حكم الدعاء ب( رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي).
————————
الخلاصة : لا بأس بذلك .
———————————-
يجوز الدعاء بذلك ، وذلك للأسباب الآتية :
1 - أن هذا دعاء ذكره الله تعالى عن سليمان عليه السلام ، ولم ينهَ الشارع عنه ، بل أمرنا الله تعالى بالإقتداء بالأنبياء مما لم ينسخه شرعنا ، ( أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ).
والقاعدة : شرع من قبلنا شرع لنا ، مما جاء في شرعنا أنه شرع لمن كان قبلنا، ولم ينسخه شرعنا .- وقد تقدمت في القواعد الفقهية والأصولية -.
2 - أن طلب ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي
لا يعني أنه طلب الملك الذي وهبه الله لسليمان عليه السلام ، وخصه الله به، أما من طلب نفس الملك الذي وهبه الله لسليمان ، فقد اعتدى في الدعاء.
وأما قول القرطبي - رحمه الله -
في شرح حديث: تفلت الشيطان على النبي صلى الله عليه وسلم: قوله : ( ولولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة ) . يدل على أن ملك الجن والتصرف فيهم بالقهر مما خص به سليمان ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وسبب خصوصيته : دعوته التي استجيبت له، حيث قال : { وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب }. ولما تحقق النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخصوصية ، امتنع من تعاطي ما هم به من أخذ الجني وربطه. انتهى.
فالجواب عنه : أن هذه الخصوصية في ملك الجن والتصرف فيهم مما خصه الله بسليمان ، ولكن ألا يمكن أن يكون هناك ملك آخر يمنحه الله لأحد عباده دون غيره، غير الملك الذي خص الله به سليمان ، والجواب : بلى .
والقاعدة : أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم .
3 - أن الله عز وجل بيده كل شيء ، وهو على كل شيء قدير ، ولا يخرج عن قدرة الله تعالى شيء، خلافاً للمتكلمين الذين يخرجون شيئاً من الأفعال عن قدرة الله تعالى .
تعالى الله تعالى عن قولهم علواً كبيراً.
ولا يمكن استثناء شي لا يدخل تحت قدرته، فقادر الله عز وجل أن يجعل الشيء ساكن متحرك في نفس الوقت، وقادر عز وجل أن يقلب الذكر أنثى والعكس، لا يخرج شيء عن قدرته.
والله عز وجل يسمع جميع خلقه في نفس الوقت، ويرد على عباده جميعاً في الصلاه في نفس الوقت، ويكلم كل شخص على انفراده يوم القيامة في نفس الوقت وهو أسرع الحاسبين سبحانه.
4 - فرق بين من طلب معجزة نبي بين الله تعالى أن الله تعالى أجراها على يد نبي من أنبيائه ليبين لقومه صدقه بذلك الأمر الخارق للعادة ،
- كالدعاء بطلب الآيات التي يؤيد الله بها أنبياءه خارقة للسنن الكونية، كطلب إحياء الموتى، وانشقاق القمر ونحو ذلك -.
فهذا من الاعتداء في الدعاء .
وبين الأمر الخارق للعادة الذي يجريه جل جلاله على يد رجل صالح لا يدعي النبوة ، من ملك شيء يمنحه الله تعالى بسؤال عبده له دون من سواه من العالمين ، - كالتصرف في عقول المخلوقين أو بعضهم - .
أو يكون ذلك الملك مما لا يكن من الأمور الخارقة ويمنحه الله تعالى له دون بقيت المخلوقين .
والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق