يجوز تأجير العين المؤجرة قبل قبضها، كما يجوز تأجيرها بعد قبضها، لمن كان مثلك في الضرر أو أخف، شريطة أن لا يشرط عليك عدم تأجير الغير.
الفرق بين تأجير السلعة قبل قبضها، وبين بيع السلعة قبل قبضها.
فبيع السلعة قبل قبضها لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.
وفي حديث ابن عمر قال: كنا نبيع الطعام جزافاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيبعث إلينا من يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه.
ولأن الضمان ينتقل من ضمان البائع إلى ضمان المشتري بالقبض -أو بالتمكن من القبض، فإذا تلفت السلعة قبل القبض فلا إشكال في كون الضمان على البائع، لحديث أنس مرفوعاً: (أرأيت إن حبس الله الثمرة عن أخيك، بأي حق تستحل ماله)، وإذا تمكن المشتري من القبض كان من ضمان المشتري، لأنه هو المفرط في قبضه، فتحمل نتيجة تفريطه، لحديث ابن عمر: (مضت السنة أن ما أدركته الصفقة حباً مجموعاً فمن ضمان المشتري).
ومع ذلك لا يجوز للمشتري بعد تمكنه من القبض وقبل قبضه أن يبيع السلعة مع أنها من ضمانه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلع حيث تبتاع -كما تقدم- فإذا باعها قبل القبض والتمكن من القبض اشتمل ذلك على محظورين باع السلعة قبل حيازتها، وربح فيما لم يضمن، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن.
وأما تأجير السلعة قبل قبضها فجائز، لأن القبض للعين المؤجرة لا ينتقل به الضمان، فالعين المؤجرة لا تزال في ضمان المؤجر بعد الإيجار ما لم يتعد المستأجر أو يفرط، فلا يقف جواز التصرف للمستأجر على القبض، فهو تصرف فيما يستحقه على المستأجر.
ولهذا قال شيخ الإسلام: (وغلط بعض الفقهاء فأفتى في نحو ذلك بفساد الأجرة الثانية، ظناً منه أن هذا كبيع المبيع قبل قبضه، وأنه تصرف فيما لا يملك، وليس كذلك، بل هو تصرف فيما استحقه على المستأجر).
والله تعالى أعلم وأحكم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق