حكم النفقة والسكنى للمطلقات ، . وما تجتنبه المعتدة .
المطلقة ثلاثاً لها النفقة والسكنى إذا كانت حاملاً بالإجماع، ولقوله تعالى ( أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ). وتكون النفقة على زوجها المطلق ، أما إذا توفي عنها زوجها وهي حامل فإن النفقة تكون في مال الجنين الذي يرثه من أبيه، لأن الأب لا مال له بعد الموت وانتقل إلى الورثة .
ولأن الحمل ولده - المطلق- فيلزمه الإنفاق عليه ولا يمكنه النفقة عليه إلا بالإنفاق عليها فوجب كما وجبت أجرة الرضاع .
وأما المطلقة ثلاثاً إذا لم تكن حاملاً فلا تجب لها النفقة ولا السكنى على زوجها المطلق ، مع أن الأفضل والأتم أن لا تُخرج من بيتها في زمن العدة .
لما في الصحيحين من حديث فاطمة بنت قيس قالت : طلقني زوجي ثلاثاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجعل لي نفقة ولا سكنى . وفي رواية إنما السكنى والنفقة لمن كان لزوجها عليها رجعة . وعند أحمد وأبي داود : لا نفقة لكِ إلا أن تكوني حاملاً .
والأفضل للمطلقة ثلاثاً أن تبقى في بيت زوجها لما في صحيح مسلم من حديث فاطمة بنت قيس قالت :قلت يارسول الله : إن زوجي طلقني ثلاثاً ، - في لفظ آخر : آخر ثلاث تطليقات - ، وأخاف أن يُقتحم علي.فأمرها فتحولت .
فكونها تستأذن من النبي صلى الله عليه وسلم يدلّ أن هذا هو المتقرر عندهم .ويدل على ذلك أيضاً حديث جابر عند مسلم قال : طُلقت خالتي ، فأرادت أن تجدَّ نخلها- تصرم وتقطع ثمره- . فزجرها رجل أن تخرج ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بلى ، جٰدي نخلك ، فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً) زاد أبو داود والنسائي وابن ماجة بسند صحيح : طُلقت خالتي ثلاثاً. فهو يدلّ على أن المعروف عند الصحابة أن المطلقة ثلاثاً لا تخرج من بيتها، ولعموم قوله تعالى ( ياأيها النبي إذا طلقتم النسآء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أي يأتين بفاحشة مبينة ) وحديث فاطمة بنت قيس يدل على أن الأمر في هذه الآية في شأن المطلقة ثلاثاً على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب لقوله ( لا نفقة لكِ ولا سكنى).
وأما المطلقة الرجعية تخرج وترجع إلى بيتها لأنها في حكم الزوجات ، وليست كالمحادّة التي لا تخرج إلا لحاجة أو ضرورة، لحديث فُريعة بنت مالك أن زوجها خرج في طلب أعبد له فقتلوه . قالت : فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي ، فإن زوجي لم يترك مسكناً لي يملكه ولا نفقة ، فقال : نعم . فلمّا كنت في الحجرة ناداني ، فقال ( اممثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله ).
وليس على المطلقة إحداد لحديث أم عطية عند مسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تُحدَّ امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً- ثياب زينة - إلا ثوب عصْب - ثياب بذلة مصبوغة من الأصل لايرد عليها الصبغ-
ولا تكتحل ، ولا تمسّ طيباً ، إلا إذا طهرت نبذة - قطعة - من قُسط أو أظفار - نوع من الطيب تتبخر به المرأة لقطع رائحة الحيض ، يُنسب إلى ظفارإحدى المدن الساحلية باليمن-).
وعلى هذا فإن المرأة المُحد تمتنع من :
١ - ثياب الزينة ويقاس عليها الحلي .
٢ - الأكتحال ويقاس عليه تحمير الشفاه وسائر أنواع المكياج .
٣ - الخضاب بالحناء ، ويقاس عليه التشقير وسائر أنواع الصبغات.
٤ - الطيب ويستثنى من ذلك إذا طهرت من الحيض قطعة من قٓسْط أو أظفار.
٥ - الامتشاط بالطيب أو الحنآء وشبهه من ذوي الألوان .
٦ - الخروج من منزل زوجها التي كانت تسكنه لمّا أتاها خبر وفاته ، فلا تخرج إلا لحاجة أو ضرورة.
والله تعالى أعلم وأحكم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق