إذا عضل الولي الأقرب المراة، فهل تنتقل الولاية لمن بعده من الأولياء أم للسلطان مباشرة؟
------
وذلك أن الولاية في النكاح: بنوة ثم أبوة ثم أخوة ثم عمومة ثم ولاء، (الولاء لحمة كلحمة النسب)، وذلك حسب قوة القرابة، فإن عدموا أو كانوا في حكم العدم لتشاجرهم، أو نحوه، فالسلطان، لحديث: (فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له).
إلا أن جمعاً من الفقهاء ومنهم الحنابلة يقدمون الأب على الابن في النكاح، والأول -تقديم البنوة على الأبوة- أقرب، قياساً على الميراث.
فإن عضل الولي موليته عن النكاح لغير عذر شرعي، انتقلت لمن بعده في الولاية، قياساً على الإرث، فلا ننتقل للأبعد مع إمكان التزويج من الأقرب منه منزلة، واشترط الشافعية: أن يكون العضل ثلاثاً لا مرة.
* وقال الشافعي والإمام أحمد في رواية عنه تنتقل إلى السلطان مباشرة إذا عضل الولي الأقرب، ولا تكون لمن بعده في الولاية:
١- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له).
والجواب: أن الضمير (اشتجروا) يعود لجميع الأولياء، سواء كان العضل منهم يقيناً أو غلبة للظن. والحق ينتقل من الأقرب إلى الأقرب كالميراث.
٢- ولأن ذلك حق عليه امتنع من أدائه، فقام الحاكم مقامه، كما لو كان عليه دين فامتنع من قضائه.
والجواب: أن الولاية تخالف الدين من وجوه ثلاثة:
أحدهما: أنها حق للولي والدين حق عليه. الثاني: أن الدين لا ينتقل عنه، والولاية تنتقل لعارض، من جنون الولي أو فسقه أو موته. الثالث: أن الدين لا يعتبر في بقائه العدالة، والولاية يعتبر لها ذلك، وقد زالت العدالة بما ذكرنا، فإن قيل: فلو زالت ولايته لما صح منه التزويج إذا أجاب إليه، قلنا فسقه بامتناعه، فإذا أجاب فقد نزع عن المعصية وراجع الحق فزال فسقه فلذلك صح تزويجه.
والأقرب الأول، لأنه تعذر التزويج من جهة الأقرب فملكه الأبعد، كما لو جُنَّ، ولأنه يفسق بالعضل، فتنتقل الولاية عنه كشرب الخمر، فإن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم.
والقاعدة: القياس في الباب أولى من القياس خارج الباب.
وقياس الولاية التي سببها القرابة على الميراث الذي سببه القرابة، أولى من القياس على الدين.
والله تعالى أعلم.
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة/ جامعة أم القرى / مكة المكرمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق