حكم نذر المباح إذا لم يوف به هل تلزمه كفارة يمين :
القول الأول : لا تلزمه الكفارة ،وبه قال الجمهور.
١ - لحديث أبي إسرائيل - السابق في نذر المعصية - وفيه : نذر أن يقوم ولا يقعد ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم ،فقال صلى الله عليه وسلم ( مره فليقعد وليستظل ، وليتكلم، ويصوم)
قالوا هذا نذر مباح.- ما عدا الصيام نذر طاعة -
والجواب : أن هذا ليس من نذر المباح ، بل هو من نذر المعصية ، للقاعدة التي دلٌ عليها هذا الحديث : أن فعل الإنسان ما يضره بلا مصلحة راجحة له فيه محرم .
٢ - ولحديث ( لا نذر إلا فيما يبتغى به وجه الله).
وقد سبق الجواب عنه - في مسألة نذر المعصية- .
٣ - ولما في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخاً يهادى بين ابنيه فقال : ما بال هذا ؟ قالوا : نذر أن يمشي قال : إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني ، وأمره أن يركب ).
والجواب : أن تعذيب الإنسان نفسه بلا مصلحة له فيه راجحة محرم لا مباح .
٤ - القياس على نذر المستحيل ، فكما أن نذر المستحيل لا ينعقد ولا تلزم به الكفارة ، فكذا نذر المباح .
والجواب : أن الأصل في النذر انعقاده ووجوب الكفارة بترك الوفاء به إلا ما خرج بإجماع أو نص أو قياس صحيح ، وذلك لعموم حديث ابن عباس عند مسلم ( كفارة النذر كفارة يمين ).
القول الثاني : نذر المباح ينعقد ويخير بين فعله وتركه وعليه الكفارة إذا تركه .وبه قال الحنابلة وغيرهم .
١ - لما رواه الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في بعض مغازيه ، فلما انصرف منها جاءت جارية سوداء فقالت : يارسول الله : إني كنت نذرت إن ردك الله صالحاً أن أضرب بين يديك بالدف ، وأتغنى ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن كنت نذرت فأضربي وإلا فلا ، فجعلت تضرب ). ففيه دليل على أنعقاده.
٢ - ولما رواه أبو داود والحاكم من حديث ابن عباس : ان رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله : إن أختي نذرت أن تحج ماشية ، فقال صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا يصنع بشقاء أختك شئياً ، فلتحج راكبة ، ولتكفر عن يمينها ). - زيادة ( ولتكفر عن يمينها) ضعيفة - كما سبق-.
٣ - القياس يقتضيه : من نذر مباحاً ولم يف به تلزمه كفارة ، كمن حلف على فعل مباح وتركه لزمته الكفارة.
والذي يترجح في نظري والعلم عند الله تعالى هو القول بإنعقاد نذر المباح ولزوم الكفارة عند تركه ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم ( كفارة النذر كفارة يمين ) رواه مسلم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق