حكم زواج العبد من سيدته، والسيدة لعبدها:
————————————-
لا ينكح عبد سيدته بالإجماع.
وكذا لا ينكح السيد أمته، لأنه يملك الرقبة والمنفعة، فلا يدخل عليه ما هو أضعف منه، وينافي ما يقتضيه، فإن العقود التي يتنافى مقتضى بعضها مقتضى عقد الآخر لا تتداخل في وقت واحد، كالبيع والإجارة.
ولكن للسيد أن يعتق أمته، ثم ينكحها، ويجوز أن يجعل مهرها عتقها.
فعن أنس رضي الله عنه قال: (أعتقَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ صفيَّةَ وجعلَ عِتقَها صداقَها).
* ومن شروط الولاية في النكاح: الحرية.
* فإن العبد مملوك لسيده، فلا ولاية له على غيره في عقد النكاح، لأنه لا يملك أن يعقد لنفسه إلا بإذن سيده، فإذا كان لا سلطة له على نفسه، فلا سلطة له على غيره، لحديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه مرفوعاً: (أيُّما عبدٍ تزوجَ بغيرِ إذنِ مولاهُ فهو عاهرٌ).
وذلك أن الولي في النكاح له شروط:
1/ العقل. 2/ البلوغ.
- لأن الصغير والمجنون، يحتاج إلى ولاية عليه، فكيف يكون ولياً لغيره.
3/ الحرية -لما سبق-.
4/ الذكورة؛ لحديث: (لا نكاح إلا بولي) وحديث: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل).
5/ اتحاد الدين؛ فلا ولاية لكافر على مسلمة ولو كانت ابنته، ولا ولاية لمسلم على كافرة، لقوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} {سورة التوبة: 71}.
6/ الرشد؛ وهو هنا: القدرة على معرفة الكفء ومصالح النكاح، وإذا عضل الولي موليته فالراجح من أقوال الفقهاء أن الولاية تنتقل إلى الولي الأبعد، وأما السلطان فلا تنتقل إليه الولاية مع وجود ولي، لقوله صلى الله عليه وسلم: (السلطان ولي من لا ولي له) رواه الترمذي وحسنه وصححه الألباني.
والولاية مرتبة على الأصح: بنوة، ثم أبوة، ثم أخوة، ثم عمومة، ثم ولاء.
وقيل: إن الأبوة مقدمة على البنوة، وفيه نظر؛ لأن الابن أقرب من الأب، بدليل الميراث، وحديث: (أمرَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بالصَّدقةِ، فقالَ رجلٌ: يا رسولَ اللَّهِ، عِندي دينارٌ، فقالَ: تصدَّق بِهِ على نفسِكَ، قالَ: عِندي آخرُ، قالَ: تصدَّق بِهِ على ولدِكَ، قالَ: عندي آخرُ، قالَ: تصدَّق بِهِ على زوجتِكَ أو قالَ: زوجِكَ، قالَ: عندي آخرُ، قالَ: تصدَّق بِهِ على خادمِكَ، قالَ: عندي آخرُ، قالَ: أنتَ أبصَرُ).
تنبيه: الكتابية لا يجوز أن يكون وليها أبوها الكافر، ولا أي ولي كافر، بل يزوجها أقرب قرابتها إذا كان مسلماً، فإن لم يوجد فمن له السلطة الإسلامية في ذلك البلد.
والله أعلم.
كتبه/ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق