حكم السعي في الحج :
حكم السعي في العمرة :
—————-
السعي واجب وليس بركن في الحج ، وهو قول الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد .
لقوله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى ( بما أهللت ، قال: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم ، قال:( أحسنت، فطف بالبيت وبالصفا والمروة وأحل).
وبما روي من حديث :( إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا) وإن كان سنده فيه ضعيف إلا أنه له ما يعضده من وجه آخر .
و:( كتب ) بمعنى فرض ، ولا فرق بين الفرض والواجب عند الجمهور إلا في موضعين أو ثلاثة عند بعضهم خلافاً للحنفية ، حيث إن الفرض عندهم آكد من الواجب .
وأما السعي في العمرة فركن بالإجماع ، قال الوزير : أجمعوا على أن أفعال العمرة ، من الإحرام ، والطواف ، والسعي ، أركان لها .
وكذا حكى الإجماع في ركنية السعي في العمرة ابن العربي، واستغربه ابن حجر في الفتح ، وهذا الإجماع لا يصح، لثبوت المخالف .
ولو صح الإجماع لكان دليلاً للجمهور في ركنية السعي في الحج ، لحديث:( دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ).
وبما أن الإجماع لم يصح ، فإن السعي في العمرة والحج واجب ، فيكون حكمهما واحد .
وحديث أبي موسى - السابق - ( فطف بالبيت وبالصفا والمروة وحل) والأمر يدل على الوجوب، وقوله ( وأحل) دليل على عدم حصول التحلل بدونه).
وأما كونه ركن فيحتاج إلى دليل يدل على الشرطية،
وأما قول عائشة رضي الله عنها ( ما أتم الله حج امريء ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة )
فهو اجتهاد منها وليس مرفوعاً، وعلى فرض كونه حجة فلا يعني الركنية بل يحتمل الوجوب، نظير حديث ( من شهد صلاتنا هذه ووقف موقفنا هذا وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة ساعة من ليل أو نهار. فقد تم حجه …) فمنه الركن ومنه الواجب.
كما يحتمل معنى آخر : بمعنى من فاته السعي بدون عدر في الحج أو العمرة فقد فاته خيراً كثيراً، وهو أسلوب من أساليب العرب ، تعبر به عمن فاته خيراً كثيراً حتى وإن لم يكن ركناً ولا واجباً عليه .
مع العلم أنه قدسبق في كتاب القواعد الفقهية والأصولية : بأن قول الصحابي المجرد ليس بحجة في الأحكام الشرعية، وإينما يستأنس به .
أضف إلى ذلك أن هذا الاجتهاد من عائشة رضي الله عنها منقوض باجتهاد غيرها من الصحابة في كون السعي من السنن في الحج لا من الفرائض والواجبات كابن عباس وغيره - رضي الله عنهم جميعاً-.
وذهب بعض السلف من الصحابة ومن بعدهم إلى كون السعي في الحج والعمرة سنة ، استدلاً بقوله تعالى :( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما )
وفي قراءة :( أن لا يطوف بهما ).
والجواب : أن الصحابة قبل حجة الوداع كانوا يتحرجون من الطواف بين الصفا والمروة لوجود الأصنام عليهما ، فنفى الله تعالى عنهم الحرج بهذه الآية .
والقاعدة : ما كان لرفع التوهم فلا مفهوم له .
وهي داخلة تحت القاعدة الأصولية العامة :
التخصيص إذا كان له سبب غير اختصاص الحكم به لم يبق مفهومه حجة .
وأيضاً:( قراءة ابن كثير ومن وافقه ، محمولة على ما كان قبل فرضية الحج ، حيث كان تطوعاً، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم :( إن الله كتب عليكم الحج فحجوا )، فقال الأقرع بن حابس - وهو ممن أسلم متأخراً- ،( أفي كل عام يا رسول الله )، فقال :( لو قلت نعم لوجبت ، الحج مرة، وما زاد فهو تطوع ).
والله أعلم .
كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق