الفرق بين التدليس والعيب:
———-
التدليس : يحصل به فوات كمال مع وجود كمال السلعة او العين، مثل أن يصبغ الشعر الأبيض بالسواد في الأمة ، او يطلي السيارة بلون غير لونها لتظهر كونها جديدة، أو ليخفي أثر الصدمة ، او يدهن البيت القديم بطلاء جديد حتى لا يبدو قديماً، وهكذا .
والقاعدة في ذلك : كل من أظهر السلعة بصفة مرغب فيها، وهي خالية عنها ، فهو تدليس.
فهذا الذي دُلِس عليه بالخيار بعد العلم ثلاثة أيام ، إن شاء أمسك السلعة ، وإن شاء ردها ، ولا أرش له- والأرش: الفرق بين السلعة من غير تدليس ، وبها التدليس-.
فإن أسقط حقه في الرد ، وتراضيا على عوض سواء كان مساوياً للأرش أو أقل أو أكثر جاز ، وإن تعذر الرد للسلعة بعد تمام البيع فلا أرش حينئذ ، وذلك أن السلعة لا نقص بها، وإنما فات بسبب التدليس صفة كمال .
ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تلقوا الجلب ، فمن تلقى الجلب فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار )، ولم يوجب له الأرش بتتميم البيع وإمضائه.
ولقوله صلى الله عليه وسلم ( لا تصروا الإبل والغنم ، فمن ابتاعها بعد أن يحلبها فهو بالخيار ثلاثة أيام ، إن شاء أمسكها، وإن شاء ردها وصاعاً من تمر )
وذلك أن العين الإبل والغنم لا نقص بها، وإنما بها صفة كمال فاتت بسبب التدليس، فكان في هذا البيع ثلاثة أيام لمن حصل له التدليس وهو المشتري الخيار بعد العلم في حدود ثلاثة أيام وإلا سقط حقه في الرد .
وأما العيب في السلعة : يحصل به نقص في عين السلعة لا صفة فوات كمال .
كأن يبيعه سيارة لا مكينة فيها ، أو يبيعه عمارة لا خزان للماء فيها ، مما يعتبر في العرف عيباً ، وهو نقص في عين السلعة لا فوات كمال .
فهذا الذي لم يعلم بالعيب له الخيار ثلاثة أيام، بالإمضاء أو الفسخ بعد علمه بالعيب.
ولا أرش له إلا إذا تراضى الطرفان ، أو تعذر الرد ، بخلاف خيار التدليس : إذا تعذر رد السلعة لا أرش له.
وذلك لما في الصحيحين من حديث ابن عمر : قال : ذكر رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع ، فقال :( إذا بايعت فقل لا خِلابة) أي لا خديعة، وهذا من باب التأكيد ، وذلك لأن الخديعة منفية شرعاً عن كل أحد ، لأنها خلاف النصيحة ، والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق