إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 8 مارس 2022

حكم الوقف الذري / حكم الوقف على الذرية // لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


 حكم الوقف الذري:


حكم الوقف على الذرية:

——————-

الخلاصة: الوقف المنجز على الذرية لصلبه من البنين والبنات، ثم لذرية الذكور دون ذرية البنات جائز ومشروع.

———————-

عن ابن عمر في الصحيحين قال: (أصاب عمر أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يارسول الله، إني أصبت مالاً بخيبر لم أصب قط مالاً أنفس عندي منه، فما تأمرني فيه؟ فقال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، غير أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث، قال: فتصدق بها عمر في الفقراء وفي القربى، والرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقاً غير متمول فيه ).

فهذه الشروط حدثت من عمر رضي الله عنه  في الوقف الذي وقفه في عهد النبوة فأقر على ذلك، ولو كان منكراً لأنكر عليه الشارع شروطه، فدل على صحتها ولزومها.


والشاهد: (فتصدق بها عمر في الفقراء، وفي القربى ...) والوقف الذري من الوقف على ذوي القربى إذا كان لا يخالف العدالة فيمن يجب العدالة بينهم في العطية، إذا كان الوقف منجزاً حال الحياة، لأنه إذا  لم يعدل والحالة تلك يكن الشرط المقتضي للتفضيل باطل، وفي حديث النعمان أمر برد الهبة وبطلان عقد الهبة بقوله (ارجعه).ولم يصحح العقد ويبطل الشرط والحالة تلك، فيكون العقد -الوقف- المقتضي للمفاضلة باطلاً، ويرجع الوقف إلى ملك صاحبه ميراثاً بعد موته لورثته، وهو أحد القولين في المسألة -وهو الأقرب-. 

وقيل: يبطل الشرط، ويصح العقد.

لأن إعمال الكلام أولى من إهماله.

فلو أوقف على أولاده الذكور دون الإناث، قيل: لا يصح الوقف لأنه على خلاف أمر الشارع، لحديث: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ولما تقدم، وقيل: يصح الوقف لأنه أخرجه من ملكه بقوله، ولا يصح الشرط لأنه مخالف للشرع: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ويكون  وقفاً على الذكور والإناث وهو الأقرب، لأن إعمال الكلام أولى من إهماله.



 - فرق بين الوقف  المعلق - كقوله - إذا مت فعمارتي هذه وقف، فحكمه حكم الوصية،

ويكون هذا الوقف غير نافذ إلا بعد الموت، وفي حياة الواقف له التغيير والتبديل والإلغاء، وإذا مات نفذ في الثلث، وعلى المذهب عند الحنابلة يكون هذا الوقف لازماً من وقت قوله، ولا يمكن فسخه، ولا ينفذ منه إلا ما كان من ثلث المال فأقل. والقول الأول أرجح.


 وبين الوقف المنجز- كقوله: عمارتي هذه وقف-

فتنفذ في الحال بشرطه ما لم يخالف الشرع.

وليس له التغيير في الشرط ولا التبديل ولا الإلغاء.


فالمنجز على من يجب أن يعدل بينهم -كالزوجات والأولاد- فحكمه حكم العطية، لايجوز تفضيل بعضهم على بعض. والوقف المنجز على من لا يجب أن يعدل الواقف بينهم - كالوقف على الأيتام . فيصح الوقف والشرط ما لم يخالف الشرع.

وهل تجوز العطية لسبب غير القرابة  إذا لم يقصد بها التحايل للوصول إلى تفضيل من وجبت عليه التسوية بينهم.

فإذا كان لسبب ينتفي عن بعضهم الإتصاف به - كقوله: هذه العمارة وقف على أولادي من كان ذكراً منهم- لم يصح الشرط.

وكذا إذا كان الوصف لإحدهم بعينه عند إنشاء الوقف، - كقوله: عمارتي هذه وقف على العالم أو الفقيه من أولادي، وهو معروف عند إنشاء الوقف فلا يصح الشرط، لأن معناه أن الوقف على فلان منهم، فهو تفضيل لمعين من أولاده بالوصف لا بالاسم  والمقصود واحد.


أما العطية لسبب  - وقد سبق بيان الخلاف والراجح في حكم تفضيل بعض الأبناء على بعض لسبب - ، كزواج وهدية منزل، فهذه ليست عطية مجردة تجب التسوية بينهم فيها على الأصح، وإنما الواجب العدل بينهم عند وجود ذلك السبب، فلا يجوز لمن تجب العدالة بينهم أن يعطي الأول لمناسبة زواجه خمسة الآلف، ويعطي الثاني عند مناسبة زواجه ألف ريال.

ولم يتغير السبب ولا العرف المقتضي لذلك السبب ومقداره-.


وأما العطية مقابل عمل فهذه أجرة أو جعالة.


وقد اختلف العلماء في وجوب التسوية في العطية بين الأحفاد، فأوجب ذلك الشافعي لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) وولد الولد يطلق عليه ولداً

وذهب آخرون إلى عدم وجوب العدل بين الأحفاد، فلا يقاس الأدنى على الأعلى ، ولأن الاشتراك في الاسم لا يعني الاشتراك في الحكم . فالعم يطلق عليه أباً ولا يأخذ حكم الأب في الميراث وغيره قال تعالى (أم كُنْتُمْ شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله ءابائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق  إلهاً واحداً ونحن له مسلمون) فسموا إسماعيل أباً وهو عمهم.

ونظير هذا قوله صلى الله عليه وسلم (إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فيئتين عظيمتين من المسلمين) وهو ابن ابنته صلى الله عليه وسلم. وقد أجمع العلماء على أن أولاد البنات لا يدخلون في الأولاد، لأن أولاد البنات من ذوي الأرحام، وليسوا من أولاده، وهذا مقتضى لغة العرب  كما قال الشاعر:

بنونا بنو ابنائنا، وبناتنا   

                    بنوهن أبناء الرجال الأباعد.


وبناء على هذا يصح: الوقف على الذرية، وعلى ذريتهم أولاد الظهور دون أولاد البطون .- بمعنى الوقف على ذريته لصلبه من بنين وبنات ثم ذرية الذكور دون الإناث-. 


- والوقف المعلق، وهو  وقف من المالك لما بعد موته ، فهذا له حكم الوصية، وفي الحديث (لا وصية لوارث).

وهذا الوقف لم يخرجه الواقف من ملكه إلا بعد موته، ويجوز أن يرجع فيه، وأن يتصرف بأي تصرف، ولو دل تصرفه على رجوعه كبيعه وهبته ونحوهما، ويجوز له أن يغير في تلك الشروط قبل أن يخرج الوقف عن  ملكه، ولا تجوز للوارث، لحديث: (لا وصية لوارث)

وهو في معنى الوصية، والقاعدة: المنصوص عليه، وما في معناه حكمهما واحد).


- والوقف المنجز، بمجرد وقفه يخرج من ملكه، وليس له الرجوع فيه، ولا في شروطه بعد اشتراطها، إلا إذا كانت المصلحة للموقوف عليهم أعظم على الأصح.


والقاعدة: كل من يتصرف لغيره، يجب أن يتصرف بالأصلح لذلك الغير.


- الوقف على القرابة أو الأولاد من صـور الوقف الجائزة في الإسلام، والواقف في هذا الوجه يراعي حاجات أبنائه إلى مورد رزق متواصل بعد وفاته، فيقف عليهم ما يضمن ذلك المردود ويسعفهم بصدقة لا تنضب، وقد اتفقت  المذاهب الأربعة على مشروعيته، ويعتبر من أفضل القربات لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (صدقتك على غير رحمك صدقة، وعلى رحمك صدقة وصلة)، ولقوله -صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة: (أرى أن تجعلها في الأقربين، فجعلها في أقاربه وبني عمه) - كما سبق - 


. وذهب جمع من العلماء المعاصرين ، - منهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ومحمد بن إبراهيم آل الشيخ - إلى تحريم الوقف على الأولاد .

للأسباب التالية:


١ - لأنه يعد تقسيماً للإرث على مقتضى الهوى وفراراً من قسمة الله.


والجواب: أن تقسيم الإنسان لماله في حال الحياة في غير مرض الوت جائز  ولا يلزم بقسمه حسب الإرث، ولكن يجب أن يعدل في الهبة فيمن يجب العدل بينهم، ومن ذلك الوقف المنجز على الذرية، بخلاف الوقف المعلق على موته فله حكم الوصية كما سبق، وفرق بين التبرع بالمال في حال الحياة، وبين توزيع ماله بعد وفاته.

ولم يوجب الشارع على الحي عدم التبرع بماله على ذوي القربى إلا بحسب إرثهم.


ولم يأمر عمر بوقفه على القربى أن يجعل ذلك بحسب نصيبهم في الميراث.

والقاعدة: تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.


 ٢-  ولما فيه من الضرر والفساد ولما يفضي إليه من النزاع والخصومة ولمخالفته للقواعد الشرعية ونصوصها.


والجواب: أن كل ما شرعه الشارع فهو مصلحة محضة أو مصلحة غالبة، وما يترتب على بعض  الصور من نزاع أو خصومة، فهو لا يعارض المصلحة الراجحة

والقاعدة: العبرة بالجنس لا بالمفرد.

والقاعدة: الحكم للأعم الأغلب لا للقليل والنادر.

وما يحدث من خلل في شرط الواقف من عدم وضع الناظر الكفوء أو غير ذلك من الأسباب المتعلقة بذوات الأشخاص لا يجعل أصل العمل غير مشروع أو صحيح.


ودعوى: مخالفة قواعد الشرع، دعوى تحتاج إثبات، بل الإثبات في عكسها كما سبق.

والله أعلم.


كتبه / د. محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت