إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الجمعة، 8 فبراير 2019

حكم الإسراع للصلاة من أجل إدراك الجماعة، أو تكبيرة الإحرام// لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


حكم الإسراع للصلاة من أجل إدراك الجماعة، أو تكبيرة الإحرام:

روى البخاري ومسلم حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم السكينة -التأني في الحركات وعدم العبث بالأعضاء ونحوها- والوقار -في الهيئة من خوض صوت، وعدم التفات ونحوهما-، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا).
والإسراع: يأتي بمعنى المضي والذهاب، كقوله تعالى: (فاسعوا إلى ذكر الله) في سورة الجمعة، وليس هو المراد في هذا الحديث، بل المراد المضي السريع، والذهاب الشديد.

* ولفظ (إذا أقيمت الصلاة) هل هو قيد معتبر، بأن النهي عن الإسراع للصلاة لا يكون إلا بعد سماع الإقامة، أو من كان في حكم من سمع الإقامة.
فقال قوم: المراد هو النهي عن الإسراع للصلاة حتى وإن كان قبل الإقامة، لأن المراد هو السكينة والوقار وعدم الإسراع عند التوجه للصلاة، لما فيه من كثرة الخطأ إلى المساجد، والراحة والطمأنينة، فيدخل الصلاة مرتاحاً مطمئناً، مما يكون سبباً في الخشوع والتدبر في صلاته، ويؤيد ذلك ما جاء في صحيح مسلم: (فإن احدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة) والحكم يدور مع علته.
والقاعدة : الأصل في الأحكام الشرعية التعليل.
والقاعدة: إذا تعارض اللفظ والمعنى، قدم المعنى إذا ظهر، وإن لم يظهر فأتباع اللفظ أولى.
وههنا قد ظهر المعنى . وهذا هو الأقرب.
وقيل: النهي عن الإسراع يختص بسماع الإقامة، لا قبلها. (إذا سمعتم الإقامة...) فعلق الحكم على الإقامة، والقاعدة: النهي عن الأخص دليل على جواز الأعم.
والجواب: أن النهي عن الأخص دليل على جواز الأعم، إلا إذا كان المعنى الذي في الأخص موجود في الأعم -كما هو الشأن ههنا-.

* وهل النهي الوارد في حديث هريرة هذا، نهي تحريم أو كراهة.
ذهب جماهير العلماء أن النهي فيه للكراهة، والأمر للأستحباب، لأن النهي عند الجمهور في باب الإداب وتهذيب السلوك للكراهة لا للتحريم.
ولأن دلالة الإقتران تقتضيه، فلما كانت السكينة والوقار للذهاب ليست بواجبة، فما كان فرعاً عنها من باب أولى.
مع العلم بأن دلالة الإقتران ليست بضعيفه مطلقاً على الأصح، فهي تقوى أحياناً وتضعف أحياناً، كسائر القرائن.

* وظاهر حديث أبي هريرة السابق: أنه لا فرق في النهي عن السعي للصلاة، بين ما خاف فيه المسلم من فوات تكبيرة الإحرام  أو فوات ركعة أو فوات إدراك الجماعة أو الجمعة، وبين غير ذلك مما لا يترتب على عدم إدراكه فوات.
لأن النصوص عامة، والتخصيص لا يكون إلا بمخصص.
وهذا قول للإمام أحمد، وحكاه ابن عبد البر في التهيد عن الجمهور.

وذهب جمع من الفقهاء، ومنهم إسحاق بن راهويه، وهو رواية عن أحمد، ومروي عن بعض الصحابة: إذا خشي فوات تكبيرة الإحرام، أو ركعة، فلا بأس بالإسراع، وتنتفي الكراهه.
لأن المعنى في إدراك الجماعة الواجبة أولى من المعنى المراد من عدم الإسراع.
والقاعدة: ترتكب المفسدة لدفع المفسدة العظمى عند التعارض.
وما يترتب عليه ترك واجب، أولى بالاعتبار مما يترتب عليه ترك مستحب.
والسنة تترك من أجل تحصيل الواجب -عند التعارض-.
وكذا: السنة تترك من أجل تحصيل سنة آكد منها.
والقاعدة: الكراهة تنتفي عند وجود الحاجة.

وبناء على هذا: فلا تعارض بين واجب ومستحب.
ولا تعارض بين محرم ومكروه.
ولا تعارض بين مسنون وآكد منه في السنية.
فينظر ما يترتب على ترك الإسراع لمن كان ذاهباً إلى الصلاة فإن ترتب على عدم إسراعه فوات واجب، أو سنة آكد من عدم إسراعه، شرع له الإسراع، وإلا فلا. وهذا هو الأقرب في نظري من حيث التقعيد والتأصيل.
والله تعالى أعلم وأحكم.

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت