حكم الخروج من المعتكف بالشرط :
—————
١ - ركن الاعتكاف : اللبث في المسجد ، فمن تركه من غير عذر ولا شرط معتبر ، فسد اعتكافه .
٢ - من خرج من المسجد لعذر معتاد ، كالغائط ونحوه ، لم يفسد به اعتكافه ، لحديث عائشة (أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ حَائِضٌ , وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ . وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا : يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ . وَفِي رِوَايَةٍ : وَكَانَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ ).
٣ - من خرج من المسجد الذي يعتكف فيه ، لحاجة غير معتادة ، بزمن يسير عرفاً ، وكانت هذه الحاجة - في تركها مشقة غير معتادة - ثم رجع لم يفسد اعتكافه، لحديث صفية في صحيح البخاري:( جَاءَتْ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَزُورُهُ وهو مُعْتَكِفٌ في المَسْجِدِ، في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ معهَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى إذَا بَلَغَ قَرِيبًا مِن بَابِ المَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، مَرَّ بهِما رَجُلَانِ مِنَ الأنْصَارِ، فَسَلَّما علَى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ نَفَذَا، فَقالَ لهما رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: علَى رِسْلِكُمَا، قالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ! وكَبُرَ عليهما ذلكَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وإنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ في قُلُوبِكُما شيئً ).
حيث خرج من المسجد لحاجة رد صفية إلى بيتها في زمن ليس بالطويل عرفاً حتى لا ينافي اعتكافه .
٣ - من خرج من المسجد الذي يعتكف فيه بشرط ينافي الاعتكاف كشرط الخروج للنزهة ، فإنه يفسد اعتكافه بخروجه .
كما أن مباشر الزوجة في الاعتكاف في المسجد ينافي الاعتكاف( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) فكل ما ينافي الاعتكاف في زمن الاعتكاف يفسده.
٤ - من خرج بشرط لا ينافي مقصود الاعتكاف صح شرطه ، ولم يبطل اعتكافه .
كخروجه بشرط زيارة مريض، أو عند حصول الحاجة الملحة أو نحو ذلك ، لحديث ضباعة بنت الزبير لما أرادت أن الحج وتجد نفسها شاكية ، فقال صلى الله عليه وسلم ( أهل واشترطي فإن لك على ربك ما اشترطت) والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولأنه إذا جاز ذلك في الحج الذي يلزم بالشروع فيه ففي الاعتكاف من باب أولى .
ولأنه نوى الاعتكاف واسثنى منه ما لا ينافيه فصح، كمن نوى وقتين في الاعتكاف منفصلين.
٥ - خروج جزء من بدن المعتكف خارج المسجد لا يعتبر بذلك خروجاً من الاعتكاف، لأن الجزء لا يأخذ حكم الكل ،
- وقد سبق تقرير ذلك بأدلته في القواعد .
والخلاصة : أن الخروج من المعتكف لا يخلو من حالتين :
أ - إما بدون شرط، فإذا كان لحاجة إنسان تقتضي خروجه من المسجد، أو كان خروجه لحاجة في أمر غير معتاد في زمن ليس بالطويل عرفاً، لم يفسد اعتكافه.
ب - خروجه من معتكفه بشرط لا ينافي الاعتكاف ، فلا بأس به ولا يفسد به اعتكافه.
وبالشرط الذي ينافي اعتكافه يفسد بخروجه من المسجد الذي اعتكف فيه، والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق