حكم هبة الدائن الكفيل جزءاً من الدين قبل قبضه:
إذا سقط الدين عن الكفيل، هل يسقط عن المدين:
إذا وهب الدائن الكفيل جزءاً من الدين، فهل يعود به الكفيل على المدين؟
—————
الكفالة في اللغة: الضم.
والكفالة في الاصطلاح: التزام ما وجب على غيره مع بقائه، أو ما قد يجب من الحقوق.
——-
فمثلاً: إذا اشترى زيد من عمرو سيارة بالآجل، وكفل خالد زيداً، ثم أسقط الدائن
-عمرو- عشرة الآف عن الكفيل -خالد- فهل يرجع بها على المدين -زيد-.
——
١- إذا أبرأ الدائن الكفيل جزءاً من المال، فإنه يكون إبراء للمدين، لأن الإبراء كان بسبب الدين لا عطية أو هبة مجردة.
والقاعدة: من أهدي له شيء بسبب يثبت بثبوته ويزول بزواله.
ومن المتقرر أن الدائن أنما أسقط عنه جزءاً من الدين المطالب به مع مكفوله إلا من أجل سداده، لا لغيره من الأسباب.
٢- ولأن هذه الهبة أو الإسقاط لجزء من الدين ليست هبة مجردة، وإنما هي هبة ثواب.
والمعنى: وهبتك أيها الكفيل جزء من الدين الذي على كفيلك، من أجل سدادك المتبقي من الدين غير المسقط.
والقاعدة في هبة الثواب أنها من باب المعااوضات لا من باب التبرعات.
٣- ولأن الهبة التي يترتب عليها محظور شرعي لا تجوز، وإنما تجوز إذا كان فيها إسقاط من الدين الذي في ذمة المدين الأصلي والكفيل تابع له.
وذلك لأن فيها معنى: أخذ العوض على الضمان الذي يؤول به إلى الربا.
والمعنى: الكفيل يربح مبلغاً -وهو الذي أسقطه الدائن عنه- في مقابلة سداد الكفيل للدين، فكان قرضاً جر نفعاً، وكان مال بمال أكثر منه معاوضة، فيكون الضامن دفع عن المدين فأصبح قرضا.
٤- ولأن الأطراف في عقد الكفالة ثلاثة مرتبط بعضهم ببعض في الحقوق المالية، ففصل الدائن بالكفيل عن المدين، مع كون الدين واحداً، غير صحيح، فلم تكن الهبة إلا للتوصل إلى المخالصة، فتتعلق الحقوق بهم في حال العقد حتى ينتهي الدين، وما سقط عن الكفيل من الدين سقط عن المدين، لكون ذلك بسبب الدين لا بغيره.
٥- وأما إذا سدد الكفيل الدين كاملاً ثم استلم الدائن الدين وسقط عقد الكفالة ثم وهب الكفيل فلا إشكال في الجواز لانتهاء عقد الكفالة وانتهاء سبب الدين.
٦- ولأن الدائن إذا وهب المدين جزءاً من الدين قبل قبضه، ترتب عليه بيع الدين على غير من هو عليه، وربح فيما لم يضمن، وهذا لا يجوز.
وبناء على ذلك: إذا أبرأ الدائن المدين أو وهبه جزءاً من الدين قبل قبض الدين، سقط عن ذمة الكفيل والمدين، ولا يجوز أن يرجع الكفيل بالمال الموهوب على المدين.
والله تعالى أعلم.
كتبه / د. محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة ام القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق