حكم تصرف البائع والمشتري في الثمن والمثمن في زمن الخيار .
الثمن إذا كان في الذمة ولم يعينه فلا حرج في التصرف فيه ، لأن الثمن ثابت في الذمة ولم يعيّن.
أما إذا كان الثمن معيناً، كقولك : بعتك هذا الكتاب بهذه المائة . عينت المال ، ولي الخيار ثلاثة أيام .
من أهل العلم من قال يحرمة التصرف في المثمن والثمن المعين مدة الخيار؛ولا يصح لأن في تصرفه مدة الخيار اعتداء على حق الغير وقد قال صلى الله عليه وسلم ( إن دماءكم وأموالكم واعراضكم عليكم حرام ).وهذا من الاعتداء على الأموال.ولا يصح لأن النهي يقتضي الفساد.
ولأن علائق البيع والشراء في مدة الخيار لم تنقطع , حتى يكون لكل منهما حرية التصرف بعد الإيجاب والقبول.
ومن أهل العلم من قال : إن تصرف البائع والمشتري- إذا كان لكل واحد منهما الخيار- موقوف : إن فسخ البائع بطل ،وإن لم يفسخ صح لعدم المبطل . والعبرة بالمنظور لا بالمنتظر.
ولأن النهي في المعاملات إذا كان لحق المخلوق ، فإن صاحب الحق بالخيار بين الإمضاء والفسخ : لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا تلقوا الجلب، فمن تلقى الجلب فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار) ولحديث ( لا تصروا الإبل والغنم،فمن ابتاعها بعد أن يحلبها فهو بالخيار ثلاثة أيام ، أن شآء أمسكهما ،وإن شآء ردها وصاعاً من تمر).
وهذا في نظري أقرب ، لأن النهي لا يقتضي الفساد في المعاملات إذا كان النهي لحق المخلوق ؛ لما سبق من الأدلة .فلا يجوز أن يتصرفا في الثمن المعين أو المثمن مدة الخيار - إذا كان لهما- تصرفاً يضر بأحدها ، ( لاضرر ولا ضرار). فإن تصرف أحدهما بما يضر بالآخر، كان نفوذه موقوفاً على صاحب الحق. وأما إذا كان التصرف فيه منفعة لأحدهما ولا ضرر على الآخر فيه ، كان تصرفه فيه والحالة تلك مباحاً، لأن كل ما فيه منفعة لأخيك ولا ضرر عليك فيه فلا يحق لك منعه منه، لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ). ومن باب أولى جواز التصرف فيهما إذا كانت المنفعة لهما ولا ضرر عليهما . أو كانت هناك مصلحة للمبيع ولا ضرر عليهما كتجريبه للسلعة، فلا حرج . وعلى هذا يجوز للمصرف في عقد المرابحة للآمر بالشراء عند شرائه للسلعة من البائع الأول أن يشترط خيار الشرط خشية عدول العميل ، ثم يعرضها للآمر بالشراء خلال مدة الخيار ولا يعتبر عرضها فسخاً لذلك الخيار، ،فإن رغبها وإلا ردها المصرف للبائع الأول .وأما إذا كان المصرف لا يشتري السلعة من البائع الأول وإنما يعقد معه اتفاقية على أنه راغب في الشراء،ويلتزم مالك السلعة بعدم بيعها في المدة المشترطة ، فهذا الاتفاق لا يعني أن السلعة صارت مملوكة للمصرف. ولا يجوز بيع السلعة قبل ملكها ، ونقلها من المكان الذي بيعت فيه إلى مكان لا يختص بالبائع ، أو تخليتها إذا كانت عقاراً.- كما سبق في حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء - . والله تعالى أعلم .
كتبه / محمد بن سعد الهليل العصيمي/ جامعة أم القرى / كلية الشريعة / مكة المكرمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق