حكم من تزوجت رجلاً تبين أنه أنثى في أصل الخلقة؛
حيث أجريت له عملية جراحية بتحويله إلى أنثى، وزرعت فيه أعضاء تناسلية فأنجب منها :
حكم من كان له بنت وأجرى لها عملية جراحية لتحويلها إلى ذكر ، ليحرم إخوته من الميراث:
—————-
١ - إجراء عملية جراحية لتحويل الشخص من ذكر إلى أنثى محرم بالإجماع ، لما فيه من تغيير خلق الله تعالى، ولأنه إذا حرم النمص ونحوه ، فهذا التحويل من أصل الخلق من باب أولى ، وفي حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- في الصحيحين قال: «لعن النبي -صلى الله عليه وسلم- الوَاصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ، والوَاشِمَةَ والمُسْتَوشِمَةَ».
٢ - من تزوج بهذه المرأة وهو يظن صحة النكاح ، فإن هؤلاء الأطفال يعتبرون أطفاله وينسبون إليه ، حتى يتبين له التحريم ، وذلك قياساً على النكاح الفاسد، كمن تزوج امرأة يظنها أجنبية ثم تبين له أنها أخته من الرضاع، فالأولاد أولاده وينسبون إليه وتجب نفقتهم عليه .
ولا يمكن أن يلحق هؤلاء الأطفال بصاحب الأعضاء التناسلية والحالة تلك لأنه لم يتم التلقيح بطريقة مشروعة ، والزاني لا يلحق به الولد حتى لو استلحقه .
فلو زنى بامرأة غير ذات فراش - غير مزوجة - وحملت كان الولد للأم ويلحق بأمه، ولا ينسب للزاني ولو استلحقه، وإنما له الحجر
لحديث( الولد للفراش، وللعاهر الحجر).
وإذا كانت الأم ذات فراش - مزوجة - نسب لزوجها إلا إذا نفاه باللعان ، وإذا تيقن أنه ليس ولداً له وجب عليه أن يلاعنها حتى ينفي عنه نسبه- كما سبق-.
٣ - زراعة الأعضاء التناسلية في جسد المرأة ، هل يعني أن تتفاعل مع هذا الجسد
وتنتج منه كالبذر في الأرض، فيكون الأبناء من بذر أصحاب الأعضاء التناسلية ألقاه في رحم المرأة المتزوج بها عن طريق هذه المرأة المتحولة، ولا يمكن تلقيح أعضاء المرأة من أصل المرأة ، فهذا المتحول لا يمكن أن يبذر ويلقح أنثى، وإنما هو كالأنبوب الذي يحفظ فيه الشيء حتى يتم نقله لغيره ممن يقبل التلقيح من أنثى أخرى .
وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث رافع بن خديج ( من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء ، وله نفقته) رواه أحمد والأربعة إلا النسائي.
والحديث حسن بمجموع طرقه ، وله طريق صحيح وهو طريق يحيى بن سعيد القطان، عن أبي جعفر الخطمي، عن سعيد بن المسيب، عن رافع بن خديج .
ففيه دليل لمن قال : أنه يعطى النفقة ، ويكون الزرع لصاحب الأرض.
فالزرع ههنا وهو الحمل في أرض الحامل، فيكون تابعاً لأمه، والبذر ليس من المتحول إلى ذكر ، لأنه لا بذر له ، وإنما لصاحب الأعضاء التناسلية .
ولا يجوز للمتحول أن يسقي بماء الأعضاء التناسلية من غيره حملاً ليس من مائه
لحديث( لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره)
وعلى هذا تحقيق المسألة : هل الماء
- المني - من نتاج المتحول إلى الذكورية أو هو من نتاج الأعضاء التناسلية الملصقة به أو المزروعة فيه .
فإن أثبت الطب الحديث: كون الماء من جسد المتحول فالولد له، وإن أثبت أنه من الأعضاء التناسلية المزروعة فيه فهي من صاحب الأعضاء ، وإن قيل : إنه مشترك ، رجعنا إلى الأغلب في إنتاجه فألحق به الولد ، وأما إذا كانت المادة التي تنتج عن الأعضاء التناسلية مستهلكة لا أ أثر لها مع اختلاطها ببدن المتحول فلا عبره بها .
والذي أعرفه أن تلقيح البويضة لا يكون من ماء المرأة، وإنما يكون من الأعضاء التناسلية لغيره، ولهذا لا يمكن أنيتم تلقيح البويضة في المرأة من ماء امرأة أخرى، كأن نأخذ ماء امرأة ونضعه في رحم امرأة أخرى .
ولهذا قال تعالى ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) فاعتبر المرأة مزرعة ، وما يقذف فيها من ماء الرجل بذر يزرع فيها.
٤ - وأما ما فعله الرجل من تحويل ابنته إلى ذكر ليحرم إخوته من الميراث، فيعامل بنقيض قصده.ولا يحرم إخوته الميراث بهذا الفعل .
وذلك للقاعدة :
العين المحرمة لا تصير محللة بالفعل المنهي عنه - وقد سبقت في القواعد- كتخليل الخمر لا يصيره حلاً إلا إذا تخلل بنفسه.
وللقاعدة : من استعجل شيئاً قبل أوانه ، لم تثبت مصلحته ، عوقب بحرمانه .
وقد سبقت في القواعد أيضاً.
ولحديث( لا يرث القاتل شيئاً) وذلك عند وجود التهمة لتعجل الميراث.
وأما كونه في حكم الذكور بعد تحوله، فنعم، أخذاً بالظاهر من أمره، والشريعة تحكم بالظاهر ، لا بالباطن .
وأما ذريته فحسب التفصيل السابق، من كون البذر منه بعد تفاعل أعضائه مع الأعضاء التناسلية المزروعة فيه ، فيكون أثر هذه الأعضاء مستهلكاً فيه ، فيكون الولد منه أم أن أثر الأعضاء التناسلية لها بصمة ووجود غالب في أثر التلقيح فيكون الولد من غيره، فينسب له عند وجود الشبهة والجهل ، ولا ينسب له بل لأمه عند عدم وجود الشبهة لكونه ليس من مائه ، وهو الأقرب، والله أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق