قاعدة : الحكم إذا علق على مجموع لا يجوز تعليقه على بعض أفراده فيما إذا كانت العلة مركبة لا متعددة.
فالعلة المتعددة : إذا تبتت إحدى تلك العلل فهي كافية في إثبات الحكم ، بخلاف العلة المركبة ، فإن جزء العلة غير كاف في إثبات الحكم ، فمثلاً : قوله صلى الله عليه وسلم ( تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى تكون بين قرني شيطان ، قام فنقرأها أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً) فإن تأخير صلاة العصر إلى إصفرار الشمس غير كاف في إثبات كون صلاته صلاة منافق ، حتى توجد فيها بقية أجزاء العلة المذكورة في الحديث، فيكون وقت العصر ممتداً إلى الغروب على سبيل الجواز ( من أدرك ركعة من العصر ، فقد أدرك العصر، وما قبل اصفرار الشمس وقت فضيلة ، خلافاً للمذهب عند الحنابلة يعتبرون ما بعد الإصفرار وقت ضرورة . فهذا الحديث مثال للعلل المركبة .
وأما العلل المعتددة : كقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) .
فكل ما يلهي عن ذكر الله دائماً أو غالباً ، فهو منهي عنه .
و كل ما يلهي عن الصلاة كذلك .
وكل ما يوقع العداوة البغضاء غالباً كذلك.
فإذا وجد ت إحدى تلك العلل فهي كافية في إثبات الحكم ، ومع كون ذلك حكمة إلا إنها إذا كانت وصفاً مناسباً ظاهراً منضبطاً فإنها تكون حكمة وعلة في آن واحد ، على القول الأرجح عند الأصوليين .
فالعلة : وصف ظاهرمنضبط مناسب .
والحكمة : ما يترتب على إثبات الحكم من جلب لمنفعة أو دفع لمضرة .
وبهذا يتضح تحريم البلوت والشطرنج والنرد، لأنها تلهي غالباً عن الصلاة .
وكذا توقع العداوة والبغضاء غالباً وإن تخلف ذلك في بعض الأفراد، إلا إن التحريم باق، لكون العلة وجود تلك الأوصاف غالباً، والعبرة بالأعم الأغلب لا بالقليل واللنادر .
والله تعالى أعلم
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق