حكم شرب المني، ودهن الجسد به :
—————
لا يجوز شرب مني الزوج أو الزوجة ، ويجوز الإدهان به ،
وذلك للأسباب التالية :
1 - لأنه مستخبث أكله أو شربه ، والفطر السليمة تستخبث ذلك .
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: هل يحل أكل المني الطاهر؟ قال فيه وجهان -أي رأييين_ قال : والصحيح المشهور أنه لا يحل لأنه مستخبث، قال الله تعالى في سورة الأعراف : ( وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِث )[الأعراف:157]. انتهي.
فإن قيل : لا يعرف عن القبائل العربية استخباثه ، ولا عدمه .
فالجواب : أن العبرة باستخباث العرب في كل وقت وحين .
فما عرف استخباثه في عصر النبوة ، فهو المعتبر
والقاعدة : العرف المقارن للخطاب من مخصصات النص العام .
وما لا يعرف عن العرب آنذاك. فالعبرة بالعرب بعدهم .
والفطر السليمة لا تختلف في استخباث شربه .
2 - ولكونه مضراً، وفي الحديث :( لا ضرر ولاضرار ).
ولا يلزم من عدم ضرره عند دخوله في موضعه من المهبل ، عدم ضرره في غير محله، كما ثبت ضرره عند دخوله في الدبر .
فإن المني أو ما يعرف أيضاً بالسائل المنوي هو سائل جسدي يتم إفرازه من الغدد التناسلية الذكرية، و يحتوي المني على الحيوانات المنوية، وعلى أكثر من 50 مركباً مختلفاً بما في ذلك الهرمونات و الإندورفين والناقلات العصبية ومثبطات المناعة والأنزيمات التي تساعد الحيوانات المنوية على البقاء وتسهيل التخصيب الناجح. وأثناء عملية القذف، يتم إخراج المني من الحويصلة المنوية في الحوض.
وتجدر الإشارة إلى وجود بعض الدراسات التي تتناول بعض الفوائد للمني - في موضعه أو ككونه دهناً يمسح به على الجلد - ولكنها غير مثبتة علمياً وتعتمد على فرضيات احتواء السائل المنوي مركبات محسنة للمزاج مثل الكورتيزول و الاسترون والأوكسيتوسين والبرولاكتين والميلاتونين والسيروتونين وغيرها. ولكن من جهة أخرى هناك الكثير من الدراسات التي تثبت أضرار تناول السائل المنوي أو أضرار بلع المني، فقد يحتوي على العديد من الفيروسات والبكتيريا التي يمكن أن تنتقل عن طريق سوائل الجسم مثل الهربس، والكلاميديا، وفيروس الورم الحليمي البشري وغيرها الكثير من مسببات الأمراض.
إن وظيفة المني أو السائل المنوي الأساسية هي التناسل عن طريق القذف والإخصاب وحدوث الحمل بواسطة العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة ولا يوجد ما يدعو إلى بلع الرجل منيه فلا فائدة تذكر من بلع المني، ويمكن بناء الجسم من خلال تناول المكملات الغذائية وممارسة التمارين الرياضية واتباع نظام غذائي صحي.
3 - ولأنه مستقذر طبعاً ، فحرم شربه وأكله .
فإن قيل : ليس كل مستقذر نجساً ،.
فالجواب : المستقذر كما أنه ليس بنجس فإنه لا يعني جواز أكله أو شربه ، لأن المستقذر مستخبث أكله وشربه ، ولو كان طاهراً.
فإن قيل : كيف يجوز شرب أبوال الإبل ، مع أنها ليست بنجسة ، مع كون شرب أبوالها قد يكون مستخباً .
فالجواب :
أ - من أهل العلم من قال ذلك ، ولم يجيز شرب أبوال الإبل وأبوال مأكول اللحم إلا عند الضرورة .
والأظهر : جواز شرب أبوالها بغير ضرورة ، لحديث( إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها ).
مع حرمة بول الآدمي بالإجماع ، وهو أشد من بول ما يؤكل لحمه ، والقاعدة : لا يلحق الأدنى بالأعلى إلا إذا تحقق معنى الأعلى في الأدنى .
ب - ولأنه لا عبرة باستخباث العرب عند وجود الدليل بحله .
وفي حديث العرنيين :( أمرهم أن يخرجوا إلى إبل الصدقة ، وأن يشربوا من ألبانها وأبوابها ).
4 - فإن قيل إن المني نجس - كما هو قول أبي حنيفة ومالك ، ورواية عن الإمام أحمد - فإن النجس لا يجوز أكله وشربه لقوله تعالى : ( قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
الشاهد( فإنه رجس) أي قذر قذارة شرعية ، والقذر قذارة شرعية هو النجس.
والأظهر أن المني طاهر لحديث عائشة رضي الله عنها :( كنت أفركه من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فيه).
5 - فإن قيل : إن المني إذا خرج يكون في أوله المذي ونحوه، والمذي نجس، والقاعدة : إذا اجتمع حاظر ومبيح على وجه لا يمكن التمييز بينهما غلب جانب الحظر .
فالجواب :
أ - أنه إذا أشتدت الشهوة لا يخرج المذي ، كما ذكر ذلك ابن مفلح في المبدع .
ب - على فرض خروجه ، فإنه مع خروج المني معه يكون مستهلك ، لا عين له ولا أثر ، فيكون وجوده كعدمه .
تنبيه : أما الإدهان بالمني على البشرة ، إذا لم يثبنت ضرره بتك الصفة، فلا بأس به ، خصوصاً إذا ثبت نفعه .
قال تعالى :( قل من حرم زينة الله الذي أخرج لعباده والطيبات من الرزق).
والله أعلم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق