الزواج من الزانية وهي حبلى من الزنا:
------
ذهب الحنفية والشافعية إلى أن المرأة الزانية لا عدة لها، وعلى ذلك يجوز العقد عليها -إذا تابت من الزنا- حتى وإن كانت حبلى، شريطة أن لا يطأها حتى تضع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامريء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره).
ولكي لا تختلط المياه في الرحم.
ولأن القياس يقتضيه، فكما أن المسبية تملك وهي حبلى، ولا يجوز لسيدها أن يطأها حتى تضع، فكذا الزانية وهي حبلى إذا تابت يصح العقد عليها، ولا يجوز أن يطأها حتى تضع إذا كان الحمل من غيره، فإن الزوج سيدها بمجرد العقد عليها، وهو بالعقد تملكها وملك عصمتها وفِي الحديث: (ملكتكها بما معك من القران).
وهذا هو الأقرب، خلافاً لمن قال بأن الزنى له عدة، ومن أفسد القياس: قياس الحرام على الحلال، قال تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) وذلك لما قال المشركون، ما الفرق بين البيع والربا.
* علماً: أن الزانية لا يصح عقد النكاح عليها حتى تتب إلى الله تعالى قبل العقد عليها، لقوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينحكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: " نكاح الزانية حرام حتى تتوب، سواء كان زنى بها هو أو غيره. هذا هو الصواب بلا ريب وهو مذهب طائفة من السلف والخلف: منهم أحمد بن حنبل وغيره.
وهذا هو الذي دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار; والمشهور في ذلك آية النور قوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) وفي السنن حديث أبي مرثد الغنوي في عناق" انتهى.
وبناء على ذلك: من ابتلي بذلك وعقد النكاح قبل التوبة فعليه أن يتوب إلى الله تعالى ويندم على ما فعل ويعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب، ثم يعيد عقد النكاح مرة أخرى.
والله تعالى أعلم وأحكم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق