إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الخميس، 7 فبراير 2019

حكم التسويق الشبكي، أو الهرمي// لفضيلة الشيخ د. محمد بن سعد الهليل العصيمي -حفظه الله-.


حكم التسويق الشبكي، أو الهرمي: 
حكم عمل شركات التسويق الهرمي أو الشبكي :
--------
 التسويق الهرمي أو الشبكي مثل شركة (بزناس)، وغيرها والتي يتلخص عملها في إقناع الشخص بشراء سلعة أو منتج ، على أن يقوم بإقناع آخرين بالشراء ليقنع هؤلاء آخرين أيضًا بالشراء وهكذا ، وكلما زادت طبقات المشتركين حصل الأول على عمولات أكثر تبلغ آلاف الريالات ، وكل مشترك يقنع من بعده بالاشتراك مقابل العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها إذا نجح في ضم مشتركين جدد يلونه في قائمة الأعضاء، وهذا ما يسمى التسويق الهرمي أو الشبكي.
مع العلم بأن التسويق الشبكي له صور كثيرة، وما سبق فهو كالتمثيل عليها :

وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في ذلك على قولين : 
القول القول : يحرم ذلك ولا يجوز : 

١ - لأن  مقصود المعاملة هو العمولات وليس المنتج ، فالعمولات تصل إلى عشرات الآلاف ، في حين لا يتجاوز ثمن المنتج بضع مئات ، وكل عاقل إذا عرض عليه الأمران فسيختار العمولات .
ولما  تضمنت الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة ، فالمشترك يدفع مبلغًا قليلاً من المال ليحصل على مبلغ كبير منه ، فهي نقود بنقود مع التفاضل والتأخير ، وهذا هو الربا المحرَّم بالنص والإجماع، والمنتج الذي تبيعه الشركة للعميل ما هو إلا ستار للمبادلة ، فهو غير مقصود للمشترك ، فلا تأثير له في الحكم

والجواب :  أن ما كان محرم تحريم وسيلة ، إذا كان محرم لأجل تلك الوسيلة ، جاز بوسيلة أخرى مباحة .
كما في حديث أبي سعيد ،قال : جيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمر جنيب، فقال: ( أكل تمر خيبر هكذا، فقالوا : لا والله يارسول الله، إنا لنأخذ الصاع بالصاعين، والصاعين بالثلاثة، فقال صلى الله عليه وسلم ( أوّاه عين الربا، ردوه، ولكن بع الجمع - التمر الرديء- بالدراهم، واشتري بالدراهم جنيباً - التمر الجيد - ).
وهذا نظير بيع المرابحة للإمر بالشراء، فمن نظر إلى أن المقصود ، هو مال بمال بينهما سلعة، قال بالتحريم، 
ومن نظر إلى أن هذا التبادل تم بطريقة صحيحة حتى وإن كان المقصود واحداً وهو حصول مال بمال  إلا أنه تم بطريق البيع والشراء الصحيح  وذلك لحديث أبي سعيد السابق.
وعلى هذا إذا تعارض الفظ والمعنى قدم المعنى إذا ظهر ، وإن لم يظهر فإتباع اللفظ أولى .
وهنا المعنى وجد ، ولكن دلّ حديث أبي سعيد على اعتبار العقد، ووجود السلعة ، لا اعتبار المعنى .

٢ - ولأنها من الغرر المحرَّم شرعًا ؛ لأن المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين أو لا ؟ والتسويق الشبكي أو الهرمي مهما استمر فإنه لابد أن يصل إلى نهاية يتوقف عندها ، ولا يدري المشترك حين انضمامه إلى الهرم هل سيكون في الطبقات العليا منه فيكون رابحًا ، أو في الطبقات الدنيا فيكون خاسرًا ؟ والواقع أن معظم أعضاء الهرم خاسرون إلا القلة القليلة في أعلاه، فالغالب إذن هو الخسارة ، وهذه حقيقة الغرر ، وهي التردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما، وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر ، كما رواه مسلم في صحيحه.

والجواب : 
أن الغرر: كل معاملة تدور بين الغنم والغرم في أصل المال لا في ربحه.
أما في الربح فهو التجارة ، كما سبق تقريره في الفرق بين الغرر والتجارة .
فكل غرم متحقق في أصل المال من أجل ربح محتمل ، فهو غرر . 
وههنا ليست الخسارة في أصل المال ، حتى يكون غرراً، وأما الربح أو الخسارة في ربح المال مع وجود الأصل وهو السلعة، فهذه تسمى تجارة قابلة للربح والخسارة، لا غرراً .
وهنا السعي- موزع معتمد مقابل عوض - مشروط بشرائه سلعاً بمقدار معين من المال، ليحصل على أجرة السعي من تلك الشركة مقابل الشراء أو التوزيع، فهو بذل مال في سلعة - لا بذل مال مجرد حتى يكون مال بمال ربوي - وإنما ليحصل على عمل يستحق عليه العوض ، فلا يكون ربا. ولا غرر فيه ، لعمله شيئاً معلوماً معروفاً بين الطرفين بشروط معينة .
وخلاصته : بذل مال ليكون سمساراً لهم في تلك السلعة، فإذا جاز أخذ السعي في مقابلة السعي، جاز ههنا، وكون السعي للدلالة على السلعة أو ليكون ساعياً، لا فرق.
وهنا بذل المال : في مقابلة ان يقوم بالتسويق.


٣ - ما اشتملت عليه هذه المعاملة من أكل الشركات لأموال الناس بالباطل ؛ حيث لا يستفيد من هذا العقد إلا الشركة ومن ترغب إعطاءه من المشتركين بقصد خدع الآخرين ، وهذا الذي جاء النص بتحريمه في قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل {النساء : 29} .

والجواب: أن أكل أموال الناس بالباطل، إنما يكون ذلك بلا مقابل من عمل، أو مال  بالطريقة الشرعية، أو ضمان لا يأول إلى مال، أو ضرر مادي.
وههنا المقابل عمل، أو مال ، وهي السلعة المشتراة .

٤ -  ما في هذه المعاملة من الغش والتدليس والتلبيس على الناس ، من جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقق غالبًا، وهذا من الغش المحرَّم شرعًا ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : "من غش فليس مني" . رواه مسلم في صيحه وقال أيضًا : "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبيَّنا بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما". متفق عليه .

والجواب : أنه إذا لم يحصل تدليس ولا غش ، ولا كذب، فما المانع من جوازها .

@ فإن قيل :  بأن هذا التعامل من السمسرة من أكل أموال الناس بالباطل ، فهذا غير صحيح ، إذ السمسرة عقد يحصل السمسار بموجبه على أجر لقاء بيع السلعة ، أما التسويق الشبكي فإن المشترك هو الذي يدفع الأجر لتسويق المنتج ، كما أن السمسرة مقصودها السلعة حقيقة ، بخلاف التسويق الشبكي فإن المقصود الحقيقي منه هو تسويق العملات وليس المنتج ، ولهذا فإن المشترك يُسوّق لمن يُسوِّق ، هكذا بخلاف السمسرة التي يُسوق فيها السمسار لمن يريد السلعة حقيقة ، فالفرق بين الأمرين ظاهر .

والجواب : وما المانع من جواز السمسرة، بشرط أن لا تكن سمساراً لي حتى تشتري مني ، أو تجلب لي  زبائن يشترون إلى مقدار معيبن .
وكونك تشتري وقد لا تحصل على زبائن غير مانع من صحة السمسرة، فالمقابل  هو الحصول على عمل ، أو أجرة على التصريف، أو انتفاع بما يحصل من شراء السلعة .
وإذا كان الشراء من تلك الشركة  للسلعة لحاجته وبسعر السوق، فلا وجود للغرر من أصله .

@  فإن قيل :  بأن العمولات من باب الهبة فليس بصحيح ، ولو سلم فليس كل هبة جائزة شرعًا ، فالهبة على القرض ربا ، ولذلك قال عبد الله بن سلام لأبي بردة ، رضي الله عنه: "إنك في أرض الربا فيها فاش ، فإذا كان لك على رجل حق فأهدى إليك حمل تبن أو حمل شعير أو حمل قت فإنه ربا" . رواه البخاري في الصحيح ، والهبة تأخذ حكم السبب الذي وجدت لأجله ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : "أفلا جلست في بيت أبيك وأمك فتنظر أيهدى إليك أم لا؟" متفق عليه .
وهذه العمولات إنما وجدت لأجل الاشتراك في التسويق الشبكي ، فمهما أعطيت من الأسماء سواء هدية أو هبة أو غير ذلك ، فلا يغيِّر ذلك من حقيقتها وحكمها شيئًا .
ومما هو جدير بالذكر أن هناك شركات ظهرت في السوق سلكت في تعاملها مسلك التسويق الشبكي أو الهرمي ، وحكمها لا يختلف عن الشركات السابق ذكرها ، وإن اختلف عن بعضها فيما تعرضه من منتجات 

والجواب :  الهبة تأخذ حكم السبب الذي وجدت من أجله، لأن العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني، 
وههنا العوض على السمسرة ، فهي أجرة على عمل ،وما المانع من  اشتراط الشركة على العامل ، أنه لا يكون سمساراً لها ، حتى يحصل على نقاط معينة ، لا تتم تلك النقاط حتى يشتري منها ليحصل على تلك النقاط ، أو يكون ذلك عن طريقه، وذلك لمعرفة قدرة السمسار على السمسرة، فإنه إذا اشترى كثيراً دلّ على قدرته على قوة التوزيع ، وتميزه في السمسرة .

القول الثاني : التسويق الشبكي جائز إذا كان خالياً من المحاذير الشرعية، كبيع دراهم بدراهم لا سلعة بينهما، وكوجود الغش والتدليس والخداع والكذب، والتغرير بالمشتري، أو وجود الغرر، ونحو ذلك من المحاذير الشرعية، فإذا خلت من ذلك ، جازت، وذلك لأن الأصل في البيوع والأشياء الإباحة حتى يثبت ما ينقله عن هذا الأصل .
والذي يترجح في نظري والعلم عندالله تعالى   أن التسويق الشبكي جائز بشرط أن لا يحتوي على تغرير الناس وخداعهم والكذب عليهم، وليس فيها غر راً، لأن المشترك إنما اشترك ليكون مندوباً يحق له تسويق بضائع الشركة بأجر  ، فيكون المال الذي دفعه مقابل أن يعمل مسوق وموزع للبضائع  الشركة على أن يتقاضى على ذلك أجر سعيه، وليس ذلك من الربا، لأن المال المدفوع مقابل منفعة وعمل لا مال.

والخلاصة : جواز التسويق البشري الذي لا يحتوي على الكذب والمخادعة للمشترين، وقد كنت سابقاً أرى التحريم ثم تبين لي الجواز بشرطه، والله تعالى أعلم .
 ،والله تعالى أعلم .

كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت