حكم التصويت لإلغاء هيئة الترفيه .
- حكم التصويت عموماً -
@ العبرة بالمنظور لا بالمنتظر. فإذا كان واقع الحال أنها غش وفساد وإفساد، ومجاهرة بالمنكرات، وتسليخ للمجتمع من القيم والفضائل،ونحو ذلك من المعاصي والآثام ، أو يغلب على الظن أو يتيقن حصول ذلك ، وكانت مصلحة التصويت تدرأ مفسدة أعظم فلا بأس بالتصويت لإنكار المنكر وتخفيفه .
@ فكل ما مصلحته أعظم من مفسدته فهو مشروع .
إذ إن أصل التصويت لغير أهل الحل والعقد مذموم ،( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله )
@ فإذا اتخذ وسيلة لدفع باطل لا يندفع إلا به كان مشروعاً.
أو اتخذ وسيلة لإنكار منكر لا يترتب عليه مفسدة أعظم من الإنكار به فلا بأس.
فإن تعين طريقاً لا يمكن الإنكار إلا به كان واجباً ما لم تكن مفسدته أعظم من مصلحته، فإن لم يتعين طريقاً لإنكار المنكر كان جائزاً ما لم تكن مفسدتع أعظم .
@ فكل مقصود صحيح لا يمكن التوصل له إلا بوسيلة مصلحتها أعظم من مفسدتها - يقيناً أو غلبة ظن - فهي مشروعة .
قياساً على الكذب لإصلاح ذات البين، فهو مشروع لكون المصلحة والحالة تلك أعظم من مفسدته.
@ وقد سبق بيان ذلك في قاعدة :
كل مقصود صحيح لا يمكن التوصل له إلا بالإخبار عنه بخلاف الواقع فليس بكذب شرعاً.
ووضحنا ذلك بأدلته، والله تعالى أعلم .
@ والقاعدة أيضاً : كل ما يغلب على الظن أو يتيقن حصول مفسدة أعظم من مصلحته أو مساوية له ، فهو حرام .
وذلك كنكاح الكتابية في دار الحرب إذا غلب على الظن أو حصل اليقين عند الزواج بها حصول مفسدة الخوف من استرقاق الولد أو النكول عن ما قدم إليه من محاربة المشركين أو فتنته عن دينه والوقوع في الشرك بسبب تلك الزوجة، أو ترك الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، أو الخوف على الذرية من البقاء في دار الكفار وما يؤدي إليه في فتنتهم وضعف ديانتهم ونحو ذلك من المفاسد التي تربو على مصلحة نكاحه ، فإن أمكنه يقيناً أو غلبة ظن أن يقضي على تلك المفاسد كالعزل عنها أو استخدام موانع للحمل حتى يرجع بها إلى بلاد المسلمين فلا حرج .
ويدل على جواز تعليق عدم الجواز على الخوف من وقوع المفسدة يقيناً أو ظناً غالباً، قوله تعالى ( فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم )
فإن قيل : أليس العبرة بالمنظور لا بالمنتظر، والعبرة بالمصلحة المتيقنة لا المصلحة المتوهمة.
فالجواب : بلى ، ولكن المنظور هنا وقوع النكاح على حال يغلب فيها الظن على حصول المفسدة،، نظير من يبيح الأشياء المباحة كشاشات التلفاز على من يغلب على ظنه استخدامها في حرام، ونظير من يبيع العنب لمن يغلب على ظنه استخدامها في الخمر ، فيحرم عليه ذلك ، فكذلك ههنا.
فكل ما يغلب على الظن وقوع المفسدة المساوية أو الأعظم من المصلحة فهو حرام .
لا وقوع النكاح في حال لا يغلب فيها الظن في حصول المفسدة، كمن نكح في ديار الإسلام، وهي التي حكم الإسلام غالب عليها، فنكاحه والحالة تلك لا حرج فيه.
@ وعلى هذا يتقرر :
كل تصويت مصلحته أعظم من مفسدته فهو مشروع، فإن تعين طريقاً لتحقيق الحق أو إبطال الباطل كان واجباً ما لم تكن مفسدته مساوية أو أعظم من مصلحته، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. فإن لم يتعين طريقاً لتحقيق الحق وإبطال الباطل فهو مشروع - غير واجب بهذا الطريق - ما لم تكن المفسدة راجحة أو مساوية للمصلحة فيحرم .
اما اعتقاد التصويت طريقاً للتشريع في التحليل والتحريم فهذا يكون شركاً أكبر يخرج صاحبه من الملة، فلا أحد يحق له التشريع إلا الله تعالى، والرسل مبلغون عن الله تعالى ، قال جلا وعلا ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله). وإنما هو وسيلة لإحقاق حق، أو إنكار منكر.أو تخفيفه .
والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق