حكم وصف وباء كورونا :بأنه من جند الله تعالى :
————-
لا بأس أن يطلق على فيروس كرونا أنه جند من جند الله تعالى .
وذلك للأسباب التالية :
١ - لقوله تعالى : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)، وقال تعالى ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ).
فكل الملائكة والإنس والجن والرياح والماء وغيرها مما نعلم وما لا نعلم من جند الله تعالى ، يسلط الله تعالى من شاء من ذلك على من يشاء إذا شاء. فمرة يهلك عباده بالريح ومرة بالماء ومرة بصيحة ملك ، وغير ذلك مما يقيضه الله تعالى لقهر أعدائه وإهلاكهم أو ينصر به أولياءه.
قال ابن سعدي :( كرر الإخبار بأن له ملك السماوات والأرض وما فيهما من الجنود، ليعلم العباد أنه تعالى هو المعز المذل، وأنه سينصر جنوده المنسوبة إليه، كما قال تعالى: ( وإن جندنا لهم الغالبون)
( وكان الله عزيزا ) أي: قويا غالبا، قاهرا لكل شيء، ومع عزته وقوته فهو حكيم في خلقه وتدبيره، يجري على ما تقتضيه حكمته في مخلوقاته ، فهم تحت مشيئة الله تعالى وقدرته ويسخرهم في تحقيق إراته يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو القوي العزيز .
٢ - ولقوله تعالى : (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ) .
وقال اللهُ تبارك وتعالى : (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (49) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ) .
ففي هذه الآية دليل على أن الذي سلط عليهم العذاب ، هو الله تعالى حيث قال سبحانه : ( فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادم والدم )
وهي جند من جنود الله تعالى يسلطها على من شاء من عباده .
٣ - ولقوله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون : هُوَ عَذَابٌ أَوْ رِجْزٌ أَرْسَلَهُ اللَّهُ عَلَى طَائِفَةٍ مِن بَنِي إِسْرَائِيل ، أَوْ نَاسٍ كَانُوا قَبْلَكُم. رواه البخاري ومسلم .
و الذي أرسَل الوَباء وسَلَّطَه هو الله ، وهو الذي يَرْفَعُه إن شاء ، ولا قُدرة ولا طاقة للبَشَر بِرَفْعه إذا لم يُرِد الله رَفْعه .
كما أنه لا يَشفِي مِن الدّاء إلاّ الله .
ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في رُقية المريض : أَذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أنت الشَّافِي ، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا . رواه البخاري ومسلم .
ولقوله صلى الله عليه وسلم في قصة الغلام للرجل الذي كان أعمى ( اما أنا فلا أشفي ، والشافي هو الله ، فإن إمنت بالله تعالى ، دعوت الله لك فشافاك ).
وهذا لا يعارض الأخذ بأسباب الشفاء الحسية والشرعية ، ولكن الشافي هو الله تعالى وحده لا شريك له .
٤ - ولأنه تحقق فيه من الخير ما تحقق بجنود الله تعالى ، وإن كان فيه مفسدة من منع الجمعة والجماعة، ولكن مصلحته أعظم .
فإن آثاره الّتي نتجت منه وهي معرفة عظمة قدرة الله بين البشر ملحدهم ومؤمنهم، وإغلاق مجامع الشّرّ كلّها ، ورفع الأذان في بعض عواصم العالم كبرلين، وبثّ القرآن والخير في أربعة عشر إذاعة في بريطانيا ، ونحو ذلك ،وبه يعرف النّاس الإسلام وسماحته ويدخلون في دين الله أفواجا إن شاء الله. ومنها : إرغام أنوف الأعداء واستسلامهم على الملأ ونظرهم إلى السّماء راجين مجيء الفرج منها.
٥ - ولأن في تسميته بالجند، فائدة تسليط الأضواء على أنّ الكون مدبّر من الله وأنّه ليس صدفة ، وأنّ ذلك واقع بقضاء الله وقدره الكونيّ والله باعثه بحكمة ،إضافة إلى ما نتج منه من آثار عظيمة أكثرها نافعة.
وهذا كفيل بتسميته بهذه التّسمية لأنّه تحقّقت به من الخير ما يتحقّق بأيدي جنود الله.
٦ - أن تسميته بجند من جنود الله ليس فيه تشريف خاصّ ؛ لأنّ جنود الله قسمان جنود خواصّ وهم الملائكة والمكلّفون المطيعون، وجنود مسخّرون يدخلون في الجنديّة العامّة الّتي هي بمثابة العبوديّة العامّة.
٧ - أنّ حديث إرسال الله للطّاعون ،وأنّه رجس ليس دليلا على ذمّه وسلْب الجنديّة منه ؛ لأنّ الرّجس هنا بمعنى العذاب ، وجنود الله أنواع منها جنود رحمة ومنها جنود عقاب وعذاب.
٨ - أن مطالبة من سمّاها جندا بدليل خاصّ فيها نظر ؛ لأنّ الدّليل لا يلزم أن يكون خاصّا في كلّ حين فقد يكون عامّا وقد يكون بالتّعليل كما هو معلوم.
وممّا يدلّ على أنّ في الأمر سعةً تسمية بعض السّلف القصص جندا من جنود الله لتأثيرها في القلوب وحملها على العمل والإنابة والمحاسبة.
٩ - أن تسميتَه بالجند قياسٌ على المؤمنين ؛ لأنّ المؤمنين صاروا جنود الله لقيامهم بتحقيق مطالب الله الشّرعيّة في الكون ،ومقارعة المبطلين وكفّهم عن إيذاء العباد والبلاد ، والدّفاع عن الحقّ ، وهذه الأمور حصلت بهذا المرض فهو في هذه الجهة وفي النظر إلى آثاره وتسليطه الضوء على قدرة الله وإرغامه أنوف المستكبرين شابهَ الجنود الخواصّ ومن شابه شيئا أخذ مأخذه وانتسب إليه بوجه من الوجوه.
والله تعالى اعلم .
محمد بن سعد الهليل العصيمي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق