أثر التوبة في إسقاط حق الآدمي:
—————
حقوق الآدميين لا تسقط إلا بإسقاطهم عند الجمهور .
لحديث:( الشهيد يغفر له بأول قطرة تخرج من جسده إلا الدين ).
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( الصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان ، والعمرة إلى العمرة مكفرات لما بينهن ما لم تغش الكبائر، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ).
قالوا : فإذا كانت الصلوات الخمس التي هي الركن الثاني، لا تكفر إلا الصغائر، فغيرها من باب أولى لا تكفر إلا الصغائر ، وحقوق الإدميين ليست من الصغائر :( إن دماءكم وأموالكم ، وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا )، والغيبة من كبائر الذنوب : وهي ذكرك أخالك بما يكره.
ومن أسباب عذاب القبر النميمة :( وأما الآخر فكان يمشي بين الناس بالنميمة ).
والقول الآخر يسقط بالتوبة مطلقاً، وهو في نظري أقرب لأدلة منها( والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة)( رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه) بعد أن ذكر الصلوات الخمس، ورمضان إلى رمضان، والعمرة إلى العمرة ) وذكر قيد :( ما لم تغش الكبائر)، ثم ذكر الحج بلا قيد ، نظير ( سيقولون ثلاثة ….رجماً بالغيب)، ثم ذكر الله تعالى ( ويقولون سبعة ثامنهم كلبهم) ولك يقل بعدها رجماً بالغيب، وقاله سبحانه في التي قبلها من العدد.
﴿ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا﴾
وعلى القول الأول : إذا ترتب على ذكره له بغيبته مفسدة أعظم يكتفي بالقول الثاني.
وأما الدين فإنه مستثنى بنص الحديث ، ولكن يقاس عليه غيره من حقوق العباد ، يحتمل ، ويحتمل : لا، وذلك لأن الموانع من مغفرة الدين لمن مات شهيداً لو كانت غير الدين من حقوق العباد لذكرها صلى الله عليه وسلم ، ولما خص الدين بالذكر ، والقاعدة : لا يستدل بالأخص على الأعم ، وإنما يستدل بالأعم على الأخص.
والله أعلم.
كتبه / أ . د . محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة/ جامعة أم القرى . مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق