد أن يسلم الطرف الآخر الثمن في مجلس العقد وإلا كان البيع باطلاً باتفاق العلماء، إلا أن المالكية أجازوا اليوم أو اليومين أو الثلاثة من باب التخفيف والتيسير.

 لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أسلف فليسلف -أي يقدم الثمن كاملاً في مجلس العقد- في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم).

 

الثانية: أن يكون ذلك في الأموال التي يشرط فيها التقابض في مجلس العقد:

فإذا بعتك ذهباً بذهب لا بد أن يكون منجزاً من الطرفين يداً بيد، وإذا كان الجنسان مختلفين فيشترط التقابض، وإذا كان من جنس واحد يشترط التماثل والتقابض في مجلس العقد.


وهذا الذي يحمل عليه حديث: (نهى عن بيع الكاليء بالكاليء، يعني المؤخر الذي لم يقبض بالمؤخر الذي لم يقبض، وهذا الحديث وإن كان ضعيفاً فمعناه صحيح في هذين الأمرين السابقين بالإجماع.

 

وأما إذا كان في غير هذين الأمرين فلا بأس.

ويدل على جوازه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (أنه كان يسير على جمل قد أعيا، ف أراد أن يسيبه، قال: فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي وضربه، فسار سيراً لم يسر مثله قط، ثم قال: بعنيه بأوقية، قلت: لا. ثم قال: بعنيه، فبعته بأوقية، واستثنيت حملانه إلى أهلي، فلما بلغت المدينة أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت فأرسل في أثري، فقال: (أتراني ما كستك لآخذ جملك خذ جملك ودراهمك فهو لك).

ما معنى أعيا؟ مرض وتعب.

 

الشاهد: أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى الجمل من جابر ولم يستلم الجمل ولم يسلم جابر الثمن إلا بعد ان وصلوا المدينة فهذا البيع غير منجز من الطرفين ولهذا جاز لأنه ليس في ذلك محظور شرعي إنما المحظور الشرعي كان في أمرين اثنين ذكرناهما: في الأموال التي يجري فيها الربا، وإذا كان رأس مال لسلم فلا بد من تسليم الثمن كاملاً في مجلس العقد.

 ——-

* خامساً: عقود باعتبار التسمية:

 أولا. هناك عقود مسماة في النصوص الشرعية أو جعل لها الفقهاء في كتبهم أسماء، مثل البيع والتأجير.


ثانياً. وهناك عقود غير مسماة وجدت حديثا، مثل التوريد والصيانة، وهذه لها أحكام شرعية تستنبط من النصوص والقياس حتى لو لم تكن أسماؤها الحديثة بعينها موجودة في عصر النبوة، فلا يوجد شيء إلا وشرع الله يشمله بسعته وشموله. 

 

القاعدة هنا: العبرة في العقود بالمعاني لا بالمسميات والمباني.

فالعبرة بالمعاني لا بالمسميات والمباني.

والقاعدة الأخرى: الاشتراك في الاسم لا يعني الاشتراك في الحكم.

فمثلا الاسد يطلق عليه كلب لكن لا يشترك مع الكلب بالاحكام الشرعية المتعلقة بالكلب.

ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب).

هنا المراد به الكلب المعروف والأسد وإن أطلق عليه كلب فالعبره بالحقيقة لا بالمسميات.

 

ولهذا نقول النملة لها رأس والإنسان له رأس ولكن قطع رأس الانسان ليس كقطع رأس النملة.

فالاشتراك في الاسم لا يعني الاشتراك بالحكم.

يعني العبرة بالمعنى؛ فلو سمينا الخمور مشروباتٍ روحانيةً 

ولو  سميناه الزنا حب هل يتغير حكمها؟ 

الجواب: لا، لا يتغير؛ لأن العبرة بالمعنى يعني إذا اختلفت المسميات لا تختلف الحقائق.

فهناك عقود في النصوص الشرعية مسماة، وعقود غير مسماة وجدت حديثاً، مثل التوريد والصيانة، يعني هذه التي وجدت حديثاً سميت توريد أو صيانة أو نحو ذلك، العبرة بالمسمى الشرعي فننظر هذه كلها عقود اسمها عقود سلم فإذا سلم الثمن في مجلس العقد وعلى أوصاف منضبطة في المستقبل ودفع المبلغ كاملاً،  هذه تسمى سلم وإذا أخل بشرط كأن لم يسلم المبلغ كاملاً في مجلس العقد أو ذكر أشياء ليست في السلعة أو كان المسلم فيه غير منضبط بالصفات المنضبطة أي لا يمكن ضبطه بالصفات المنضبطة هذا السلم غير صحيح  ولا يجوز، وكذلك الصيانة والتوريد -والسلم هو تقديم الثمن وتأخير المثمن يشترط فيه شروط السلم: تقديم الثمن في مجلس العقد كاملاً،  والثاني: أن تكون الصفات منضبطة، والشرط الثالث: إذا كان هناك أجل يكون الأجل محدداً؛ لحديث ابن عباس السابق-.

 

لهذا اختلف العلماء في الاستصناع؛ والاستصناع: هو تقديم ثمن وتأخير مثمن لكن بشيء ذكر فيه صنعه، والجمهور يرونه سلم ويشترط فيه شروط السلم،

والحنفية يرونه عقداً مستقلاً ليس بسلم وإنما يسمونه عقد استصناع ويجيزونه حتى وإن لم يكن الثمن كاملاً بمجلس العقد والراجح هو ماذهب الى الجمهور لما سبق.

 

* تقسيمات أخرى للعقود:

1- عقود المعاوضات: وهي عقود المبادلات القائمة بين طرفين، حيث يتبادل كل شخص بما لدى الآخر كالبيوع.

2- عقود التوثيقات: كأن يوثق الدين برهن، أو كفالة، أو ضمان.

3- عقود الإطلاقات: وهي إطلاق يد الغير في شيء -أي إتاحة التصرف فيه- لم يكن له التصرف فيه قبل ذلك الوقت -وقت العقد-، مثل الوكالة. 

 

عقود الاطلاقات:  تعني عقود التصرفات.

والتصرف قد يكون بإذن من الشارع أو بإذن من المالك، والقاعدة: كل من أخذ الشيء بإذن من الشارع أو من المالك فيده يد أمانة.

 وكل من كانت يده، يد أمانه فلا ضمان عليه، مالم يتعد أو يفرط.

 

* بإذن من الشارع كما قال تعالى: (لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ).

فإذا كان الإنسان معه قطيع من الغنم ووجد أرضاً مسورةً بحائط أو بناء وكانت هذه الأرض فيها غدير ففتح هذا الرجل الباب وسقى ماشيته وأنعامه، ولا ضرر على صاحب الأرض في ذلك.

هل يجوز له ذلك ؟

نقول: نعم يجوز له ذلك؛ لأن القاعدة: كل ما اجتمع بفعل الله عز وجل لا يملكه الإنسان إلا بعد حيازته. حتى صاحب الارض لا يملكه إلا إذا حازه فالماء في قعر البئر لا يملك لصاحب البئر إلا إذا أخرج الماء وحازه بقارورة ماء أو في وايت أو في بركة له، فأما قبل حيازته فالمسلمون فيه شركاء؛ كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (المسلِمونَ شُركاءُ في ثلاثٍ، في الكَلَإِ، والماءِ، والنَّارِ).


إذاً: هذا دخل في إذن التصرف، فكان له إذن من الشارع. أو يكون التصرف بإذن من المالك مثل العارية أريد أن أذهب إلى مدينة ما فأذهب إلى زميلي أقول أطلب سيارتك عارية،  يباح له حتى يردها إلى صاحبها فالتصرف ههنا كان باذن من المالك.

والقاعدة: كل ما جرت العادة بسؤاله، لا يكون من المسألة المذمومة، كالقرض والعارية.

والتصرف بالاطلاقات إما أن  يكون بإذن من الشارع أو بإذن من المالك، وإذن الشارع مقدم على إذن المالك لأن المخلوق ليس عليه الاعتراض على الخالق وليس له أن يغير ماشرع الله عز وجل.

 

ما معنى الغدير؟ بركة ماء يعني حفرة تجتمع فيها المياه والسيول ونحو ذلك.

 

4- عقود الإسقاطات: وهي كعقود الإقالة، والعفو، والصفح.

أحيانا:  يكون البيع تم وتم التفرق بلا شرط بمجلس العقد ومع ذلك تم التفرق من مجلس العقد بلا شرط ومع ذلك يأتي الإنسآن يقول اطلبك الإقالة فيقيله بمعنى يرد المبلغ عليه ويأخذ السلعة فهذا جائز. إقالة فسخ وكذلك العفو وكذلك الصفح.

 

5- عقود الحفظ: الوديعة،  فالوديعة: هي حفظ المال لصاحبه.

فإذا لم يتعدَّ المودع ولم يفرط فعند ذلك لا ضمان عليه وإذا تعدى وفرط ضمن.

 

6- عقود التبّرعات: وهي العقود الي  ليس فيها عوض، الهدية، والهبة، والوصية، يعني هذه جميعها: بذل مال بلا عوض.

فإن كانت لمجرد نفع المعطى يعني المقصود الأعظم هو نفع المعطى،  هذه هنا تسمى هبة.

 

وإذا كان المقصود الأعظم هو التحبب والتودد هذه تسمى هدية.

 

وإذا كان المقصود الأعظم:  التقرب الى الله هذه تسمى صدقة.

 

الوصية: هي الهبة من مال الإنسان بعد وفاته لغير وارث.

لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث).

وهي تتعلق بما بعد موته يعني بعد موت الموصي فإذا أوصى بشيء ينفذ بعد وفاته 

وكان في الثلث وكان لغير وارث كانت هذه الوصية صحيحة.

 

* البيع: 

تعريف البيع، وتبيين أقسامه، وحكمه، وأركانه، وشروطه، والشروط التي يضيفها المتعاقدان فيه.

 

تعريف البيع:

لغة: مصدر باع، وهو: أخذ شيء وإعطاء شيء.

فالبيع عند العرب مأخوذ من الباع، وذلك أنهم كانو إذا تبايعو مد أحدهم باعه إلى الاخر ويسمى البيع صفقه لانهم كانو اذا تبايعوا صفق أحدهم بيده على يد الاخر.

ومنه التصفيق للنساء؛ لقول الرسول: (من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال ولتصفق النساء). 

فيسمى البيع بالبيع ويسمى بالصفقة.

قاعدة: العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني.

 

وفي الاصطلاح: مبادلة مال بمال معين، أو في الذمة، أو منفعة مباحة بمثل أحدها على التأبيد.

أو هو: مبادلة مال بمال على سبيل التراضي والتأبيد.

التراضي: خرج ما كان ذلك بسيف الحياء فلو أن الإنسان أخذ مال انسان بسيف الحياء هذا ليس برضى منه، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب  نفس منه).

فإذا أخذه بسيف الحياء لم يكن بطيب نفس منه، فلو أن شاعراً ذهب إلى رجل وطلب منه مال تبرعاً، فخاف إن لم يعطه ذلك المال أن يهجوه بشعر فدفع خوفا من أن يهجوه بشعره،  نقول هنا يجوز له أن يدفع المال له لأنه إما دفعه من أجل دفع شره فيكون حراماً على الآخذ إذا علم أنه أخذه منه بسيف الحياء لا يجوز له ذلك لأن القاعدة في ذلك: العلم برضى المستحق يقوم مقام إظهاره للرضا.

مفهومها: العلم بعدم رضا المستحق يقوم مقام عدم إظهاره للرضا، ويدل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم اذا جاءه ناس يطلبونه يأخذون منه المال بسيف الحياء قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إني لأعطي أحدهم العطية يخرج يتلظاها ناراً)، وفي لفظ: (إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَسْأَلُنِي الْمَسْأَلَةَ فَأُعْطِيهَا إِيَّاهُ فَيَخْرُجُ بِهَا مُتَأَبِّطُهَا، وَمَا هِيَ لَهُمْ إِلا نَارٌ، قَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلِمَ تُعْطِيهِمْ؟ قَالَ: إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ إِلا أَنْ يَسْأَلُونِي، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ). 

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يحل مال امرءٍ مسلمٍ الا بطيب نفسٍ منه).

 

كان هناك قوم يعيرون بأنف الناقة فكان إذا قيل لأحدهم يا أنف الناقة طأطأ راسه فجاءهم شاعر  فبجلوه واكرموه فأمتدحهم وقال:

قومٌ هم الانفُ والأذناب غيرهم* ومن يسوي بأنف الناقة الذنبُ.

فكان إذا قيل لأحدهم يا أنف الناقة رفع رأسه وقال قومٌ هم الانفُ والاذناب غيرهم ومن يسوي بأنف الناقة الذنبُ 

 

نعود ونقول على سبيل التراضي والتأبيد.

(التأبيد): خرج به الإيجار،  والإيجار ليس على سبيل التأبيد وإنما بأخذ العين في  فترة محددة ينتفع بها بعوض ثم يردها إلى صاحبها.

 

وعرف البيع بتعريف آخر: هو مبادلة مال بمال معين أو في الذمة أو منفعة مباحة.

والمراد من التعريف هو التقريب وليس المراد  ذكر شروطه أو أن يكون جامعاً ومانعاً،  كما يقول المناطقة و الفلاسفة وأكثر أهل الأصول -هم المتكلمة-، بل المراد بالتعريف هو التقريب.

فإذا سئلت عن تعريف الماء فقل: هو ذلك السائل الأبيض الذي نشربه. فهو تقريب للذهن بخلاف المناطقة والفلاسفة لما عرفوا الماء قالوا: هو جوهر سيال بطبعه. وهذا التعريف يحتاج الى تعريف ولهذا قيل:  تعريف المعرف يزيده نكارة. 


 فالبيع: هو مبادلة مال بمال أو بالذمة.

 أي بيع في الدنيا لا يخلو من تسع صور، وذلك أن أي بيع في الدنيا لا يخلو منها: 

١- عين بعين. 

٢- عين بذمة 

٣- ذمة بذمة.

وكل واحد من هذه الاقسام إما ان يكون ناجز من الطرفين أو نسيئة من الطرفين أو ناجز من أحدهم ونسيئة من الاخر.

 

وفي الرياضيات ثلاثة في ثلاثه تساوي تسعة. 

 * عين بعين:

مثل أن أقول خذ الكتاب واعطني الجوال، هذا عين بعين إما أن يكون ناجز من الطرفين بمعنى اسلمه الكتاب وآخذ الجوال مباشره بمجلس العقد، أو آخذ الجوال وأعطيه بعد غد الكتاب من الاخر وإما أن أقول غداً تأتيني بالكتاب وأعطيك الجوال. 

هذه أمثله تمثل الثلاث أقسام التي ينقسم لها عين بعين. 

*  عين بذمة: 

يعني أبيعك هذا الكتاب بمائة ريال في المستقبل -بعد انتهاء مجلس العقد-.


يعني شيء بذمتك فمثلاً: أعطيك الكتاب وتعطيني مائة ريال بالمستقبل هي دين علي بالذمة 

 فإذا قلت: خذ الكتاب وهو يقول خذ الدراهم -هذا ناجز من الطرفين-.


وإذا قلت: أعطيك الكتاب وتعطيني الدراهم غداً، هذا ناجز من أحدهما نسيئة من الآخر.


وإذا قلت: أبيعك هذا الكتاب غداً،  وآخذ الدراهم بعد غد، هذا نسيئة منهما.

 

* كيف يكون ذمة بذمة؟ 

يعني أبيعك موصوف يعني أقول أبيعك كتاب صفاته كذا وكذا بالصفات المنضبطة بجوال صفاته كذا وكذا.

فأما أن يعطي كل واحد منهم الآخر هذه الصفات  ناجز منهما في مجلس العقد وإما أن يدفع  أحدهم ويؤجل الآخر وإما أن يؤجل ذلك كل منهما بعد مجلس العقد فيكون نسيئة منهما. 

 

* مبادلة مال بمال: خرج بذلك البدل الذي يكون لا على سبيل المبادلة كالتبرعات.

والمال: هو كل عين مباحة النفع بغير حاجة -هكذا عرفت-. 

وقيل المال: هو كل ما يتمول وينتفع به.


وقول: (كل عين مباحة النفع بلا حاجة): خرج الكلب فإنه مباح نفعه ولكن للحاجة فهذا يجوز أن ننتفع به ولكن لا يجوز أن نبيع منفعته، فلو جاء إنسان قال استأجر منك الكلب البوليسي بمائة ريال لا  يجوز.

مباح نفعه ولكن مايجوز تأخذ عليه عوضاً؛ لأن الكلب أبيحت منفعته للحاجة؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مَنِ اقْتَنى كَلْبًا -إلَّا كَلْب صَيْدٍ أوْ مَاشِيةٍ- فإنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أجْرِهِ كُلَّ يوْمٍ قِيراطَ).

وهذا قيد أخرج ما لا نفع فيه كالحشرات.

والحشرات سابقاً ليس بها نفع أما الآن الانتفاع بها ممكن. 

ويمكن يؤخذ منها أدوية وعقاقير ويمكن تجرى عليها تجارب، المهم إذا ما كان فيه نفع لا يجوز تأخذ عليه بدل وإذا كان فيه نفع مافي حرج إلا اذا كان مما لا قيمة له بالعرف.

وخرج مابه نفع مباح لحاجة: مثل الكلب.

(على التأبيد): أيضا يفيد التملك المستمر فيخرج بذلك الإجارة.

 ونستفيد من هذا التعريف عدة فوائد أهمها أن البيع يكون مالاً معيناً مثل أن يكون بعتك سيارتي هذه والثاني ما لا في الذمة وهو ما حدد بالوصف لا بالتعيين.

ولهذا إذا قيل لك ماهو الفرق بين بيع ما ليس عندك وبيع السلم؟ 

نقول بيع ما ليس عندك بيع أعيان وبيع السلم بيع صفات، مثل أن يقول بعتك عشرين كيلاً من البر من نوع كذا وكذا صفته كذا وكذا.

 

 الثالث: منفعة مباحة يكون امتلاكه على وجه التأبيد، مثل أن يبيعه حق المرور في فناء داره.

المنفعه المباحة: 

لابد أن نفرق بين المنفعة والانتفاع.

المنفعة تكون مملوكة. 

الانتفاع غير مملوك. 

 

يعني لو جاء إنسان بالصف الأول في المسجد، وجاء رجل آخر قال ارجع للصف الثاني وأعطيك خمس مائة ريال؟ تقول: هذا لا يجوز؛ لأنك تبيعه مكانك بخمس مائة ريال أنت لك الحق أن تنتفع ولكنك إذا رجعت ليس لك حق أن تأخذ على ذلك عوض.

 

مثل طابور التميس أو المحلات التجارية.

جاء وقال: يا فلان أعطيك عشر ريالات وآخذ مكانك وأنت تخرج من الطابور؛ لا يجوز، أنت لك حق الانتفاع ما دمت تنتفع وأما إذا خرجت لا يجوز أن تأخذ عليه عوضاً. 

 

 

وكذلك إذا كان الانسان يبيع عند برحة المسجد  -في فناء المسجد- فأراد أن يمشي من الموقع وقال من أراد أن يشتري مني هذا الموقع؟ نقول: أنت لا تملك هذا الموقع حتى تبيعه أو تأخذ على ذلك أجرة أنت لك الحق فيه إذا سبقت إليه، وأما قبل أن تسبق إليه،  فإنه لا يجوز أن تأخذ على ذلك مقابل -عوض-.

 وكذلك أيضاً موقف السيارة بالشارع إذا قال جارك لا تقف أمام داري بالشارع إلا بعشرة ريالات، نقول ما يحق له ذلك، ولا يجوز، أنت أحق الناس إذا سبقت إليه وأما إذا لم تسبق إليه، لا يجوز أن تأخذ على ذلك عوضاً. بخلاف الشقة التي تستأجرها فيجوز لك أن تؤجرها من هو مثلك في الضرر؛ لأنك ملكت منفعة فيجوز أن تؤجرها لغيرك.

 

و القاعدة: فرق بين المنفعة والانتفاع.

كما ذكرنا سابقاً.

 

مثل: الدار مملوك لأنك تملك الدار وقد احيييتها فإن قال أمر من دارك بريال أو ريالين أو  اشتريت أرضاً كبيرة سورت هذه الارض ثم أجرتها لمن يقف فيها من السيارات تقول هذا جائز لأن هذه المنفعة مملوكة فلا بد أن نفرق بين المملوك وغير المملوك.

 

المنفعه يجوز أن تنزل منزلة المال؛  لأنها بيع منافع ولهذا قال: ( قالت إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ۖ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ).

حيث جعل المهر منفعة، أن يقوم بتأجير نفسه.

وفي حديث سهل في البخاري، قال الرجل: يا رسول الله: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها،  قالَ: أعِنْدَكَ مِن شيءٍ؟ قالَ: ما عِندِي مِن شيءٍ، قالَ: ولَا خَاتَمٌ مِن حَدِيدٍ؟ قالَ: ولَا خَاتَمٌ مِن حَدِيدٍ، ولَكِنْ أشُقُّ بُرْدَتي هذِه فَأُعْطِيهَا النِّصْفَ، وآخُذُ النِّصْفَ، قالَ: لَا، هلْ معكَ مِنَ القُرْآنِ شيءٌ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: اذْهَبْ فقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بما معكَ مِنَ القُرْآنِ).

وفي لفظ: (زوجتك على أن تعلمها مامعك من القران).

فهذه منفعه مباحة. 

 

القسم الثاني: قسم من أقسام البيع مختلفة.

من حيث موضوع العقد إلى مبادلة عرض بعرض وتسمى المقايضة وذلك مثل: بيع تمر بقمح، عندما أبيعك مثمن بمثمن تسمى مقايضة، ففرق بين ثمن ومثمن يعني أقول أبيعك هذا العصير بخمس ريالات هنا العصير مثمن والخمس ريالات ثمن.

عندما أقول: أبيعك عصير بعصير هذا مثمن بمثمن.

وعندما أقول: كتاب بكتاب، وكأس بجوال؛ هذه مقايضة.

  

أما أبيعك دولار بريال سعودي، أو ذهب بفضه، أوفضه بفضة؛ هذا يسمى صرف. 

 

* القسم الرابع: بيع المنافع.

أن يكون أحد العوضين منفعه فهذه هي الإجارة.

ولا تدخل في البيع بمعناه الاصطلاحي وإنما تدخل في المعنى العام، أما مبادلة عين بمنفعة: هذه إجارة و الإجارة تختلف في الأحكام الشرعية عن البيع مع أنها تدخل أحيانا في المسمى العام  للبيع؛ لأن الإجارة نوع من البيع ولكن تختلف عنها بالشرع.

ولها مسمى خاص لها أحكامها الخاصة؛ فمثلا: أنا إذا أجرتك سيارتي فإنك لا تضمن الا إذا تعديت أو فرطت، ففعلت ما لا يجوز أو تركت ما وجب؛ يعني: أخذت السياره وفحطت فيها هذا فعلت ما لا يجوز، فإذا حصل فيها عطل تضمن، وإذا نزل المطر ولم تشغل المساحات واصطدمت في صبة هنا أنت فرطت فعند ذلك تضمن سيارتي.

فالضمان يكون على المؤجر لا لمستأجر، إلا إذا تعدى المستأجر أو فرط.

 

بخلاف البيع فإن الضمان يكون على المشتري إذا انتقلت السلعة وتمكن المشتري من القبض فإن الضمان يكون عليه.

 

* وينقسم البيع من حيث تحديد الثمن: 

إلى الأقسام التالية، وذلك من حيث طرق تحديد الثمن إلى طرق بيع المساومة وهو البيع الذي لا يذكر فيه البائع رأس ماله بأن يضع سعراً محددا ويكون فيه نوع من المساومة هذا هو الأصل في البيوع بيع مساومة.

 

يقول: أبيعك هذا أو قال: سم هذه السلعة، قال: أسومه بمائة، قال:  لا، قال: بمائتين أو خمسين هذا بيع مساومة. 

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يسوم المسلم على سوم أخيه). 

 

بمعنى جاء إنسان قال أريد هذه الساعة قال سم قال بمئة فركن إليه، فجاء الاخر 

قال اعطيك مائة وخمسة؛ نقول: هذا مايجوز الا إذا كان عرضه البائع  للمزايدة يعني من يزيد من يزيد سواء قولاً أو كان في ذلك قرينة تدل على أنه بيع المزايدة.

 

* بيع الأمانة وهو البيع الذي يذكر فيه البائع راس ماله ويضع فيه سعراً محدداً للسلعة بعده، فيقول اشتريته بثمانين وأرغب ببيعه بثمانين أو تسعين أو نحو ذلك.

 

مامعنى بيع الامانة؟ يقول بكم هذه السلعة يقول أنا اشتريتها بثمانين ولكن أريد بها اثنين وثمانين، وهو يكذب وعند ذلك تقول هذا كذب لا يجوز، و سمي هذا بيع أمانة لأنه اتأمنه على الثمن الذي اشتراه به يعني مثلا أنا علمت أن هذه السلعة بمائة، وقال خذها بمائة وريالين، أنا ما عندي مانع لكن لو قال اشتريتها بمائة وسأبيعها بثلاث مائة لن أرضى في الغالب إلا إذا ارتفعت الأسعار أو نحو ذلك. فهنا سعر الأمانة أن يبين فيه البائع ثمن الشراء الذي اشترى به السلعة. 

 

بيع الامانة: وهو ن يبين البائع الثمن الذي اشترى به السلعه ثم يطلب زيادة عليه؛ وسمي بيع أمانة لأن المشتري يأتمن في البائع في الثمن الذي شراها به.

 

يعني أريد شراء سيارة مستعملة وما أعرف قيمة السيارات فقال: اشتريت السيارة بمائة اليوم أريد بيعها بمائة وخمسة، أنا ما اشتريتها بمائة وخمسة إلا لأني علمت أنه اشتراها بمئة ولكن أن يبيعها بمئة وخمسة ولا أعلم بكم هو اشتراها أنا ممكن ما أشتريها.

 

القسم الآخر: بيع المرابحة: يقول أنا أريد مكسب -زيادة- رأس مالي كذا. 

 

* بيع الوضيعة: يحدد البائع الثمن ويبين أنه يبيعها بنقص يقول اشتريتها بمائة وأريد بيعها بتسعين. 

أحيانا نستغرب لماذا نقص سعرها لأنه يريد تحويل العين الى سيولة، يريد المبلغ بأسرع وقت فينقص سعرها، أو لأجل نقص السوق. 

 

* بيع التولية: يبيع السلعة برأس المال يعني اشتريتها بمائة وأريد بيعها بمائة.

هذا والله وأعلم 

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المحاضر د/ محمد سعد العصيمي ، مادة فقه المعاملات المعاصرة .


كتابة الطالبة / منار بنت سعود بن سعيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت