حكم التسجيل في حساب المواطن :
@ الخلاصة : جائز مع أنه خلاف الأفضل والأتم ، إلا إذا كان من باب الظفر بالحق لمن أخذ من ماله شيء ، فلا بأس به ولا يخالف الأفضل ، لأنه والحالة تلك ليس من باب المسألة من السلطان .
@ صورة التسجيل في حساب المواطن :( أن السلطان يضع حساباً بنكياً، من يريد الدعم من المواطنين من بيت مال المسلمين يقدم فيه جميع البيانات المطلوبة منه، ومن تنطبق عليه الشروط التي وضعها السلطان يتم دعمه بما يراه مناسباً لحاله بعد التوثق من صحة بياناته، وقد يطالب بالمستندات والوثائق بشأن هذا الخصوص ) .
@ التسجيل في حساب المواطن، يدخل في باب سؤال المال للنفس، ويدخل في ظاهر حاله في باب الاستشراف للمال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه ( ما أتاك من هذا المال وأنت غير سائل ولا مشرف فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك ) وفي الصحيح أن حكيم بن حزام سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه ثم سأله فأعطاه ثم سأله فأعطاه ثم قال : يا حكيم ما اكثر مسألتك، إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، فكان كالذي يأكل ولا يشبع )
فالمشرف الذي يستشرف بقلبه ، والسائل الذي يسأل بلسانه.
وإذا كان السلطان هو الذي طلب منك التسجيل في حساب المواطن ،مع أن هذا فيه نظر، لأن هذا الحساب يتضمن : من يرغب فيه يطلبه وإلا فلا حظ له فيه، مع ما فيه من ذلة السؤال من استفسارات قد تصل بالمسؤول إلى غير مقام العزة والعلو بل قد تشعره بالذلة والهوان والسعي في تحقيق طلبه بما يستطيع ليظفر بشيء من المال . - ولو أدخله السلطان في حساب المواطن من غير طلب لكان من أخذ المال من غير استشراف ولا مسألة - .
فإن لم يكن فيه سؤال ففيه استشراف ، وعلى هذا فإن الأفضل، والأتم أن لا يسأل الإنسان شيئاً من المال لنفسه ولو كان محتاجاً إليه .
وحساب المواطن في حكم سؤال المال من الغير لنفسه ، أو في حكم المستشرف للمال من الغير.ألا إذا كان التسجيل في حساب المواطن من الوسائل التي لا يمكن الحصول على حقك المأخوذ منك إلا بها ، فلا بأس بذلك، لحديث هند بنت عتبة: ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) .
فإذا جاز لك أن تأخذ حقك بالمعروف على وجه الخفاء، فيجوز لك أن تأخذه على وجه العلن أيضاً، ولا يكن ذلك من باب المسألة وإنما يكون من باب الظفر بالحق .كمن تيقن أو غلب على ظنه أن التسجيل في حساب المواطن
هو جزء من مال المواطن الذي سيضاف عليه في الطاقة والماء ،وبقية الخدمات التي رفعت أسعارها من غير مبرر شرعي .
@ وكثرة سؤال المال لمن يجوز له ذلك مكروه لحديث المغبرة بن شعبة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنعاً وهات، وكره لكم قيل وقال ، وكثرة السؤال، وإضاعة المال ) - وقد سبق شرح هذا الحديث في حكم اللعب بالمفرقعات والألعاب النارية -
والشاهد منه : وكثرة السؤال.
@ وسؤال السلطان المال ، لا بأس به مع أنه خلاف الأفضل والأتم لحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( المسألة كد يكد بها الرجل وجهه - تعب ونصب وكدح - إلا أن يسأل الرجل سلطاناً، أو في أمر لا بد منه)
@ والقاعدة في ذلك : كل سؤال للمال من سلطان ، أو ما لا يتم حصوله مع ضرورته إلا به فهو جائز .
@ وسؤال المال للنفس محرمة إلا في ثلاث مواضع :
١ - في حال الاضطرار حتى تندفع خلته، وتنسد حاجته، ويجد ما يقوم به عيشه.لحديث سمرة، وكذا حديث قبيصة ( إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيشأو قال سداداً من عيش ، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: لقد أصابت فلاناً فاقة ، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش، أو قال سداداً من عيش، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت ، يأكلها صاحبها سحتاً)
ولا يخصص هذا الحديث ، حديث سمرة، لأن أحد أفراد العام لا يخصص به إذا كان موافقاً له في الحكم.
وحديث قبيصة يقاس عليه : كل ما لا يتم حصوله من المال مع ضرورته إلا بسؤاله ، كان سؤاله له جائزاً .
٢ - سؤال السلطان ، لحديث سمرة السابق ، سواء سأله بحاجة أو من غير حاجة، مع أنه خلاف الأفضل . لحديث سمرة ( إلا أن يسأل الرجل سلطاناً) وحذف المتعلق مشعر بالعموم، فيشمل ما كان بحاجة وما كان بغير حاجة.
٣ - أن يسأل ماله أو حقه الذي في ذمة غيره، فهذا لا يسأل مال غيره ، وإنما يسأل ماله .
@ ومن أراد المزيد فليراجع ما كتبته في حكم اللعب بالمفرقعات والألعاب النارية، في الموقع بالنت، والله تعالى أعلم .
كتبه / أبو نجم / محمد بن سعد العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق