لا فرق بين الشهادة على الإثبات والشهادة على النفي :
فمثلاً : هل تقبل شهادة الشاهد على النفي أو العدم كمن يشهد أن المدعى عليه لم يسلم المدعي ماله؟
@ لا فرق بينهما ، لأن الشهادة مبنية على اليقين ، أو غلبة الظن. ما لم يأت ما يعارضها، فإن المثبت مقدم على النافي.
فكل من تيقن شيئاً أو غلب على ظنه حصوله ، جاز أن يشهد به، سواء نفياً أو إثباتاً .
ويدل لذلك : ( ما قتلناه وما علمنا قاتله ) في حديث القسامة .
( تحلقون أن فلاناً قتله فتأخذونه برمته ) يدل على الحلف بناء على غلبة الظن إثباتاً أو نفياً.
وحديث قبيصة في الصحيح ، وفيه :( حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه ، فيقولون : لقد أصابت فلان فاقة فحلت له المسألة ...)
وهذا بناء على غلبة ظنهم ، وإلا قد يكون متحائلاً عليهم .
هذا وقد تنازع الفقهاء في ذلك ، ولهذا قال القرافي : اشتهر على ألسنة الفقهاء أن الشهادة على النفي غير مقبولة ، وفيه تفصيل فإن النفي قد يكون معلوما بالضرورة أو بالظن الغالب الناشئ عن الفحص ، وقد يعرى عنهما فهذه ثلاثة أقسام أما القسم الأول فتجوز الشهادة به اتفاقا كما لو شهد أنه ليس في هذه البقعة التي بين يديه أفرس ، ونحوه فإنه يقع بذلك ، وليس مع القطع مطلب آخر ( والثاني ) نحو الشهادة في صور منها التفليس ، وحصر الورثة فإن الحاصل فيه إنما هو الظن الغالب لأنه يجوز عقلا حصول المال للمفلس ، وهو يكتمه ، وحصول وارث لا يطلع عليه ، ومن هاهنا قول المحدثين ليس هذا الحديث بصحيح بناء على الاستقراء ، ومنها قول النحويين ليس في كلام العرب اسم آخره واو قبلها ضمة ، ونحو ذلك ، والقسم الثالث نحو أن زيدا ما وفى الدين الذي عليه أو ما باع سلعته ، ونحو ذلك فإنه نفي غير منضبط ، وإنما يجوز في النفي المنضبط قطعا أو ظنا .
وكذلك يجوز أن زيدا لم يقتل عمرا أمس لأنه كان عنده في البيت أو أنه لم يسافر لأنه رآه في البلد فهذه كلها شهادة صحيحة بالنفي ، وإنما يمتنع غير المنضبط فاعلم ذلك ، وبه يظهر أن قولهم الشهادة على النفي غير مقبولة ليس على عمومه ، ويحصل الفرق بين قاعدة ما يجوز أن يشهد به من النفي ، وقاعدة ما لا يجوز أن يشهد به منه .أ.ه .
وعلى كل النفي المحصور، لا إشكال في جوازه، كقولك : ليس في هذه البقعة أشجار، وكذا ما كان في معنى النفي المحصور، وكذا ما تيقن الإنسان من عدم حصوله، أو غلب على ظنه عدم وجوده وحدوثه .
والله تعالى أعلم وأحكم .
كتبه/ محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق