إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأرشيف

نبذه قصيرة عني

الشيخ د.محمد بن سعد هليل العصيمي-حفظه الله

الأستاذ المشارك بجامعة أم القرى - بمكة المكرمة - بقسم الشريعة والدراسات الإسلامية

آخر المـسـائـل

اخر المواضيع

اخر المواضيع

المشاركات الشائعة

الاثنين، 6 أبريل 2020

حكم وضع الجوائح في الإجارة//لفضيلة الشيخ د.محمد بن سعد العصيمي - حفظه الله


حكم وضع الجوائح في الإجارة :
————-
الجائحة : هي كل ما لا يمكن دفعه ولا تضمينه، إذا أتلف أو أُنقص العوض قبل التمكن من القبض .
وهي تكون في الثمار ، وفي غيرها، لعموم النص ( أمر بوضع الجوائح ) ولأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
ولأن القياس يقتضيه، فما ثبت في الثمار ثبت في غيرها ، لأن الشريعة لا تفرق بين متماثلين ، ولا تجمع بين مختلفين .

* روى أبو داود عن جابر رضي الله عنه عند أبي داود "أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع الجوائح" 
* وعند مسلم في صحيحه : "أمر بوضع الجوائح"، 
* وجاء أيضا في مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابته جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟ "
والأصل في الأمر : أنه للوجوب، ويؤيده ( بما تأخذ مال أخيك بغير حق ) وهذه العلة تقتضي تحريم أكل أموال الناس بالباطل وذلك أن عدم وضع الجائحة منه.

والقاعدة : الأصل في العقود: العدل .
والقاعدة : والضرر يزال, وقاعدة : لا ضرر ولا ضرار .
والقاعدة : تلف المقصود المعقود عليه قبل التمكن من قبضه يبطل العقد.

ولأن عدم الوضع من أكل أموال الناس بالباطل؛ حيث إنه أخذ أحد العوضين بدون تسليم العوض الآخر.

وأما المعنى الذي من أجله وضعت الجوائح فهو: ما بقي على صاحب الأصل من حق التوفية فلم تنقطع علاقته  بالكلية عن السلعة  , ولذا لم يكن قبض المشتري لها قبضاً تاماً ناجزاً .
فمثلا في الثمار التي بدا صلاحها ولم تقطع بعدُ: المشتري لم يقبضها قبضا تاما ناجزا؛ لبقاء يد البائع عليها بالسقي فيما يحتاج منها إلى السقي. ، والمستأجر لم يقبض منفعة العين قبضا تاما ناجزا؛ لبقاء مصروفات بقاء العين على المؤجر.

* ووضع الجائحة في الثمار هو ما ذهب إليه المالكية بقيد الثلث, والحنابلة مطلقا, خلافا للحنفية والشافعية. - وقد بينت ذلك في بحث : حكم الجائحة في الثمار -.

وأما  وضع الجوائح في الثمار فحكى ابن تيمية الإجماع, على وضعها : حيث قال في مجموع الفتاوى: (وأما الجوائح في الإجارة فنقول: لا نزاع بين الأئمة أن منافع الإجارة إذا تعطلت قبل التمكن من استيفائها سقطت الأجرة لم يتنازعوا في ذلك كما تنازعوا في تلف الثمرة المبيعة. لأن الثمرة هناك قد يقولون: قبضت بالتخلية وأما المنفعة التي لم توجد فلم تقبض بحال. ولهذا نقل الإجماع على أن العين المؤجرة إذا تلفت قبل قبضها بطلت الإجارة وكذلك إذا تلفت عقب قبضها وقبل التمكن من الانتفاع؛ إلا خلافا شاذا حكوه عن أبي ثور). وقال أيضًا: (قد اتفق العلماء على أن المنفعة في الإجارة إذا تلفت قبل التمكن من استيفائها، فإنه لا تجب أجرة ذلك، مثل أن يستأجر حيوانا فيموت قبل التمكن من الانتفاع). وقال أيضًا: ( لا خلاف بين الأمة أن تعطل المنفعة بأمر سماوي يوجب سقوط الأجرة، أو نقصها، أو الفسخ، وإن لم يكن للمستأجر فيه صنع: كموت الدابة، وانهدام الدار، وانقطاع ماء السماء، فكذلك حدوث الغرق، وغيره من الآفات المانعة من كمال الانتفاع بالزرع)

وبناء على ما سبق : فإن من وضع الجوائح: سقوط الأجرة على المستأجر الذي لم يتمكن من الانتفاع بمنفعة المكان الذي استأجره؛ بسبب جائحة عامة كفيروس كورونا؛ لأن مقتضى العدل انتفاع كل منهما بما عاقد عليه, فينتفع صاحب العين بالمال, وينتفع المستأجر بمنفعة العين, وفي الجوائح العامة لا يمكن للمستأجر الانتفاع بالعين, فيكون المؤجر قد أخذ مالاً بلا مقابل .
وأما من تمكن من القبض وقبض، ولم يسلم محله  ، فهو شاغل للمحل رجاء أن ينتفع به فيما بعد ، فيلزمه الأجرة وإن لم ينتفع.

ولا يلزم من إباحة التصرف في المنفعة: تمام القبض؛ بدليل أنها لو تلفت كانت من ضمان المؤجر.

فإن قيل: هذا خلاف القياس؛ باعتبار أن المشتري قد ملك منفعة العين وملك التصرّف فيها، ولو ربح فيها كان الربح له وليس لصاحب العين.

فالجواب من وجهين : 

أ -  فرق بين إزالة موجود ، وفوات معدوم لم ينعقد سببه -  وقد أوضحت ذلك في حكم التعويض عن فوات منفعة انعقد سبب وجودها -. 

ب - حديث وضع الجوائح أصل بنفسه, يقضي على كل ما خالفه, فما ذكرتموه يرده النص فيكون باطلا مهدرا.
والقاعدة : كل اجتهاد يعود على النص بالإبطال فهو باطل .

ووضع الجوائح في الإجارة مجمع عليه, فيكون ما ذكروه مهدرا بالنص الوارد في الثمار, وبالإجماع في الإجارة.

ثم إنه لابد في صاحب العين كالمحل التجاري  ، حتى يأخذ الأجرة من المستأجر أن يتمكن المستأجر من القبض التام للمنفعة, فالمنفعة في الإيجار لا تقبض مرة واحدة كما يقبض المكيل  من الأرز  وإنما تقبض شيئا فشيئا, فمن استأجر محلاً شهرا فالقبض التام يكون بنهاية الشهر, فكل يوم ينتفع به يقابله عوض يأخذه المؤجر, ومع انتفاع المستأجر بالعين إلا أن المؤجر لم تنقطع علاقته بالعين, ولذا فإن مصروفات بقاء العين على المؤجر لا المستأجر.
فما تعلق برقبة العين تكون على المؤجر ما لم يكن بينهما شرط يخالف ذلك .

فالمستأجر لم يتسلم تسليما تاما، فإذا جاء أمرٌ غالب كالوباء العام من غير تفريط من المشتري لم يحل للبائع إلزامه بالثمن؛ لعدم تمكّنه من قبضها القبض المعتاد, فتكون المنافع هنا معدومة فلا يصح قبضها ولا تدخل في ضمان المستأجر .
 لقول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أرأيت إنْ منعَ اللَّهالثمرة عن أخيك ، بما تستحل ماله ).

فالقبض في الإجارة لا يكون بمجرد التخلية؛ قال القاضي عبد الوهاب في الإشراف: (...لأن الثمار تؤخذ حالاً فحالاً، كالمنافع إنما تستوفى أولاً فأولاً، ثم إن المنافع إذا تلفت قبل مضي المدة كانت ضمان المكري، فكذلك الثمار يجب أن تكون من ضمان البائع، ودليلنا على أن مجرد التخلية في بيع الثمار لا يكون قبضاً بمجرد التخلية: اتفاقنا على أنها لو تلفت بعطش لكانت من البائع، فلو كانت مقبوضة بنفس التخلية لم يكن ضمانها من البائع بوجه كالعبد والثوب، وتحريره أن يقال: لأنها ثمرة مبيعة محتاجة إلى تبقيتها في النخل تلفت بآفة سماوية، فوجب أن تكون من البائع، أصله إذا تلفت بعطش. لأنه لما لم يكن للبائع مطالبة المبتاع بقطعها دل على أنها غير مقبوضة، ولم ينفع وجود التخلية كمن ابتاع طعاماً من رجل فكاله ليلاً، وخلى بينه وبينه، لم يلزمه نقله حتى يصبح، ولم يكن ملك التخلية قبضاً له).

وهذا بخلاف ما لو تمكن من القبض المعتاد وأغلق دكانه مثلا, فعدم انتفاعه لتفريطه, فيجب عليه دفع الإيجار, أو فسخ العقد ، لوجود جائحة لا يمكن انتفاعه من المحل بسببها ،ولا يوضع عنه شيء .

والقاعدة : ان الضمان يكون على البائع حتى يتمكن المشتري من القبض.
بخلاف البيع : لا يجوز من اشترى سلعة أن يبيعها حتى ينقلها من المكان الذي اشتراه فيه إلى مكان سواه ، إلا العقار فقبضه وجواز بيعه يكون بالتخلية، لأنه لا ينقل . 
ففرق بين البيع والضمان .

قال ابن رشد الجد في المقدمات: (...الجوائح تنقسم على قسمين:
أحدهما: ما لم يكن أمراً  غالباً  وأمكن دفعه والاحتراس منه.
والثاني: ما كان أمراً غالباً ولم يمكن دفعه والاحتراس منه.

فأما ما لم يكن أمرا غالبا وأمكن الاحتراس منه وقدر على دفعه فليس بجائحة أصلا.

وأما ما كان أمرا غالبا ولم يمكن دفعه ولا قدر على الاحتراس منه، فإن ذلك ينقسم على قسمين:

أحدهما: أن يكون ذلك من فعل الله تعالى ولا اكتساب لمخلوق فيه.

والثاني: أن يكون من اكتساب المخلوقين المكلفين.
فأما ما كان من فعل الله تعالى ولا اكتساب لمخلوق مكلف فيه، فلا اختلاف أنه جائحة يجب القضاء بها، كالريح تسقط الثمرة أو تفسدها. 
قال الله عز وجل {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: 42] وقال تعالى: {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [آل عمران: 117]، أو المطر قال الله عز وجل: {وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40]، أو البرد: قال الله عز وجل: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ} [النور: 43]، وكذلك ما أشبهه من الجراد والجليد والطير الغالب. وأما انقطاع الماء، فإنه جائحة في القليل والكثير بإجماع واتفاق، قال الله عز وجل: {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا} [الكهف: 41].

وأما ما كان من اكتساب المخلوقين المكلفين ولا يمكن الاحتراس منه كالجيش والسارق، فاختلف فيه هل هو جائحة أم لا فذهب ابن القاسم إلى أن ذلك جائحة، لأنه عنده مما لا يمكن الاحتراس منه، ولا يقدر على دفعه، وذهب ابن الماجشون ومطرف إلى أن ذلك ليس بحائحه، لأن ذلك مما يمكن عنده دفعه...)

والأقرب : أنه إذا لم يمكن دفعه ولا تضمينه فهو في حكم الجائحة .

* والإجارة عقد لازم, لا ينفسخ إلا بسبب كتلف العين, أو المنع من الانتفاع بالعين بسبب لا يمكن الاحتراز منه, أو النقص.

وإذا تلفت العين في أثناء مدة الإجارة انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة دون ما مضى, فيدفع المستأجر الأجرة بقدر ما انتفع به في الماضي.ويكون ذلك بقسطه من الثمن بحسب قدر المنفعة لا بحسب الوقت .

وتعطل منفعة العين في الجائحة على أحوال:
الأولى: أن تتعطل من كل وجه فلا يبقى فيها منفعة, فهنا كالتالفة, وينفسخ العقد بنفسه.

الثانية: أن يتعطل منها بعض مقصود العقد ويبقى بعضٌ بأن يزول بعض نفعها ويبقى بعض, فهنا تنقص الأجرة بقدر زوال بعض المنفعة, وللمستأجر أن يفسخ الإجارة؛ لذهاب كمال مقصوده, ولأنه كالعيب.

الثالثة: أن يتعطل نفعها بعض المدة, فهنا يلزمه من الأجرة بقدر ما انتفع.

الرابعة: أن يتعطل منها المقصود من العقد بالكلية وتبقى منفعة أخرى, كأن يتعطل المقصود من عقد الدكان وهو البيع وتبقى منفعة غير مقصودة وهي التخزين, فللعلماء قولان:
أحدهما: تبطل الإجارة. وهو قول أكثر العلماء؛ لأن هذه المنفعة لما لم تكن هي المقصودة بالعقد كان وجودها وعدمها سواء.
والثاني: يملك الفسخ.
والأقرب هو الأول : لأن المقصود بالعقد معتبر في الشرع ، وله نظائر كثيرة .

* وبحسب التقعيد السابق يترتب على نازلة وباء فيروس كورونا الذي تسبب في إغلاق كثير من المحلات خشية انتشار هذا الوباء  ما يلي :
* لكل من المؤجر والمستأجر فسخ عقد الإجارة لوجود الضرر المنتفي شرعاً بقوله صلى الله عليه وسلم :( لا ضرر ولا ضرار ).
* للمؤجر والمستأجر :  التراضي على عدم الفسخ؛ لوجود منفعة أخرى كالتخزين مثلاً ، بعقد جديد ، وأجرة مناسبة لهما .
* الثمن الذي يثبت للمؤجر من الأجرة ، يكون  بقدر المدة التي انتفع بها المستأجر ، وذلك إذا تعذر عليه الفسخ ، لوجود ضرر  عظيم غير متحمل عرفاً ، والقاعدة : لا ضرر ولا ضرار .
وأما إذا لم يترتب على المستأجر  ضرراً - غير متحمل عرفاً - في الفسخ ،واختار بقاء العقد الأول ، فإنه يلزم بالدفع للأجرة كاملة، أو يفسخ العقد الأول ، وتقدر الأجرة بقسطها من الثمن بحسب قدر المنفعة .
يبيعها حتى ينقلها من المكان الذي اشتراه فيه إلى مكان سواه ، إلا العقار فقبضه وجواز بيعه يكون بالتخلية، لأنه لا ينقل . 
ففرق بين البيع والضمان .

قال ابن رشد الجد في المقدمات: (...الجوائح تنقسم على قسمين:
أحدهما: ما لم يكن أمراً  غالباً  وأمكن دفعه والاحتراس منه.
والثاني: ما كان أمراً غالباً ولم يمكن دفعه والاحتراس منه.

فأما ما لم يكن أمرا غالبا وأمكن الاحتراس منه وقدر على دفعه فليس بجائحة أصلا.

وأما ما كان أمرا غالبا ولم يمكن دفعه ولا قدر على الاحتراس منه، فإن ذلك ينقسم على قسمين:

أحدهما: أن يكون ذلك من فعل الله تعالى ولا اكتساب لمخلوق فيه.

والثاني: أن يكون من اكتساب المخلوقين المكلفين.
فأما ما كان من فعل الله تعالى ولا اكتساب لمخلوق مكلف فيه، فلا اختلاف أنه جائحة يجب القضاء بها، كالريح تسقط الثمرة أو تفسدها. 
قال الله عز وجل {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ} [الذاريات: 41] {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} [الذاريات: 42] وقال تعالى: {كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [آل عمران: 117]، أو المطر قال الله عز وجل: {وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40]، أو البرد: قال الله عز وجل: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ} [النور: 43]، وكذلك ما أشبهه من الجراد والجليد والطير الغالب. وأما انقطاع الماء، فإنه جائحة في القليل والكثير بإجماع واتفاق، قال الله عز وجل: {أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا} [الكهف: 41].

وأما ما كان من اكتساب المخلوقين المكلفين ولا يمكن الاحتراس منه كالجيش والسارق، فاختلف فيه هل هو جائحة أم لا فذهب ابن القاسم إلى أن ذلك جائحة، لأنه عنده مما لا يمكن الاحتراس منه، ولا يقدر على دفعه، وذهب ابن الماجشون ومطرف إلى أن ذلك ليس بحائحه، لأن ذلك مما يمكن عنده دفعه...)

والأقرب : أنه إذا لم يمكن دفعه ولا تضمينه فهو في حكم الجائحة .

* والإجارة عقد لازم, لا ينفسخ إلا بسبب كتلف العين, أو المنع من الانتفاع بالعين بسبب لا يمكن الاحتراز منه, أو النقص.

وإذا تلفت العين في أثناء مدة الإجارة انفسخت الإجارة فيما بقي من المدة دون ما مضى, فيدفع المستأجر الأجرة بقدر ما انتفع به في الماضي.ويكون ذلك بقسطه من الثمن بحسب قدر المنفعة لا بحسب الوقت .

وتعطل منفعة العين في الجائحة على أحوال:
الأولى: أن تتعطل من كل وجه فلا يبقى فيها منفعة, فهنا كالتالفة, وينفسخ العقد بنفسه.

الثانية: أن يتعطل منها بعض مقصود العقد ويبقى بعضٌ بأن يزول بعض نفعها ويبقى بعض, فهنا تنقص الأجرة بقدر زوال بعض المنفعة, وللمستأجر أن يفسخ الإجارة؛ لذهاب كمال مقصوده, ولأنه كالعيب.

الثالثة: أن يتعطل نفعها بعض المدة, فهنا يلزمه من الأجرة بقدر ما انتفع.

الرابعة: أن يتعطل منها المقصود من العقد بالكلية وتبقى منفعة أخرى, كأن يتعطل المقصود من عقد الدكان وهو البيع وتبقى منفعة غير مقصودة وهي التخزين, فللعلماء قولان:
أحدهما: تبطل الإجارة. وهو قول أكثر العلماء؛ لأن هذه المنفعة لما لم تكن هي المقصودة بالعقد كان وجودها وعدمها سواء.
والثاني: يملك الفسخ.
والأقرب هو الأول : لأن المقصود بالعقد معتبر في الشرع ، وله نظائر كثيرة .

* وبحسب التقعيد السابق يترتب على نازلة وباء فيروس كورونا الذي تسبب في إغلاق كثير من المحلات خشية انتشار هذا الوباء  ما يلي :
* لكل من المؤجر والمستأجر فسخ عقد الإجارة لوجود الضرر المنتفي شرعاً بقوله صلى الله عليه وسلم :( لا ضرر ولا ضرار ).
* للمؤجر والمستأجر :  التراضي على عدم الفسخ؛ لوجود منفعة أخرى كالتخزين مثلاً ، بعقد جديد ، وأجرة مناسبة لهما .
* الثمن الذي يثبت للمؤجر من الأجرة ، يكون  بقدر المدة التي انتفع بها المستأجر ، وذلك إذا تعذر عليه الفسخ ، لوجود ضرر  عظيم غير متحمل عرفاً ، والقاعدة : لا ضرر ولا ضرار .
وأما إذا لم يترتب على المستأجر  ضرراً - غير متحمل عرفاً - في الفسخ ،واختار بقاء العقد الأول ، فإنه يلزم بالدفع للأجرة كاملة، أو يفسخ العقد الأول ، وتقدر الأجرة بقسطها من الثمن بحسب قدر المنفعة .

محمد سعد الهليل العصيمي / كلية الشريعة / جامعة أم القرى / مكة المكرمة

هناك تعليقان (2):

  1. البحث مسروق من الشيخ أحمد النجار... العصيمي على خطئ القرني في السرقة

    ردحذف
  2. يا شيخ من المشين سرقة جهود شخص آخر ونسبته للنفس .
    إستحلفتك بالله الذي خلقك ولا تنسى أنك مسؤول يوم القيامة أليس هذا البحث مبني على بحث الشيخ الدكتور أحمد محمد النجار ؛ الليبي ؟
    إستحلفتك بالله أن تجيب على سؤالي

    ردحذف

شحن السلع مجاني

الشراء عبر الإنترنت - وطرق شحن معتمدة

حجز السلع عبر الإنترنت