———-
يحصل وحم من بعض النساء لأكل التراب أو الطين، فهل يجوز لها أو لغيرها أكله أم لا؟
والوحم: حب الحامل لشيء معين حباً شديداً، أو كراهته لشيء كراهة شديدة.
—————-
يتبين الجواب عن هذه المسألة في النقاط التالية:
١- إذا كان أكله ينفع ولا يضر، أو يضر ضرراً محتملاً مصلحته راجحة، فلا بأس به، وقد أثبت الطب الحديث، أن ماء المطر لا يكتسب المعادن التي تنفع الجسد إلا بعد ارتطامه بالأرض، واختلاطه بها.
فالأرض تحتوي من المواد النافعة للجسم الشيء الكثير.
٢- إذا كان أكل التراب أو الطين يضر بالإنسان وخصوصا إذا أكثر منه، فإنه يكون والحالة تلك يكون محرماً، حتى الطعام الذي يضر بإنسان دون غيره، يكون حراماً لمن يضره حلالاً لمن لا يضره، لقوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار)، وغير ذلك من الأدلة الكثيرة التي تدل على حرمة إضرار المسلم بنفسه أو غيره من المسلمين.
٣- هذا وقد وردت أحاديث في النهي عن أكل الطين لكنها ضعيفة أو موضوعة
لذلك أفتى العلماء بالحل أو الكراهة إبقاءً على الأصل ولانتفاء المانع،
إلا ما تثبت مضرته فيحرم الإكثار منه:
قال البيهقي في السنن عقب حديث في النهي عن الطين:
"وهذا وإن صح لم يدل على التحريم وإنما دل على كراهية الإكثار منه، والإكثار منه ومن غيره حتى يضر ببدنه ممنوع" انتهى.
و أسند أيضا عن سفيان بن عبد الملك قال: وذكر لعبد الله بن المبارك حديث (إن أكل الطين حرام)، فأنكره وقال:
"لو علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله لحملته على الرأس والعين والسمع والطاعة".
وكذلك كره الإمام أحمد أكل الطين وقال:
لا يصح فيه حديث، وذلك لأنه يضر البدن.
وهذا كما سبق لمن أكثر منه، والتراب مثله أو هو أخف منه.
٤- إذا لم يصل إلى حد التحريم، وكان هناك حاجة لأكله انتفت الكراهة عند من يقول بها، مع أن الكراهة تحتاج إلى دليل.
وإذا وصل إلى حد التحريم وكان هناك حاجة لأكله، فينظر هل هذه الحاجة شديدة يكون في تركها حرج ومشقة غير معتادة، فعند ذلك يجوز حتى تصل إلى المشقة المعتادة.
وقد سبق في القواعد: أن الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة هي الحاجة الشديدة التي يترتب عليها مشقة غير معتادة، أو الحاجة التي دل الدليل عليها، أو ما كانت في معنى ما دل الدليل عليه أو أولى مما دل الدليل عليه، هي التي تنزل منزلة الضرورة، وما لا فلا.
والله أعلم.
كتبه/ محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق